هيئة التحرير
تراجع صرف الشيكل الإسرائيلي مقابل الدولار بشكل قوي خلال تداولات الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/ أيلول الجاري وسط تحذيرات من تدهور قيمته والتي وصلت إلى مستوى 3.85. شيكل وهو أدنى معدل له منذ العام 2017
وتتوسع التوقعات لتسجيل الدولار مزيد من الارتفاعات مقابل الشيكل مع حالة عدم اليقين في حدوث انفراج في الأزمة الداخلية الإسرائيلية على خلفية برنامج الإصلاح القضائي الحكومي، خاصة بعد رفض خطة الإصلاح القضائي التي طرحها الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ.
ولا يستبعد المراقبون أن يتجاوز سعر صرف الدولار الواحد 3.90شيكل، وهذا يرتبط بمدة الأزمة السياسية الراهنة التي ستحدد مستوى الخطر، والتوترات الدولية، وسياسة رفع الفائدة الأمريكية، والتضخم، مما دفع البنك المركزي الإسرائيلي في جلسته الأخيرة 5 سبتمبر/ أيلول الجاري على إبقاء سعر الفائدة دون تغيير بعد رفع ما مجموعة 4.75 %، والتي وصلت عند مستوى قياسي في العقدين الأخيرين.
وأجمع المراقبون في حديثهم مع ( بالغراف ) على أن تداعيات تقلب صرف العملات في سوق التداول على الاقتصاد الفلسطيني كبيرة، الذي يعاني أصلا خلل كبير في الميزان التجاري لصالح الواردات وتبعية الاقتصاد الإسرائيلي وعدم امتلاك فلسطين لعملة رسمية، كما ان مجمل الحياة الاقتصادية تعتمد في تعاملاتها اليومية على الشيكل بنسبة تصل إلى 90 % والنسبة المتبقية تتوزع على العملات الأجنبية.
وتوقع الخبير الاقتصادي نصر عطياني حدوث نقص في العملات الأجنبية وخاصة الدولار في السوق الفلسطيني وفائض في الشيكل، حال واصل الدولار الصعود مما يترتب على ذلك نقص في استيراد المواد الخام، والسلع والخدمات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع في أسعار السلع.
واعتبر عطياني أن ارتفاع تكاليف الوارادت والتي بلغت في الربع الاول 2023 بنسبة %11.4 على الاساس السنوي يجب ان ألا ينعكس مباشرة على السلع في السوق في ظل وفرة المخزون الذي يجب أن يباع على الأسعار القديمة، ولكن ارتداد الأزمات العالمية تنعكس مباشرة على أسعار السلع في السوق الفلسطيني، وهذا ما لمسناه في الأزمة الروسية الأوكرانية وفي أزمة كورونا وهنا نتحدث عن استغلال الحاجة.
وتوقع عطياني أن تشهد القوة التسويقية للشيكل انخفاض إضافة إلى تآكل في أجور العاملين الذين يتقاضون رواتبهم بالشيكل، كما ان عملية المبادلات التجارية والشراء بذات العملة، إضافة إلى خسائر متوقعة للمستوردين الذي يوردون بالدولار والبيع بالشيكل مما يضطروا إلى تعويض الخسارة برفع السعر على المستهلك.
وبين عطياني أن طبيعية العلاقة الاقتصادية بين فلسطين وإسرائيل يستوجب ان لا يتأثر السوق الفلسطيني بتغيرات وتقلبات صرف العملات إذ أن 55-60 % من الواردات تاتي من السوق الإسرائيلي بالشيكل وبالتالي يجب أن لا ينعكس على أسعار السلع التي مصدرها إسرائيل في حال كان هناك رقابة ومتابعة حكومية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى تداعيات غير مباشرة في تذبذب صرف العملات من ناحية تراجع القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية نتيجة ارتفاع التكاليف الناتجة جزئيا عن فرق صرف العملة، وقد نشهد ارتفاعا في معدلات البطالةنتيجة تسريح العمال من أرباب العمل للتخفيف مع التكاليف الباهظة، أو إعادة هيكلة المؤسسات لتتواءم بما يحدث.
وبين الخبير الاقتصادي ان النبوك المركزية تلجا الى استخدام الفائدة في كبح ارتفاع العملة لفترة معينة، وبعد ذلك فان مرونة الفائدة في التعامل مع المتغيرات والمتقلبات شبه معدومة، وبالتالي فان سعر الفائدة ليس دائماً يخدم التحكم بسعر الصرف، والبديل في هذه الحالة قد يلجأ البنك المركزي الاسرائيلي الى ضخ سيولة من النقد الأجنبي الاحتياط الذي يقدر بـ200 مليار دولار لتقوية الشيكل في السوق.
ويرى المحلل المالي أيمن سراحنة أن الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد استهلاكي يعتمد على استيراد السلع والخدمات بالعملة الأمريكية الدولار، وبالتالي سينعكس سلبا على مجمل الحياة الاقتصادية، إذ يتقاضى الموظفون العموميون رواتبهم بالشكل وبالتالي يؤدي إلى تآكل في قيمة الرواتب مقابل التضخم بأسعار السلع والخدمات.
واعتبر سراحنة أن العقود تتأثر بمتغيرات العملة حيث يتم التعاقد بالدولار وشراء السلع بالشيكل، الأمر الذي يتسبب في خسائر أو تراجع في أرباح الشركات منها الشركات المساهمة العامة التي تقدم موازنات بالدولار أو الدينار كونها تتعامل مع الجمهور بالدولار وتأخذ إيراداتها بالشيكل الإسرائيلي.
ويتوقع خبراء صندوق النقد الدولي أن يصل التضخم في فلسطين مع نهاية العام الجاري إلى 3.2 % مبينا أن الارتفاع المزمن في معدلات البطالة والفقر يؤدي إلى تفاقم مواطن الهشاشة والتوترات الاجتماعية.
واجمع المراقبين على أن المستفيدين من ارتفاع الدولار ممن يتقاضون رواتبهم وتجرى معاملاتهم بالدولار، وبالتالي تتحقق مكاسب عند تحويل الدولار إلى شيكل، وفي حال استئناف المساعدات الدولية للسطة الوطنية الفلسطينية التي تحول الى خزينة الدولة بالعملة الاجنبية مما يتحقق اثر ايجابي من ارتفاع قيمة صرف الدولار.
خلاصة أن انخفاض سعر صرف الشيكل أمام الدولار، سيؤدي إلى ارتفاع التضخم في السوق الفلسطيني، وتأكل في قيمة أجور العاملين وخاصة الموظفين، ورفع تكلفة الاقتراض من البنوك، نتيجة محدودية الدعم الحكومي في كبح هذا الارتفاع آخذين بعين الاعتبار أن الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها الحكومة تعذر عليها صرف رواتب كاملة للموظفين العموميين منذ نوفمبر/ تشرين ثاني2021.