loading

درزة ثوب” مبادرة لدعم الصمود في الخليل العتيقة”

تسنيم دراويش

في الوقت الذي يقتنص فيه الاحتلال الفرص لسرقة التراث الفلسطيني ونسبه له سطعت مبادرة “درزة ثوب” لتعيد النور لمحال الخليل العتيقة وتحفظ التراث الفلسطيني، بالرغم من  تضييقات الاحتلال خاصة بعد السابع من أكتوبر .

بدأت مبادرة “درزة ثوب” من اقتراح قدمه الرحالة الفلسطيني “معتصم عليوي” بعد زيارته للخليل، وفي شهر مايو من العام الماضي، سارعت الشابة ليالي عمرو إلى تطبيق الفكرة، لأنها لطالما بحثت عن طريقة تستغل طاقاتها لتفيد بلادها.

تقول عمرو في حديث لـ “بالغراف” أنها في بداية المبادرة شعرت بقلق وخوف شديدين، لأن المبادرة جديدة وهناك إمكانية للنجاح والفشل، لكن أكثر ما كان يُقلقها هو إعطاء أمل كاذب لأصحاب المحال التجارية وسحبه بلا قصد.

وبالرغم من هذه المخاوف بدأت عمرو بدعم أصحاب المحال التجارية بالخليل من خلال تصوير الأثواب المكدسة على الرفوف داخل البلدة القديمة وبيعها على صفحة المبادرة على الانستجرام، ولم تكن كل الأثواب صالحة للاستعمال المباشر لذلك كان على عمرو أن تتفحص الأثواب بدقة فبعضها كان يحتاج للغسيل وبعضها الآخر كان يحتاج للخياطة أو التعديل.

ونتيجة لنجاح المبادرة بدأ التجار يطلبون من عمرو بيع منتجاتهم المختلفة، حتى غدت المبادرة تشمل العديد من المنتجات الفلسطينية مثل الكوفية والزجاج، بالإضافة لبعض المواد الغذائية، وليس فقط الأثواب، فيما تؤكد عمرو أنه بات بإمكانهم إيصال أي شيء من البلدة القديمة بالخليل لأي مكان في العالم.

تمكنت عمرو من الدخول إلى كافة المحال في البلدة القديمة، حتى بات الناس يُطلِقون عليها “فتاة البلدة القديمة”، وبالرغم من حبها للبلدة وامتنانها لهذا اللقب، إلا أنها تفضل أن تعرف عن نفسها بأنها “فتاة فلسطين… كل فلسطين”

تمكنت ليالي من بيع حوالي 200 ثوب خلال عام بالإضافة إلى العديد من المنتجات الأخرى، كما أن المبادرة لاقت ردود فعل إيجابية بفضل تأثيرها الملموس في دعم أصحاب المحال التجارية ماديًا، إضافة لخلق فرص عمل لثماني نساء من بيوتهن ليساهمن في الخياطة والتطريز، حيث قامت العديد من النساء بعرض أثوابهن للبيع نتيجة الأوضاع المادية الصعبة التي يمر بها كافة فئات الشعب الفلسطيني، فقامت عمرو بعرض هذه الأثواب كل منها مع عمره وقصته.

بعد السابع من أكتوبر توقفت عجلة الاقتصاد في البلدة القديمة نتيجة الاعتداءات المتكررة على المحال التجارية وقلة الزوار مما أدى إلى إغلاق العديد منها،  وبالرغم من هذه التحديات لم تتوقف ليالي عن عملها؛ فقد طلبت من التجار فتح محالهم لتقوم بتصوير منتجاتهم وساعدها البعض منهم بتصويرها، ولضمان سلامتها كانت تتجنب التصوير في بعض الأماكن، وتذهب إلى البلدة في الصباح الباكر لتفادي اعتداءات المستوطنين.

عمرو أكدت أنها  لم تسلم من مضايقات الاحتلال كغيرها من أبناء الشعب الفلسطيني، مضيفة أنها تعرضت في الكثير من الأحيان خلال تصويرها الأثواب لمضايقات الاحتلال ومحاولتهم منعها من ذلك، مستذكرة إحدى المرات التي قام بها جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي بالمنطقة التي كانت تُصور بها، ما دفع أحد أصحاب المحال التجارية في البلدة لإدخالها لمحله حتى يتوقف إطلاق الرصاص.

وفي حادثة أخرى قام أحد جنود الاحتلال بالصراخ عليها بشكل هستيري لمجرد أنها تقوم بتصوير الأثواب، فتقول عمرو عن هذه الحادثة وكأن الثوب أخافه وهدد أمنه مع أنه مدجج بالسلاح، مضيفة أن هناك العديد من المناطق في البلدة القديمة لا تقوم بالتصوير بها حفاظًا على سلامتها كأسطح المنازل وخان الوكالة وغيرها من المناطق، إضافة إلى أنها تضطر للذهاب للبلدة في الصباح الباكر والعودة أيضًا مبكرًا حتى لا تتعرض لاعتداءات المستوطنين.

وعلى الرغم من قُصِرِ المسافة بين عمرو والحرم الابراهيمي الشريف، إلا أن زيارته والوصول إليه باتت في غاية الصعوبة في ظل الإجراءات العسكرية المشددة التي يفرضها الاحتلال على الحواجز التي ينصبها في مختلف مناطق البلدة، وحتى وإن استطاعت الوصول فهي لا تستطيع جلب الأثواب لأنها ستتعرض لعملية تفتيش قاسية ومهينة على الحواجز قد تصل إلى حد التنكيل بها.

حرصت ليالي أن يكون كل شيء في مشروعها فلسطيني لذلك اختارت البريد الفلسطيني لتوصيل منتجاتها لكافة أنحاء العالم،  لكونه خدمة حكومية وليس شركة خاصة مادية.

بمبادرة “درزة ثوب” أعادت عمرو إحياء الهوية الفلسطينية، ونفضت الغبار عن الكثير من المنتجات الفلسطينية وأوصلتها للعالم كقصص وليس مجرد منتجات، فيما جعلت عمرو شعار مبادرتها ” تراثنا الفلسطيني هو هويتنا التي يحاول الاحتلال سرقتها بكل الطرق فكل محاولة لاحيائه هي محاولة لإحياء الهوية الفلسطينية، هل تعرفون مبادرات أخرى قدمت دفعة لإحياء الهوية الفلسطينية ؟”

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة