حلوة عاروري
قيادية مثابرة ناجحة، عُرفت بدفاعها عن الأسرى، ووقفت بشموخ المرأة الفلسطينية التي تدافع عن أبناء شعبها وتوثق انتهاكات الأسرى ومعاناتهم، تلك هي المحامية بثينة دقماق، والتي أصبحت أول فلسطينية مقدسية تترأس الشبكة القانونية للنساء العربيات.
بثينة دقماق ابنة مدينة القدس عرفت طريقها منذ البداية، واتبعت حلمها واليوم أصبحت رئيسة للشبكة القانونية للنساء العربيات، فتقول في حديث ل ” بالغراف” أن حصولها هذا العام على رئاسة الشبكة جاء بعد إجماع أعضاء الشبكة في الانتخابات التي حصلت قبل عدة أيام في الاردن، لتكون أول فلسطينية تحصل على رئاسة الشبكة، مؤكدة أن هذا الفوز يعني الكثير بالنسبة لها، حيث يُمَكِنُها من تقديم العون والإفادة للمحاميات حديثات التخرج، اللواتي يحتجن إلى النصح والإرشاد من ذوي الخبرة والتجربة.
ستعمل دقماق منذ الآن على إقامة فرع للشبكة في فلسطين، حتى تستطيع تحقيق أكبر إفادة للقانونيات في فلسطين واللواتي لم يكن يستطعن الحصول على العديد من الخدمات التي تقدمها الشبكة، كونها في الخارج وليس لديها فرع هنا، مضيفة إلى عملها وباقي الأعضاء على عقد الدورات التدريبية في فلسطين، وباقي الدول حتى يتم تحقيق أكبر استفادة.
وانضمت دقماق إلى الشبكة قبل حوالي ثماني سنوات كعضوة فيها، ولكن في العام ٢٠١٧ خاضت الانتخابات وحصلت على نائبة الرئيس في تجربة اعتبرتها بالمفيدة لها والجميلة، حيث استطاعت تشبيك علاقات مع القانونيات من مختلف الدول العربية وتبادلت الخبرات معهن، مشددة على مدى أهمية ذلك، إضافة إلى التعاون معهن في المهن القانونية والتطوير الفكري الذي تحصلت عليه، وأيضًا التطوير في المجتمع العربي وتشجيع الأبحاث والتأليف وتعزيز دور المرأة في مختلف المهن، وتعديل التشريعات في الدول العربية بما يتوائم وحقوق الانسان، إضافة إلى دعم وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار.
وشددت على أن وجودها في رئاسة الشبكة يعبر على أهمية أن تكون فلسطين حاضرة ومتواجدة في كافة المحافل سواء الإقليمية أو العالمية وخاصة في مراكز صنع القرار، مؤكدة على أهمية عقد الدورات التدريبية وورش العمل للقانونيات في مختلف المهن التي يمارسونها، مضيفة أن وجودها في رئاسة الشبكة يضيف لحياتها شيئًا جديدًا ومهمًا، كونها شبكة إقليمية عربية.
الشبكة القانونية للنساء العربيات
أكدت دقماق أن فكرة تأسيس شبكة النساء القانونيات بالعالم العربي تبلورت عام ٢٠٠٤ في الأردن بعد اجتماع ٩٠ سيدة، حيث فكروا بخلق جسم قانوني للقانونيات في الوطن العربي، وفي عام ٢٠٠٥ تم تسجيل هذا المنبر في الأردن تحت رعاية الملكة رانيا العبد الله بمشاركة ١٦ دولة عربية، على أن تكون عضوية الهيئة الإدارية منهما سبعة أعضاء، عضوتين أردنيتين بصفتها دولة المقر والخمسة المتبقيات من الدول الأخرى، حيث تضم الآن أكثر من ٢٥٠ عضوة.
وانطلقت الشبكة ببرنامج قانونيات رائدات من أحد عشرة حلقة، تضمنت العديد من ورش العمل، التي ناقشت مواضيع قانونية تهم الدول العربية مجتمعة، وتأسست الشبكة على أنها مؤسسة اقليمية عربية غير ربحية، مقرها الأردن مع إمكانية فتح فروع لها داخل الأردن وخارجها.
ووفق دقماق فإن الهدف من هذه الشبكة هو توفير منبر لتبادل الخبرات والتجارب، ومناقشة التحديات وإقامة تدريبات متخصصة وبرامج تطوير مهني، وأيضًا رفع الوعي القانوني، وتعزيز القدرات للنساء، إضافة إلى تمكين المرأة العربية من عقد شراكات مع المؤسسات الرسمية، وخاصة مع أركان العدالة “وزارة العدل، ومجلس القضاء”، إضافة إلى إجراء البحوث وعقد الورشات التوعوية بما تقضيه المصلحة.
للشبكة العديد من المميزات التي تتحدث عنها دقماق منها ضمها لقاضيات كعضوات بداخلها، وهذه ميزة اختصت بها هذه الشبكة فقط، فالقاضيات بالعادة لا يُسمح لهن بالانضمام إلا للمؤسسات التي تخص الجهاز القضائي ولكن هذه الشبكة استطاعت ضم القاضيات من مختلف دول العالم، كما أن الشبكة تتميز بالقدرة على بناء علاقات مع جهات حكومية، وإقامة علاقات مع مؤسسات المجتمع المدني، فهي تهدف لتشكيل لوبي ضاغط لتعديل التشريعات، إضافة إلى تميزها بجسمها العروبي حيث ينضم تحت إطارها العديد من القانونيات من المهن المختلفة.
من هي بثينة دقماق
بثينة دقماق ابنة مدينة اللد المحتلة، واللاجئة التي أصبحت تحمل الهوية المقدسية، ولدت عام١٩٥٧، درست الحقوق في جامعة بيروت ثم عادت إلى أرض الوطن للتدريب عام ١٩٨٤، عملت منذ بداية العام ١٩٨٩ وحتى يومنا هذا على توثيق المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال، وذلك من خلال مؤسسة مانديلا المختصة بشؤون الأسرى والمعتقلين، إضافة إلى عملها في الكثير من المؤسسات الفلسطينية وترأسها للعديد من المناصب في مؤسسات الوطن، حيث كانت أول امرأة تدخل جمعية رجال الأعمال، إضافة إلى كونها عضوة في الهيئة الإدارية في مؤسسة شباب البيرة، وكانت أيضًا من المؤسسين للشركة الوطنية للتأمين والشركة الوطنية للاستثمار والإنماء والتي تشغل الآن عضو مجلس إدارة بها، وشغلت دقماق منصب أمينة الصندوق في طاقم شؤون المرأة وأمينة الصندوق في جمعية المحكمين الفلسطينيين، وأمينة السر في جمعية النهضة النسائية، إضافة إلى عدد من المؤسسات الأخرى.
وعن عملها في مؤسسة مانديلا المختصة بتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى، فأكدت أنها كانت تقضي نصف وقتها داخل سجون الاحتلال، حيث كانت تدخل لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال، إضافة إلى تمثيلها للأسرى في المحافل وتقديمها لشهادتها إلى الجهات المختصة ومشاركتها في عدد من المؤتمرات العالمية منها مؤتمر الجزائر، إضافة إلى تقديم شهادتها سنويًا أمام اللجنة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة بما يتعلق بالانتهاكات الاسرائيلية، مؤكدة أنها قدمت شهادتها أمام القاضي غولدستون في أيضًا.
وتصف دقماق هذه التجربة بأنها تجربة مهمة ومؤلمة بنفس الوقت، حيث كانت تقوم برصد انتهاكات الاحتلال، وترى بشكل شخصي معاناة الأسرى المرضى أو من يتعرضون للتعذيب، فهذه تجربة ليست بالبسيطة، وتستذكر دقماق بعض المواقف التي تعرضت لها بصعوبتها، حيث في الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٢ كانت ذاهبة إلى سجن النقب لإرسال بعض الأغراض للأسرى وتم منعها من الدخول رغم حصولها على إذن مسبق بالدخول، فلبثت ليلتين على باب السجن حتى سمح لها بالدخول وإدخال أغراض الأسرى.
واستذكرت أيضًا لحظة رؤية الأسيرة سمر صبيح وهي مقيدة عندما اقتيدت للإنجاب في مستشفى ” مائير” حيث كانت دقماق متواجدة هناك بالانتظار، إضافة إلى حضورها إلى مركز تشريح أبو كبير حينما استشهد أحد الأسرى ورؤيتها له في موقف لا تنساه إطلاقًا، كما استذكرت موقف إخبار الأسير موسى قرعان بوفاة والدته، حينما كانت ذاهبة لزيارته بعد انتهاءها من زيارة والدته قبل أن يصلها خبر وفاتها وهي باب السجن.
الدعم العائلي
وأكدت دقماق أن العائلة هي الداعم الأول لها، مضيفة أن الدراسة خارج الوطن هي داعم أساسي للانطلاق في الحياة، حيث كانت فتاة في مقتبل العمر ودرست في الخارج، موجهة رسالتها إلى الفتيات القانونيات والفتيات بشكل العام بأن كل من لديها طموح بتبوأ مناصب عليا، أو بأن تترك أثرًا في عملها فعليها أن تعمل على نفسها وتكثف تطوير نفسها بالدورات وورش العمل لتقوية نفسها وشخصيتها بتخصصها، وأن لا تقف في مكان واحد بل عليها أن تنخرط أكثر في العديد من الأماكن، مشددة على أن القانونيات هن الأقدر على التغيير في كافة الأماكن