هيئة التحرير
في مسيرة تعليمية استمرت خمسة وعشرين عامًا، استطاع الأسير المحرر أيمن طبيش الحصول على بكالوريوس الهندسة، بعزيمة وإصرار وتحدي لكل صعوبات الاعتقالات المتعددة التي تعرض لها طيلة الأعوام السابقة والتي لم تمكنه من إنهاء البكالوريوس مع أبناء جيله.
خمسة وعشرين عامًا ليست كلمة تُقال بل هي سنوات من عمر ابن مدينة الخليل أيمن طبيش في سبيل الحصول على درجة البكالوريوس نتيجة الاعتقالات الكثيرة التي تعرض لها، عام ١٩٩٨ انضم أيمن إلى جامعة بوليتكنك فلسطين لدراسة الهندسة الميكانيكية، قبل أن يتم اعتقاله بعد عام واحد فقط من دخوله للجامعة.
بعد اعتقاله الأول توالت عمليات اعتقاله لستة مرات على فترات متباعدة ليقضي ما مجموعه ١٧ عامًا في سجون الاحتلال، فبعد كل إفراج عنه بعد الاعتقال كان يعود طبيش للجامعة للدراسة فكان يقضي فصلًا دراسياً أو نصف فصل ثم يُعاد اعتقاله، حتى استطاع بالأمس التخرج رغم كل الصِعاب التي مر بها.
يقول طبيش في حديث ل”بالغراف” حول عدم إمكانية إنهائه للجامعة بداخل السجون، أنه بحكم أن تخصصه كان الهندسة أي مجال علمي، وفي السجون يمنع إدخال أي كتاب علمي، ويسمح فقط بإدخال كتب مثل التاريخ والجغرافيا والروايات وحتى تلك الكتب يوجد صعوبة بإدخالها ولكن يُسمح بالنهاية بدخول هذه الكتب، إضافة إلى أنه عندما كان يُسمح بالالتحاق بالجامعة مثل الجامعة الأمريكية والجامعة العبرية أو جامعات أخرى، كان يُسمح بالالتحاق بتخصصات أدبية وليست علمية فمن غير المسموح الالتحاق بها
وعن صعوبة الانقطاع عن التعليم والعودة إليه وتكرار ذلك يؤكد أنه واجه صعوبات منها الغياب الكبير عن التعليم لفترة طويلة، فإحدى الاعتقالات كانت لمدة ستة سنوات لم يستطع خلالها مراجعة أي معلومة أو يتمكن من دراسة أي شيء لأنه يُمنع إدخال الكتب لداخل السجن، مضيفاً أنه واجه صعوبات في التأقلم بعد العودة للدراسة عقب الإفراج عنه، ولكن استطاع التغلب عليها بالدراسة والمراجعة.
وأضاف أيضاً أنه من الصعوبات الأخرى الجانب الاجتماعي حيث لديه مسؤوليته الاجتماعية لدى عائلته، خاصة وأن والده تُوفي وهو بداخل السجن، إضافة إلى الجانب المادي حيث الانقطاع عن العمل ومحاولة الاعتماد على النفس، مبينًا أن هيئة الأسرى تُساهم في جزء من تعليم الأسرى وذلك بدفع جزء من الأقساط.
وبين طبيش أن موازنته بين تعليمه ومسؤوليته الاجتماعية احتاج إلى الصبر والدعم من عائلته وزوجته ووالدته وأشقاءه الذين تحملوا في سبيل تحقيق حلمه، مضيفاً أن الدافع والجانب الديني له أساس في استمراره لتحصيل تعليمه، حيث نشأ في أسرة متدينة متعلمة فوالده كان مُدرسًا في ليبيا والسعودية وأيضاً هنا، مشيرًا إلى أنه تربى على أن العلم هو جزء من الدين الذي يركز على أن العلم والوعي مهم
وأنه مرت لحظات راجع فيها نفسه وفحص حول الاستمرار، إلا أن عائلته كانت تشجعه على الاستمرار حيث كانت لديه الدوافع الدينية والوطنية، مبينًا أنه يؤمن أن الصراع مع الاحتلال يحتاج للوعي وبوجده توجد البوصلة وإن غاب تبطل البوصلة، مضيفاً أنه يوجد بعض مظاهر غياب الوعي والبوصلة مثل الاقتتال العشائري والحزبي وغيره، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يستكمل الماجستير مستقبلاً ولكنه الآن يريد تكريس ما تعلمه في العمل والتدريب
ولفت طبيش إلى أن الاحتلال في كل مرة كان يعتقله كان يخبره بأنه لن يستطيع أن يُكمل تعليمه، كما أنهم عرضوا عليه الخروج من السجن مقابل النفي خارج فلسطين لكنه رفض
وكان الأسير طبيش قد خاض إضرابين عن الطعام رفضًا للاعتقال الإداري حيث إضرابه الأول كان لمدة ١٠٥ أيام والإضراب الثاني كان ١٢٢ يومًا، مبينًا أن التجربتين كانتا قاسيتين بشكل كبير، وارتقاء الأسير خضر عدنان خلال إضرابه يوضح أن الأسير لا يختار هذا الطريق إلا أن الخيار الآخر مر، مبينًا أن حياة الأسر والمعتقلات حياة قاسية وخيار الإضراب عن الطعام أهون بكثير من الأسر.
ووجه رسالته إلى الشبان بأن تحقيق الطموح يحتاج إلى الصبر، والشباب الفلسطيني يمتلك المهارات ولكنه يتعرض أحيانًا لظروف مادية صعبة مما يضطره للبعد عن الدراسة، ناصحاً إياهم بالمواؤمة بين مساعدة الأهل والاستمرار في التعليم، فرسالة العلم هي رسالة مهمة وهي مفتاح للوعي وهو اللبنة الأولى للانتصار.
وأكد طبيش أن شريحة الأسرى هي شريحة واعية ومتعلمة فُرض عليها الاعتقال، وبداخل السجون يوجد مدرسة تسمى” مدرسة يوسف عليه السلام” لإقامة الدورات والأنشطة للحفاظ على تعليم الأسرى، الذين لم تمكنهم ظروفهم من إكمال تعليمهم الجامعي