loading

نازحون في غزة: البحر من أمامكم والنار من خلفكم

بشار عودة

تتناثر آلاف الخيام البالية المصنوعة من القماش والنايلون على امتداد شاطئ بحر وسط قطاع غزة، في مشهد غير منظم يعكس حجم المأساة التي يعيشها النازحون الذين أُجبروا على ترك منازلهم تحت وطأة أوامر الإخلاء الإسرائيلية، في ظل الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول للعام الماضي.

لم يعد الشاطئ مكاناً للراحة والاستجمام كما كان في السابق، بل تحول إلى ملاذ مؤقت للغزيين الهاربين من ويلات الحرب والدمار الذي خلفته آلة الاحتلال الإسرائيلي.

يروي المواطن أمين شاهين النازح من مخيم البريج وسط قطاع غزة قصتة المأساوية التي تتجسد فيها قسوة الحياة، بعدما تعرض منزله في المخيم للتجريف الكامل من قبل جرافات الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها للمنطقة، مما أدى إلى فقدان كل ما يمتلكه هو وأسرته.

وقال المواطن أمين شاهين لـ ” بالغراف “،”ما حدث معي كان بداية رحلة شاقة من النزوح المستمر والبحث عن مأوى بديل في ظل ظروف قاسية وأوضاع اقتصادية صعبة، بعد فقدان منزلي”.

وأوضح المواطن أمين شاهين أنه بسبب التهديدات المستمرة من الإخلاءات الإسرائيلية المتكررة، وجد نفسه هو وعائلته بلا مأوى مع تكدس النازحين في المناطق الإنسانية، مما اضطر للجوء إلى البحر، والإقامة في خيمة صغيرة بجانب جيرانه لعدم قدرته على شراء خيمة بسبب ارتفاع سعرها.

لم تقف معاناة المواطن أمين شاهين عند هذا الحد؛ فإطلاق النار من الزوارق الحربية والطائرات بدون طيار (الكواد كابتر) أصبح جزءًا من حياتهم اليومية بسبب قربهم من منطقة حدودية (ممر نيتساريم)، مشيرا إلى أن خيمته تعرضت عدة مرات لطلاق نار وقذائف من قبل الدبابات التي تطلق النار بشكل عشوائي، مما جعل تأمين الاحتياجات الأساسية أمرًا بالغ الصعوبة.

ومع اقتراب فصل الشتاء، ازدادت معاناة المواطن أمين شاهين حيث أصبح البحر يشكل تهديدًا مباشرًا لحياتهم، فالأمواج العاتية قد تغرق خيمتهم في أي لحظة، والمطر الغزير الذي يتسرب إلى داخل الخيمة النايلون الممزقة، يفاقم من معاناتهم، رغم محاولاتهم البسيطة لبناء ساتر رملي لحماية أنفسهم من الأمواج، إلا أن الظروف القاسية تجعل حياتهم شبه مستحيلة.

من جانبه، يشير المواطن أبو محمد صقر إلى أن الأمواج والمطر ليست التهديد الوحيد، إذ يزيد إطلاق النار العشوائي من الزوارق الحربية على الصيادين من خطر إصابة النازحين الذين لجأوا إلى الشاطئ هربًا من القصف.

وأضاف أبو محمد لـ “بالغراف” أن المعاناة تتفاقم يومًا بعد يوم بفعل الإخلاءات المستمرة من قبل الاحتلال، ما اضطرهم في النهاية لإقامة خيمة على شاطئ بحر النصيرات.

وأوضح أن الأشهر المقبلة ستشهد ارتفاعًا في أمواج البحر، مما يعرض حياة مئات النازحين لخطر الغرق، متسائلًا: “أين سنذهب خلال الفترة المقبلة مع دخول فصل الشتاء؟”.

ولفت المواطن أبو محمد صقر الى أن خيمته تعرضت عدة مرات لإطلاق نار من قبل الزوارق والدبابات الإسرائيلية المتمركزة بالقرب من ممر نيتساريم، مما يعرضهم لإصابات مباشرة بالإضافة إلى احتراق الخيام.

وفي ذات السياق، قال مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أندريا دي دومينيكو، إن 9 من بين كل 10 أشخاص في قطاع غزة نزحوا مرة واحدة على الأقل، وفي بعض الحالات عشر مرات، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، فيما وصفها بأنها “دائرة لا تنتهي من الموت والتشريد”.

وتشير أحدث التقديرات إلى نزوح 1.9 مليون شخص في غزة مرات عدة، وإن جميع السكان تقريبًا بحاجة إلى المساعدة، منبهًا إلى أن الحرب في غزة تستمر في خلق “مزيد من الألم والمعاناة”، وفقًا لمدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويقدر المجتمع الإنساني إجمالي عدد السكان في غزة في الوقت الراهن بنحو 2.1 مليون نسمة، مشيرًا إلى أن “ما بين 300 ألف شخص و350 ألفًا ما زالوا في شمال غزة، ولا يستطيعون الانتقال جنوبًا”.

وتستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها برا وبحرا وجوا على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مما أسفر عن استشهاد 40,819 شخصًا وإصابة 93,291 آخرين، وذلك في حصيلة غير نهائية حيث لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة