إيناس إخلاوي
” نبضات قلب” اسم مبادرة أطلقتها ابنة مدينة دورا هالة بستنجي لمساندة ومساعدة أهل قطاع غزة الذي يعانون الحرب والجوع والحصار والنزوح مع استمرار عدوان الاحتلال للشهر الحادي عشر على التوالي، اسم عُنيَ به الاتحاد فالنبض هي الضفة وغزة هي القلب
ثمن كيس طحين كان نقطة انطلاق بستنجي في مبادرتها، ففي جباليا شمال غزة وصل ثمن كيس الطحين بسبب الحصار والمجاعة في الشمال لألفي دولار ويكاد يكون شبه مستحيل للعائلات التي ترزخ تحت الحرب توفير هكذا المبلغ، فأخذت على عاتقها توفير هذا المبلغ، وعملت جاهدة لفترة من الوقت على توفيره حتى استطاعت تأمين المبلغ وإيصاله، شاعرة بالسعادة والإنجاز بقدرتها على ذلك وفق ما تقوله في حديث ل” بالغراف” حيث من نبض الضفة لقلب غزة وصل ثمن الدقيق
عملت بستنجي رفقة أربعة ناشطين من الضفة وغزة على تنفيذ عدد من المبادرات لأهالي القطعة، مؤكدة أنها في البداية كانت دون إعلان عنها فقط كانت تعمل على تأمين الاحتياجات، ولكن فيما بعد باتت تعلن عن مبادراتها التي كان تنفذها، مفيدة أنها أطلقت مبادرة لتوزيع الخضراوات في منطقة الزوايدة وسط القطاع باسم سيدات بلدة إذنا، مشيرة إلى ردة فعل الناس المُندَهِشة من كيفية إيصالها رغم كافة المضايقات والمُلاحقات والوضع الأمني
بستنجي تؤكد أن بعد هذه الخطوة بات الناس يتنافسون ويتسابقون على جمع التبرعات، مبينة أنهم استطاعوا توفير طرود خاصة بالسيدات لذات المنطقة الزوايدة وسط القطاع، مشيرة إلى أنهم عملوا جاهدين على تلبية نداءات الاستغاثة الجماعية والفردية منها
شح الماء وصرخات الاستغاثة دفعت بستنجي لتلبية هذه النداءات من خلال عمل حملة ” سُقيا ماء” وتوفير ما يقرب من ثلاثة عشر خزان مياه في الشمال وما زالوا مستمرين في هذه الحملة حتى الآن وفق ما تقوله، مؤكدة أن دورهم في هذه الحملة لم يقتصر على تنفيذها بل إنما الإشراف على تعبئة المياه والتأكد من كونها صالحة للشرب والاستخدام
ونفذت مبادرة ” نبضات قلب” العديد من الحملات أيضاً منها تغطية حاجة نساء غزة ” لإسدالات الصلاة” خاصة وأنهن يستخدمنها بشكل كبير خلال الحرب فعملوا على تأمينها لهن، إضافة لتنفيذهم حملة لتوزيع الحليب للأطفال فقاموا بتوزيع 300 علبه في حملة ما زالت مستمرة، كما وعملوا أيضًا على تنفيذ نشاط ترفيهي للأطفال في أحد مراكز النزوح التي تعرضت للقصف سابقًا، وأيضًا تنفيذ حملة لتوفير الأحذية للأطفال والنساء وذلك عقب انتشار فيديوهات لتصنيع الأحذية من الأخشاب والقماش.
وأفادت بستنجي أنها لا تنتظر أي شكر من أهل غزة لأنها تقوم بواجبها تجاههم، مؤكدة أنه دائمًا ما يصلها رسائل جميلة ومبهجة للقلب من أطفال غزة يُعبرون فيها من خلالها عن حبهم وامتنانهم لها، تحمل بداخلها عبارات مثل ” بنحبك يا خالتو هالة”, “الله يخليلنا إياكِ زي ما بتهتمي فينا”، مبينة أن أهل غزة أيضاً يؤكدون لها دوماً أنها منهم الأمر الذي يجعلها سعيدة بأن تكون منهم ومعهم، مشيرة إلى أنها دائمًا ما تشعر بأنها عقلها وقلبها في غزة
وعن ردة فعل الناس من حولها أكدت أنه في البداية كان العديد من الناس يخاف عليها من الاعتقال أو الملاحقة في ظل الاعتقالات المسعورة بحق النساء في الضفة، مؤكدة أن تشعر بالطمأنينة بشأن هذا الموضوع لإيمانها بأن الله لن يُضيعها، مشيرة إلى أنه مع مرور الوقت بات الناس يفتخرون بها ويحثونها على ذلك بل ويساهموا بالتبرع
واستذكرت بستنجي إحدى المواقف المؤثرة مع أحد الأشخاص بغزة عندما كانوا يودون القيام بحفر بئر ماء، حيث كان يقوم بذلك سرًا نظرًا لاستهدافات الاحتلال المتكررة تجاه كل من يقوم بعمل إنساني في غزة، مؤكدة أن رده استوقفها حينما قال لها بأن “لذة هذا الطريق تعادل لذة الجهاد في الميدان” ما جعلها تأخذ هذه العبارة شعارًا ومسلكّا للاستمرار والمواصلة، فيما دعوات أهل غزة وسؤالهم الدائم عنها وتفقدها يُحفزها على الاستمرار أيضًا
بستنجي تضيف بأن هذه المبادرات جعلت الناس تكتشف أنهم يستطيعون تقديم شيء لأهل غزة أكثر من الدعاء، وهو ما جعلهم يُسارعون على مد يد العون، لدرجة أن الأطفال تبرعوا بحصالاتهم ونساء تبرعن بصيغهن الذهبية، موجهة رسالتها للنساء على وجه الخصوص بضرورة أن يكن يدًا واحدة، والإثبات بأننا شعب واحد وأن الكل الفلسطيني تحت مرمى النار والاعتقال والقصف والدمار، مؤكدة أنه يجب على الناس عدم الاستهانة بأي شيء يقدموه لغزة لأن “رُب درهم سبق مائة ألف درهم”.