بصوت شجي وبأهازيج شعبية لطالما اعتدنا سماعها من الجَدات منذ القِدم، وبالتزام باللباس التقليدي لبلدتهم عصيرة الشمالية شمال نابلس، وبانسجام تام تقدم فرقة زنار وصلتهن الغنائية للأهازيج الشعبية في كل مناسبة يتم دعوتهن لها يُعِدنَ فيه الجمهور الحاضر إلى زمن الجدات وأهازيجهن التي تطرب الآذان.
فرقة زنار للأهازيج الشعبية والتي تضم ثلاثة عشر سيدة فلسطينية من بلدة عصيرة الشمالية، تقول مؤسستها بثينة ياسين إن الفرقة تأسست عام ٢٠١٥، حيث كان لديهم جمعية خيرية تهتم بكبار السن تختص بعقد جلسات للترفيه والتفريغ النفسي عنهم، وعندما يتم سؤالهم عن أيامهم السعيدة تكون الإجابة لدى معظمهم أنهم لم يروا يومًا سعيدًا في حياتهم، مضيفة انه تم سؤالهم أيضًا عن ماذا يسعدهم وماذا يحبون السماع من الأغاني، وعلى حسب إجاباتهم كانوا يسجلون الأغاني بأصواتهم على شريط التسجيل منذ سنوات طويلة، ومن ثم تم إنشاء الفرقة وذلك لإسعاد كبار السن من النساء اللواتي قدمن حياتهن في إنشاء الأجيال وتربيتهم، وتم تسميتها بزنار نسبة للبس النساء للزنار في مدن شمال الضفة الغربية.
وأكدت ياسين أنهم يهدفون لنقل التراث الفلسطيني من الأجداد للجيل الحالي، لأن الدولة التي ليس بها ماضي ليس لها حاضر، مؤكدة أن هذه نقطة صراع لأن .الشعب الفلسطيني لديه تاريخه وتراثه وحضارته وهم ليس لديهم شيء، مبينة أنهم يختصون بكل المناسبات الوطنية والاجتماعية التي تقام في مختلف المناطق
وأضافت أن الفرقة تتكون من ثلاثة عشر سيدة ولو فُتِحَ المجال لانضمت العديد من النساء للفرقة، مؤكدة أنهم شاركوا في مشروع الروزنا ” العرس الفلسطيني” وحصلوا على المركز الأول، ورغم ذلك واجهت الفرقة بعض المعارضة في البداية من قبل بعض النساء، ولكن في ذات الوقت حصلت الفرقة على التشجيع والدعم من كل من يسمعهم، مقدمة تحيتها للمرأة الفلسطينية لأنها تستحق أن تُمجد.
من جانبها تقول عضو الفريق وإحدى المؤسسات للفرقة إلهام درويش عن مشاركاتهم أن الفرقة شاركت في العديد من المهرجانات الوطنية وحفلات الزفاف والتخرج ، كما أنها شاركت في الجامعات وبرفقة وزارة الثقافة في العديد من المناسبات، مبينة أن هذه المشاركات هي التي ساهمت في إبراز الفرقة بشكل كبير، ومؤكدة أنهم يستخدمون الأهازيج والأغاني الشعبية وملتزمين بالأغاني التراثية وأيضًا ملتزمين باللباس التراثي، موجهة تحيتها إلى أمهات الشهداء والجرحى والأسرى ولكل إمرأة ما زالت تعاني سواء في البيت أو العمل.
بدورها تقول إحدى أعضاء الفرقة أم فادي أن الأغاني المستخدمة هي أغاني الأمهات وأغاني الأجداد وأغاني الأعراس القديمة، مؤكدة أنهن أصبحن يستخدمنهن في المناسبات التي يتم دعوتهن لها، مشددة على أنها هي نفسها تحب هذه الأغاني التي كانت تسمعها من والدتها وجدتها، مشيرة إلى أنهن يحين التراث الفلسطيني القديم ويقمن بتجديده، مضيفة أن الناس يحبون هذا النوع من الأغاني ويشجعون الفرقة بكل ما تقوم به.
فيما تقول إحدى أعضاء الفرقة أمل مرعي أن اللباس الذي ترتديه الفرقة هو اللباس التقليدي لبلدة عصيرة الشمالية، حيث أنه لباس أمهاتهم وأجدادهم، حيث الفستان الفلاحي الطويل والزنار والمنديل على الرأس، مؤكدة أن ارتداء هذا اللباس أصبح نادرًا في المنطقة ولذلك تحرص الفرقة على ارتداءه وذلك من أجل الحفاظ على هذا التراث وإعادة إحياءه من جديد، وهذا اللباس يختلف عن لباس القرى الأخرى حيث يوجد به عش البلبل من الأمام ويكون مبطن من الداخل، ويكون أيضًا هناك منديل أخضر على الرأس، مبينة أن طموحهم هو أن تكبر الفرقة وتصل عربيًا ودوليًا.
وحول شكل هذا اللباس وكيفية اختياره تقول بثينة ياسين أنه يكون واسعًا لأنه يساعدها على التنقل بشكل أكبر في الحقل، وخاصة مثلًا في موسم الزيتون حتى يساعدها بشكل أكبر بالحركة، والزنار يستخدم حتى يشد وسطها عندما تتعب في الحقل، وتكون الشال طويل حتى تحمل المحصول على رأسها.
وحول توريث هذه الأغاني واللباس التراثي أكدت إحدى أعضاء الفرقة منال جرارعة أنهم يسعون في الفرقة إلى توريث ما يقومون به إلى الأبناء، فقاموا بتأسيس فرقة للفتيات الأـصغر سنًا وقمن بتعليمهن حتى أتقن الغناء التراثي، وذلك حتى يبقى التراث راسخًا في أذهان الأطفال وأن ينتقل من جيل إلى آخر، مؤكدة أنهم حصلوا على المعارضة في البداية ولكن مع الوقت لاقت الفرقة دعمًا وتشجيعًا، وذلك لاقتناعهم أن ما يقدمونه شيئًا جميلًا ومن المهم أن ينتقل إلى الأطفال ويرسخ في أذهانهم.