هيئة التحرير
المهاجم القناص هكذا وُصِف الشهيد اللاعب أحمد دراغمة، وذلك لبراعته في لعب كرة القدم ومهارته الكبيرة بها، فهو ذلك اللاعب الذي يقتنص الكرة من أقدام اللاعبين المنافسين، وهو اللاعب الذي يُرواغ منافسيه لحين وضع الكرة في المرمى، ذلك هو أحمد دراغمة صانع البهجة وباسم البسمة على وجوه كل من يعرفه داخل الملعب وخارجه.
أحمد ابن الثالثة والعشرين ربيعاً واللاعب المهاري والفنان الرياضي المحترف، الذي يلعب لصالح نادي ثقافي طولكرم في الموسم الآخير بعد انتقاله إليه قادمًا من نادي مدينته طوباس، والذي أضحى في فترة ذهاب الدوري هداف الفريق لهذا الموسم ب٦ أهداف وأصبح أيضاً رابع هدافي الدوري، قتله قناص الاحتلال برصاصتين اخترقت ظهره وقدمه التي لطالما جرت على أرض المستطيل الأخضر وَمَتعَت أنظار الجماهير الحاضرة والمدربين واللاعبين برفقته .
صدمة الاستشهاد
يقول محمود دراغمة مدرب فريق ثقافي طولكرم إن خبر استشهاد أحمد وقع عليه كالصاعقة، فكان بمثابة فاجعة حيث تلقى خبر استشهاده الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، لكنه لم يُصدق الخبر في بدايته قبل أن يتأكد منه بعد نشر الكثير من الصور والأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، فكان صدمة كبيرة له وفق ما يقوله في حديث ل” بالغراف” .
بدوره يقول عمر الفيصل كابتن فريق طوباس وأستاذ الرياضة في مدرسة طوباس في حديث ل ” بالغراف” أن وقع استشهاد أحمد عليه كان كالصدمة، ففي منتصف الليل عندما كان نائمًا فجاءته العديد من المكالمات والتي فاق على إثرها من النوم، ليتفاجأ من اتصال أخيه به وإخباره باستشهاد أحمد الذي لم يستوعبه في البداية ولفترة من الوقت، ليذهب لرؤيته بعدها فكان بمثابة الصدمة بالنسبة له، وبعدها بدأ التحضير للتشيع حتى بدأ يستوعب ما يجري وأنه لن يرى أحمد مجدداً، مضيفاً أن ذلك كان صدمة كبيرة له بأن أحمد لن يتمشى بالطريق ككل يوم ولن يطرح عليه السلام المرفق بضحكته ككل مرة .
من جانبه أكد اللاعب في فريق ثقافي طولكرم عبد أبو شنب أن خبر استشهاد أحمد شكل صدمة عليه وعلى الزملاء والنادي والمحافظة ومحافظات الوطن أيضاً.
فيما يقول اللاعب في فريق ثقافي طولكرم أسامة الصباح أنه صُدُم وزملاؤه بالفريق بخبر استشهاد زميلهم أحمد دراغمة، حينما تبلغوا باستشهاده ليلًا فكان بمثابة الصدمة والفاجعة لهم.
أحمد اللاعب
لم يكن أحمد يُضيع أي دقيقة في الملعب، فكان يقاتل على الكرة ليمتلكها بسرعة، وما إن يمتلكها فحتمًا مصيرها المرمى، ليرسم البسمة على وجوه رِفاقه اللاعبين.
وبخصوص ذلك يقول مدربه محمود دراغمة أن أحمد لاعب مجتهد ومثابر ويستغل كل دقيقة له بالملعب، وهو لاعب هداف ومقاتل في الملعب، مؤكداً أنه عندما تصله الكرة داخل الملعب فإنه يصنع بها فارقاً كبيراً بتسجيله لهدف أو صنعه لهدف، مضيفاً أن نزوله في بداية المباراة أو في نهايتها فإن أداءه يكون نفسه، حيث يقاتل على كل كرة ويحاول التسجيل، حتى وإن كان مصاباً فهو لعب عدة مباريات وهو مصاب، حيث في مباراته الأخيرة التي لعبها ضد مخيم الأمعري وسجل بها هدفين، كان عائدًا من إصابته ولم يكن متشافي بشكل كامل .
وأكد أن أحمد لعب ستة مباريات من أصل ١١ مباراة في ذهاب دوري المحترفين، سجل خلالها ستة أهداف وفي المباريات التي لم يلعبها كان يعاني فيها من الإصابة، مؤكداً أنه كان لاعباً منضبطًا ومتعاون مع الفريق والمجموعة ويتلقى التعليمات ويطبقها داخل الملعب، ويفعل كل شيء يُطلب منه وحتى أنه يفعل أشياء إيجابية داخل الملعب لم تُطلب منه، فهو موهبة وهداف بالفطرة حينما تصله الكرة يسجل بها هدفاً، وهذا ما يؤكده أيضاً زميله بالفريق اللاعب أسامة الصباح بأن أحمد كان لاعباً هداف، وهو هداف الفريق وكان أيضاً من ضمن هدافي الدوري.
فيما يرى عمر الفيصل أن مستوى احمد الرياضي كان عالياً ومتميزاً رغم صغر سنه، فهو لديه نضج كروي ويملك عقلًا أكبر من سنه فهذا كان يساعده على التطور والظهور في الساحة الكروية الرياضية فهو ذو مستوى عال، مضيفاً أن أحمد كان شخصاً اجتماعيا بشكل كبير إضافة إلى سرعة انخراطه مع المجموعة ومع اللاعبين فساهم ذلك بشكل كبير بتطور مستواه
وأوضح أن أهدافه دائمًا ما تكون في أوقات حساسة، مستذكرًا هدفه في نادي بلاطة في أول عام لهم في دوري المحترفين، فسجل هدفاً قاتلاً في الدقائق الأخيرة من المباراة وبسببه حقق نادي طوباس فوزاً على نادي بلاطة لأول مرة ولم يُعاد هذا الفوز حتى الآن.
أحمد الإنسان
لم يكن أحمد لاعباً مهاريًا ومتفوقًا فحسب بل كان شاباً خدوما، ذو أخلاق عالية، دائم البسمة وشجاعًا في مواقف كثيرة
وحول ذلك يقول زميله بالفريق عبد أبو شنب أن أحمد كان لاعباً خلوقًا ومجتهدًا ومؤدي لفروض الصلاة، وكان مرحا بشوشا لا تفارق الابتسامة وجهه.
وأكد عمر الفيصل الذي كان أيضاً أستاذ أحمد في المدرسة أنه كان شخصاً محبوباً بين رفاقه الطلبة وبين معلميه، فهو شخصية ذو أخلاق عالية وجميلة، فكان قريباً من الجميع من الطلبة والمعلمين، ومضيفا أن علاقته معه كانت علاقة صداقة أكثر من كونها علاقة استاذ بتلميذه فكان قريباً منه يستشيره ويستمد منه النصائح، فهو كان ذو علاقة اجتماعية واسعة بالمدرسة فالكل كان مجتمعًا على حبه، مؤكداً أنه كان يشارك معهم في دوريات المدراس وكان هدافا في المدرسة .
واشار إلى أنه كان دائم الابتسامة ومحبوبًا من الجميع، وكان زاهداً ويحب مساعدة الآخرين وشهمًا وشجاعًا ويقف مع الجميع وذو مواقف إيجابية، فهو ينحدر من عائلة تمتاز بهذه الصفات.
بدوره يؤكد زميله بالفريق أسامة الصباح أن أحمد كان طيب القلب وقريباً من الجميع ولا يوجد أفضل منه، فهو يحظى بحب الجميع في الفريق.
فيما يرى مدربه محمود دراغمة أنه كان انسان دائماً مرحًا ومبتسمًا مع كل شخص، وخلوق ومؤدب ومحبة للجميع ومحبوبا من الجميع، وكان محترمًا ذو أخلاق عالية ومتقبلا للرأي الآخر ولديه شخصيته وكاريزما خاصة به .
لو لم يستشهد أحمد
كان اجتهاد أحمد ومهاراته يُنبؤ بمستقبل كبير ومُشرق له محليًا وعالميًا، فهو اللاعب الذي كان يمتلك مهارات كبيرة ويحظى بمتابعة مهمة بين مدربين الفِرق اللذين كانوا يتابعونه عن كثب.
وحول ذلك يقول محمود دراغمة أنه درب احمد أربع سنوات في نادي طوباس وكان علامة فارقه بالفريق وسجل ثمانية اهداف في دوري الاحتراف الجزئي قبل أن يرتفع الى الاحتراف الكلي، قبل أن يكون معه في الاحتراف ويسجل خمسة أهداف أيضاً، حيث كان لاعباً بديلاً فكان يلعب لدقائق قليلة قبل أن يقوموا بإعطائه المزيد من الدقائق داخل الملعب، مضيفاً أنه في أي دقيقة يدخل بها أرضية الملعب فإنه يصنع فارقاً.
ويستذكر الشهيد أحمد في مباراته ضد فريق بلاطة حيث كان متبقي دقيقتين على انتهاء المباراة، حيث سجل هدفاً وساهم في فوز فريق طوباس في أول مرة يشارك بها الفريق في دوري المحترفين، مضيفاً أنه حتى في فريقه ثقافي طولكرم سجل ستة أهداف في ست مباريات.
وأكد أن أحمد كان لديه طموح كبير، فطموحه كان أن يلعب مع المنتخب الوطني ويمثله أفضل تمثيل، مؤكداً أنه حصل على العديد من الاتصالات خلال الفترة الماضية من الأندية الكبرى هنا في أرض الوطن، ولكنه رفض نتيجة التزامه مع فريق ثقافي طولكرم ونتيجة رضاه الكبير وراحته في هذا الفريق
وأوضح أنه خاض تجربة تمثيل فلسطين مع المنتخب الأولمبي قبل ثلاثة سنوات في الفارعة ولعب لمدة أسبوعين، ولكن نتيجة إصابته فإنه لم يستطع استكمال باقي المباريات، فهو ذو طموح عال جداً.
من جانبه يقول عبد أبو شنب أن أحمد كان لاعباً سيكون من الطراز الرفيع لو لم يقتله الاحتلال، وكان لاعباً طموحا يطمح بالانضمام للمنتخب الوطني وتمثيل فلسطين بالمحافل الدولية، وأنهم كانوا يفتقدون أحمد عندما يُصاب ولا يلعب معهم، والان سيفتقدونه بشكل أكبر، مضيفا أن المحافظة بأكملها ستفتقده وليس فقط الفريق، مؤكدا أنهم كلهم يمثلون أحمد في الفريق، مشيراً إلى أنهم أطلقوا مبادرة لتسمية دوري المحترفين باسم الشهيد أحمد دراغمة
ولفت عمر الفيصل أن أحمد لو لم يستشهد كان سيكون محط أنظار المدربين المحليين، فهو ذو سجل تهديفي جميل ومميز وهو قناص يعلم كيف يسجل الأهداف، فهو سجل ستة اهداف من ستة مباريات لعبها، فهو لديه حس تهديفي عال جداً، ولو لم يتعرض لإصابات كان سِجل أهدافه أكبر من ذلك بكثير، فكان سيكون محط أنظار المدربين ومن ثم بعدها ينتقل للمنتخب وربما ينتقل لنادي من اللذين ينافسون على اللقب فيصبح محط أنظار الإعلام ويؤثر ذلك على مستقبله وتكون لديه فرصة كبيرة للاحتراف في الخارج فمستواه كان مُبشرًا، ولديه شيء كبير يقدمه
ويرى زميله أسامة الصباح أن أحمد لو لم يستشهد كان سيحظى بمستقبل كبير في كرة القدم .
الاحتلال وقتل الأحلام
ليس أحمد اللاعب الرياضي الوحيد الذي قتله الاحتلال هذا العام، فقتله قبله لاعبين آخرين، وقتل من قبلهم العديد من الشبان الذين يملكون أحلاماً وطموحات لم يحققوها.
وحول ذلك يقول لاعب هلال القدس محمد مراعبة أن لدى اللاعبين الفلسطينيين أحلام وطموحات لتحقيقها، ولكن يأتي الاحتلال ويقتل هذه الطموحات والأحلام التي كان يسعون لتحقيقها
فيما أكد عمر الفيصل أن وراء كل شب يستشهد قصة وحلم، ومن الممكن في أي لحظة أن يستشهد أي شاب ويكون لديه حلم، فالاحتلال قتل الكثير من الأحلام ومستمر في ذلك ولن يتوقف عن قتل الشبان.
مطالبات بالحماية الدولية
وطالب محمود دراغمة العالم أجمعه بحماية اللاعبين وحماية المنظومة الرياضية في فلسطين من الاحتلال، فهو يمنع اللاعبين من التنقل من بلد لآخر ومن دولة لأخرى، فهناك عدد من الأسرى لاعبين وهناك أيضًا شهداء قبل أحمد، فعلى المنظمات الدولية إيقاف الاحتلال ومنعه من اغتيال الرياضيين ومن تقييد حركتهم وممارسة أنشطتهم الرياضية
فيما طالب اللاعب محمد مراعبة الجهات المختصة بتقديم الحماية للاعبين كرة القدم، مؤكداً أن الرياضيين الفلسطينيين وبحكم الحياة تحت الاحتلال فإنهم معرضين لكل الاحتمالات من الاغتيال أو الاعتقال أو أي شيء آخر