هيئة التحرير
كطائر العنقاء يخرج الفلسطيني من رماده إلى العالم، مسطرًا اسمه بين الأبطال رافعًا علم بلاده خفاقًا بين أعلام العالم. كاتبًا اسمه بحروف من الذهب، وهذا ما كتبته الفلسطينية فيفيان عليص بحصدها لذهبية الألعاب الآسيوية.
شعور بالفخر
ابنة مدينة رام الله دخلت التاريخ من بابه الواسع، بعدما جلبت أول ذهبية لفلسطين في دورة الألعاب الآسيوية بنسختها الحالية المقامة في العاصمة البحرينية المنامة. لتكون أول ميدالية لفلسطين في تاريخ الألعاب الآسيوية.
“لا كلمات تصف شعوري، فهو مزيج من الفخر والسعادة” بهذه الكلمات عبرت فيفيان عن شعورها عقب تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
بعمر الإثني عشر ربيعًا، وبينما كانت تتصفح الإنترنت رأت فيفيان فيديوهات للعبة المواي تاي، فقررت التسجيل في النادي ولعب هذه اللعبة كهواية، ولم تكن تريد أن تصبح بطلة أو ما شابه، وفق ما تقوله في حديث ل”بالغراف”.
فيفيان التي عندما بدأت بلعب هذه اللعبة كانت تشاهد كيف يحقق الآخرون الإنجازات ويحصدون الميداليات المختلفة في البطولات المتنوعة، أخذت على عاتقها مسؤولية تحقيق هذه الإنجازات لتبدأ في الالتزام وخوض غمار البطولات وصولًا لحصدها الذهبية.
لم يكن حصد الذهبية بالشيء السهل على فيفيان التي خاضت منافسة صعبة ضد لاعبات محترفات فقد حققت فوزها الأول على اللاعبة الصينية ثم فوز آخر على اللاعبة الكازخساتنية وصولًا إلى الفوز الذهبي على اللاعبة اللبنانية في النهائي محققة إنجازها. مؤكدة أن حافزها الأساسي للفوز هو الدعم الذي تلقته وانتظار هذا الإنجاز منها ورغم التوتر الذي يبثه هذا الإنتظار إلا أنه حافز للفوز.
تؤكد فيفيان أنها ورغم صعوبة المنافسة إلا أنها سعيدة بالإنجاز وبرفع اسم فلسطين وإيصال ما يمر به الوطن من معاناة.
ذهبية لغزة
وأهدت الفوز لكافة الفلسطينيين وتحديدًا لأهل غزة الذين عانوا على مدار العامين، وللرياضيين الذي استشهدوا وأصيبوا، فهذا الإنجاز إهداء لهم
لم يكن سهلًا على فيفيان أن تكون طالبة في المدرسة و رياضية محترفة في ذات الوقت، فتوضح أنه في البداية كان من الصعب تنظيم الوقت بين الدراسة والرياضة إلا أنه مع الوقت استطاعت التوفيق بينهما، فتحقيق الإنجاز يحتاج إلى جهد وتعب. مشيرة إلى أن الرياضة غيرت بها الكثير، فالالتزام بحياة رياضية والرغبة في تحقيق الإنجازات ورفع اسم البلد يضع الإنسان في مسؤولية صعبة.
الفلسطيني يستطيع تحقيق كل شيء
تحظى فيفيان بدعم عائلتها التي تقف إلى جانبها على الدوام، إضافة إلى دعم مدربها احمد أبو دخان الذي يقدم لها المساعدة دومًا.
وكفتاة استطاعت تحقيق جزءًا من حلمها وحصد الذهبية تؤكد أن حديث الناس يصبح بمثابة الحافز لتحقيق المزيد من الإنجازات، مؤكدة أن هذا الفوز ما هو إلا بداية لتحقيق المزيد كما أنها تطمح لتحقيق المزيد من الإنجازات العالمية.
ووجهت رسالتها بأن على كل شخص لديه حلم أن يسعى لتحقيقه. والفلسطيني يستطيع تحقيق كل شيء.
شعور بالامتنان
لم يختلف شعور مدرب فيفيان أحمد أبو دخان عن شعورها، فيؤكد أنه شعوره لا يوصف وهو مزيج من الفخر والسعادة والامتنان.
وأكد أنه بعد 10 سنوات من التدريب أن يستطيع إحدى لاعبينك تحقيق هذا الإنجاز ويدخل التاريخ ويدخلك معه، فالشعور عظيم وبمثابة الشكر عن كافة سنوات التدريب. خاصة مع كافة الصعوبات التي واجهتهم سواء من الاحتلال أو من النطاق الاجتماعي والرياضي.
ومع شعور الفخر هذا بات هناك مسؤولية أكبر على عاتقهم أمام الناس التي تنتظر إنجازات أكبر. الأمر الذي سيكون دافعهم للعمل بشكل أكثر للوصول وتحقيق المزيد وفق قوله في حديث ل”بالغراف”
وأهدى أبو دخان الفوز إلى غزة وأهلها الذين ضحوا. مؤكدًا أن ما أفرحهم هو شعورهم بأنهم أوصلوا رسالة فلسطين لكافة العالم عقب هذا الإنجاز.
تدريبات وكأنك ستنافس غدًا
وعن استعدادات الفريق للبطولة، يقول أبو دخان أن هذه المشاركة الأولى لهم في هذه البطولة، إلا أنهم في الاتحاد يتبعون قاعدة أن اللاعب يُحضر نفسه دومًا وكأنه سيشارك ببطولة غدًا. فمن غير المسموح الغياب وعدم التحضير فأنت كلاعب يجب أن تكون دومًا حاضرًا وجاهزًا. مشيرًا إلى أنه عندما يكون هناك استحقاق يتم الدخول في معسكر مغلق وتدريب مكثف. ولكن إن لم تكن جاهزًا من الأساس فلن تكون موجودًا.
أبو دخان أوضح أن هذا التراكم هو الذي تم بناؤه مع فيفيان وغيرها من اللاعبين. فالاعب إبراهيم جاموس حصل على بطولة العالم إضافة إلى عدد من الميداليات في بطولة العالم التي حصدها باقي اللاعبين الذين شاركوا. مفيدًا بأنهم دائمًا ما يعملون على التحضيرات وعند قرب أي استحقاق يبدأون بالمعسكرات المغلقة المحلية أو الخارجية. مشددًا على أن طموحهم هو تكثيف المشاركات الخارجية في البطولات والمعسكرات العام القادم
صعوبات جمة والهدف الفوز
صعوبات كثيرة يواجهها الفريق كباقي الصعوبات التي تعصف بالمواطن الفلسطيني، فيؤكد أبو دخان أن حالهم حال الفلسطينيين يعانون من الوضع العام الذي يؤثر عليهم نفسيًا وروحيًا. حيث يمرون بهذه المآساة التي تعيشها فلسطين وتحديدًا غزة.
ورغم توتره الكبير كمدرب في هذا الاستحقاق إلا أنه استطاع الوقوف بجانب فيفيان وباقي اللاعبين، موضحًا أنهم كانوا يتوقعون تحقيق شيء وحصد الميداليات من مشاركتهم الأولى. ولكنهم لم يكونوا يتخيلوا أن تكون ميدالية ذهبية خاصة أنها تجربتهم الأولى، وفي ظل وجود لاعبين محترفين من باقي الدول، إلا أنهم دومًا لديهم الأمل لتحقيق الإنجازات.
فمن الصعوبات التي واجههوها كانت عدم القدرة على جمع المنتخب كاملًا بسبب الطرق خاصة في فترة التجهيز إضافة إلى صعوبة السفر، وأيضًا الصعوبات من الناحية الفنية للبطولة حيث اختلاف المستوى عن البطولات الاخرى. مؤكدًا أن هذه التحديات هي التي تخلق النجاح لهم فالعطاء الخاص بهم مكلل برسالة وطنية وإنسانية نعيشها فهذه الصعوبات هي بمثابة الحافز للسعي
موازنة بين الدراسة والاحتراف الرياضي
أبو دخان يوضح أن اللاعبين يتدربون بشكل يومي فالألعاب تراكمية ومن يتغيب يرجع للوراء فلذلك التدريب يتم بشكل يومي، إلى جانب الحفاظ على برنامج غذائي بشكل مستمر، إضافة للحفاظ على اللياقة بشكل مستمر. مؤكداً أن اللاعبين يوازنون بين المدرسة والتدريب فكلهم متفوقون في مدارسهم، وهذا يعود إلى أن الرياضة تمنحهم القدرة على تنظيم الوقت والمسؤولية. حتى باتوا قدوة لغيرهم.
لا يوجد مستحيل لدى الفلسطيني فهو لديه امتياز بأنه فلسطيني فإن كانت إمكانياته قليلة ولا يستطيع ووضعه صعب، إلا أنه فلسطيني صاحب رسالة وقضية وهذا يجعلهم يسعوا للإنجازات على اعتبار أن هناك بلد كاملة بالانتظار.
ورياضة المواي تاي هي فن الثمانية أسلحة “الملاكمة التايلاندية” التي يتم استخدام فيها الأيدي والأقدام الكواع والركب إضافة إلى الالتحام، وهي تلعب على الحلبة بواقع ثلاث جولات بمختلف الدقائق حسب الفئة العمرية وهي واحدة من الرياضات الأهم على المستوى العالمي والأولومبي، وهي تعزز الثقة بالنفس والشخصية والدفاع عن النفس وهي ليست لعبة عنيفة بل تساعد على ضبط النفس.

 
															


