هيئة التحرير
بين أنقاض البيت وتحت الركام يبحث المدرس حمزة أبو توهة بيديه وبأدوات بسيطة عن كنزه الذي ظل سنين طويلة يجمع به، فكنزه هو كتبه ومكتبته التي يجد نفسه بها
عشرون ألف كتاب وربما أكثر كانت تضمها مكتبته، ذهبت كلها أدراج الرياح، كتب قرأها وجمعها زادته معرفة وعلمًا وفق ما يقوله، مؤكداً أن كل صفحة يعثر عليها الآن من تحت الركام وأنقاض منزله تزيد من علمه، فأساس بيته هو مكتبته، مبينًا إن كان الناس يملكون أشياء مادية، فكل شيء يمتلكه في حياته هو مكتبته التي يلجأ إليها في تعبه
قُصِف بيت أبو توهة في شمال قطاع غزة المكون من أربعة طوابق وسوي بالأرض، حاله كحال مئات آلاف البيوت التي أضحت رُكامًا يحمل في طياته آلاف الذكريات والمواقف والزوايا التي لا تُنسى، فيقول أبو توهة عبر حسابه في منصة ” إكس” هذه هي عادتنا في محافظة الشمال منذ المجاعة، الحجُّ إلى ركام منزلنا، فرقة تبحث عن الكيلوين الاثنين من الأرز الذين تركهما مصعب قبل نزوحه إلى القاهرة، وفرقة تبحث عن حفنة العدس التي خبّأها محمد قبل نزوحه إلى محافظة الجنوب.
مضيفاً “وفرقة أنا قائدها، نبحث عن حروف تلك الكتب التي كانت مزدحمة في أرجاء البيت، أما أُمّي فما زالت تُقسِم أيمانًا مغلظة أنها قطفت حبات الزيتون، وخلَّلَتها بالزيت والفلفل في زجاجات في الزواية اليمنى من المطبخ، وأما والدي فقد وقف وحيدًا، وأعلن من جانبه وقف إطلاق النار، وشرع في بناء غرفة صغيرة بعد جمعه أخشاب مكتبتي وأرففها”
أنتج أبو توهة ستة كتب أنتجها خلال عمله في مجال الدراسة والتحقيق وإخراج الكتب العربية في تخصص النحو والصرف، ولم يبق منها سوى كتابين جراء قصف الاحتلال لمكتبته، وما زال يبحث كل يوم بين رُكام منزله عن كتبه ليُنقذ منها ما يستطيع إنقاذه، حتى يستطيع بناء مكتبته من جديدة عقب انتهاء الحرب على غزة حسبما يقول
وبخطه المحب للغة العربية خط أبو توهة على حجر من أنقاض منزله اسم مكتبته، وَرتب ما أنقذه من كتب على نصف رف محترق، لِتَنضَحَ الصورة بأمل وحياة من تحت الأنقاض