كتب رئيس التحرير
ترى كيف سنخبرُ زينة أن والدها إسماعيل صار شهيداً ككل الشهداء الذين قام بتغطية رحيلهم، أن السيارة التي قُصفت في مكان كان فيه، كانت سيارته هذه المرة، وأن الشهيد الذي يقودها هو إسماعيل الغول.
من سيجرؤ على أن يدقَ على شباكٍ منزلٍ أو خيمةٍ تنظرُ إليه، من سيخطو نحو بابٍ تنتظرُ فَتحَه، من سينقل لها خَبر إسماعيل، والدها الذي نقل الاف الأخبار عن شعبٍ لا يكترثُ أحدٌ بأخبارِه، كلنا جبناء.
لم ترَ زينة والدها منذ بداية الحرب، عشرة أشهر تعبنا ونحنُ ننظرُ لإسماعيل من خلف الشاشات، فكيف بطفلةٍ مغرمةِ بأبيها كانت تجلسُ كُل يومٍ على شباكٍ يطل على الباب أو أن تنتظره أن يُطِلَ من وسط خيام النازحين.
رحلَ إسماعيل، التحق بـ ١٦٤ شهيداً صحفياً سبقوه، رفقة صديقه ومصوره رامي الريفي، هؤلاء لا يمكن أن يصيروا أرقاماً، نقلوا الاف الصور والقصص، وسنواصل نحنُ التغطية.
في كُل يوم يرتقي فيه زميل، نتحسسُ جميعاً رقابنا، ونكفرُ بالدرع الذي نرتديه، نفكرُ في أولادنا، كلنا قد نصبحُ يوماً إسماعيل، وحمزة، وسامر، وقبلهم العشرات ممن سبقونا.
ارتقى إسماعيل، وسقطت كل منظومة حقوق الإنسان في عالمٍ زائف، كل دروس الصحافة، أخلاقيات المهنة، أصول التغطية، كل ما أتانا به الغربُ مُعلماً، وصمت مخزياً أمام قتلنا.
لا تعتادوا مشهد قتلنا، لا تتوقفوا عن النشر، فكل صورة خرجت من فلسطين، كُل مقطع فيديو، كل كلمة، دفع صحفيو فلسطين أرواحهم ثمناً لها، وآخرون أصيبوا أو اعتقلوا والبقية تنظر.
ستنتهي الحرب، وستواصل مشاهدها إعادة تشكيل العالم، بما يضمن أن لا نذبح مرتين، وأن لا ننقل مجدداً أخبار الهزيمة.