loading

فرط صوتي يمني: فرفط دفاعات اسرائيل

هيئة التحرير | محمد أبو علان

قُصِفت ” تل أبيب” بصاروخ باليستي من نوع ” فرض صوت” أطلقه اليمنيين من مسافة 2000 كم، ونجح في الوصول بمدة زمنية استغرقت خمسة عشر دقيقة، فشلت فيها أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية في اعتراضه وفق ما أعلنه جيش الاحتلال في تطور نوعي من القصف اليمني والجبهة الاسنادية لغزة التي أعلنها اليمنيون منذ اندلاع الحرب على غزة، فما تداعيات هذا القصف وآثاره؟!

المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي بين في حديث ل” بالغراف” أن الإعلام الإسرائيلي تعامل مع الصاروخ اليمني بعدة زوايا، أولها من زاوية نقدية حيث تساءل عن كيفية تمكن هذا الصاروخ من الوصول إلى منطقة “تل أبيب” دون أن يتم اعتراضه رغم وجود نظام دفاعي متعدد الطبقات، لمدة خمسة عشر دقيقة أي منذ لحظة انطلاقه لغاية وصوله، ولم يتم اعتراضه قرب الحدود ولم يتم اعتراضه بالاجواء “الإسرائيلية”، كما وتساءل هل تم إصابته أو لم تتم إصابته خلال محاولة اعتراضه بعدة صواريخ خاصة يُفترض أنها قادرة على اعتراض هذا النوع من الصواريخ

وأضاف أن الإعلام انتقد أيضاً حالة الإرباك التي سببها هذا الصاروخ حيث مليونين إلى ثلاثة ملايين اسرائيلي هرعوا إلى الملاجئ صباحاً بسبب الإخفاق في عملية الاعتراض هذه، مضيفاً أنه من الجانب الأمني فهذا شيء مقلق بالنسبة “لإسرائيل” حيث كيف للحوثيين قدرة على الحصول على هذا النوع من الصواريخ التي تعتبر متطورة وهي “فرض صوتية” والتي ينتجها محور مقلق لإسرائيل الذي يضم ” روسيا، كوريا الشمالية، إيران، الصين أحياناً” وهذا الصاروخ على تطوره العالي أضحى بيد الحوثيين وهذا أمر مقلق لهم

وأفاد أن الإعلام انتقد جيش الاحتلال كونه لم يوضح للإسرائيليين ما الذي حدث ولم يشرح لهم ظروف الحدث، كما أنه يبدو غَيّب عنهم نتائج التحقيق الأولية على الأقل حتى يعرف الإسرائيلي لماذا هذا الإخفاق، كما أنهم تناولوا طبيعة الرد الإسرائيلي حيث هناك تهديدات إسرائيلية بأنه سيتم الرد على الحوثيين، بحيث أن الصاروخ كان يستهدف المطار فربما يتم استهداف مطار الحديدة، إضافة إلى تناولهم قضية أراد اليمنيين إثباتها من خلال هذا الصاروخ وهي أنهم مستمرين في ما يسمونه بعملية الإسناد للفلسطينيين في الحرب الأخيرة

وحول مفاجئة هذه الضربة لإسرائيل من عدمها بين البرغوثي أن هذه الضربة تعتبر مفاجئة لإسرائيل باستخدام هذا النوع من الصواريخ، ففي السابق تم استخدام مسيرات ووصلت، وتم استخدام صواريخ من قبل الحوثيين وبعضها وصل وأصاب وسقط في النقب دون معرفتهم حيث عرفوا بعدما وصل، دون أن تدوي صافرات الإنذار أو أن تكشفه أي رادارات، وكل هذه الأمور قد لا تشكل كحدث واستهداف صاروخي مفاجأة للإسرائيليين ولكن المفاجئ بالنسبة لهم هو نوعية الصاروخ وهو من نوع فرض صوتي واستطاع الوصول لتل أبيب دون التمكن من اعتراضه رغم المحاولات، وهو ما يشكل إشكالية أو مفاجئة عند الإسرائيليين

قلق إسرائيلي كبير

وحول أثر هذا الصاروخ بين الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب في حديث ل” بالغراف” إن هذا القصف هو قصف نوعي، سواء بهذا النوع من الصاروخ أو وصوله من على بعد 2000 كيلو متر، وعدم قدرة “إسرائيل” على اعتراضه فهو يشكل تهديداً حقيقيًا لإسرائيل، وذلك لأنها مبنية على الردع وعلى منع وصول أي من الصواريخ والطائرات أو غيرها إلى أماكن سكنية أو إلى إسرائيل أو المدن

فيما أوضح البرغوثي أن ما يثير قلق الإسرائيليين هو الإخفاق في اعتراضه وإن كان صاروخ واحد أُطلِق واستطاع الوصول ل “تل أبيب” دون أن تكون عملية اعتراضه ناجحة جزئيًا أو كلياً، فما الذي سيحدث إن تم إطلاق رشقات كبيرة من مثل هذا الصاروخ على إسرائيل فربما تكون عاجزة تماماً عن اعتراضه، وذلك لأن الصواريخ الفرض صوتية عمليًا تصل لطبقات الجو العليا وتُطلَق بسرعة عالية جدًا ولذلك تسمى بهذا الإسم، مضيفاً أن الأنظمة الدفاعية الجوية الإسرائيلية كما يبدو لديها مشكلة في اعتراض الصواريخ السريعة جداً، ولذلك لديها مشكلة إن تم استخدام هذه الصواريخ بكثرة وأُضيفت لديها باقي الصواريخ فعمليًا لن يكون النظام الدفاعي الجوي الإسرائيلي قادراً على اعتراضها

إخفاقًا إسرائيليًا بالاعتراض

وعن تداعيات هذه الضربة أفاد البرغوثي أنه ربما عسكرياً يتم استهداف اليمن مجدداً، وإن تم الرد عليها بعنف كما حدث في ميناء الحديدة فهذا سيعيد الجدل داخل “إسرائيل” بأنه عندما تُستهدف “تل أبيب” فهذا حدث كبير، ولكن إن استُهدف الشمال أو الجنوب فهؤلاء مواطنين من الدرجة الثانية ولا يتم التعامل معهم من قبل الحكومة الإسرائيلية على أنهم مواطنين درجة أولى، حيث الشمال يجوز استهدافه ويُرد عليه بالمثل والجنوب يكون نفس الشيء، ولكن أن استهدفت تل أبيب فإسرائيل ترسل طائراتها لمساحة 2000 كيلو لضرب اليمن والعودة لأن تل أبيب مختلفة عن المدن الشمالية والجنوبية وهذا يثير حساسية داخل المجتمع الإسرائيلي، بأن بعض المناطق وبعض السكان لديهم أفضلية حتى في العملية الدفاعية عن غيرهم في الشمال والجنوب وهذا نقاش موجود من فترة ليست بالقصيرة لدى المجتمع الإسرائيلي

بينما يرى حرب أن هذه الضربة قَوضت من قدرة الردع لدى إسرائيل التي كانت تتحدث عنها خلال السنوات الماضية، وأيضاً الدفاعات الجوية الإسرائيلية التي كانت تسوقها على المستوى العالمي، مضيفاً أن هناك مسألتين في هذه الضربة المسألة الأمنية والعسكرية، والمسألة الاقتصادية التي كانت تحاول دائماً “إسرائيل” تسويق منتجاتها للدفاعات الجوية على أنها متطورة وقادرة على منع أي اختراق للدفاعات الجوية الموجودة لديها، مشيراً إلى أن هذا ما يشغل بال نتنياهو في هذه اللحظة، حتى يكون لديه الدافعية للتوجه لضربة واسعة أو كبيرة ضد اليمن

وأردف حرب بأن هذه الضربة تفتح من جديد ملف الساحات المختلفة، فإذا أتى هذا الصاروخ من اليمن دون أن تستطيع اسرائيل الرد عليه، فماذا ستفعل عندما تنخرط في حرب مع حزب الله وهو القريب جدًا ولا يحتاج الصاروخ إلى أحد عشر دقيقة أو خمسة عشر دقيقة ليصل كما تم الحديث عنه خلال هذا اليوم بالتقديرات اليمنية والإسرائيلية

وأوضح حرب أنه بالنسبة لليمنيين فالأمر يمثل مسألتين وهي الحرب الموجودة على غزة والتي يُطالبون بوقفها والثانية هي الرد على قصف “إسرائيل” لميناء الحديدة، لذلك فإن هذه الضربة وفق ما قاله الحوثيين فإنها نوع من أنواع الرد وربما يكون هناك ردود أخرى كما قالوا في تهديداتهم، مفيداً أن الأهم هو أن هذه الضربة أعادت للأذهان الساحات المختلفة وعجز “إسرائيل” عن حماية ذاتها دون أن يكون هناك حامي خارجي لها والتي هي الولايات المتحدة الأمريكية

رد بالمثل

وعن الرد الإسرائيلي قال البرغوثي إنه ربما يكون بالمثل بمعنى المرة السابقة استُهدفت “تل أبيب” بمسيرة فتم استهداف ميناء الحديدة وخزانات الوقود، فطالما اليوم كان الاستهداف ل “تل أبيب” فمن الممكن أن يتم استهداف مكان استراتيجي آخر وربما يكون أحد المطارات المهمة جداً بالنسبة للحوثيين

فيما أفاد حرب أن إسرائيل ستقوم بعملية رد كما فعلت في شهر تموز الماضي رداً على القصف اليمني بالمسيرة ل “تل أبيب”، مضيفاً أن حجم وشكل هذا الرد لا يستطيع أحد التكهن به ولكنه بالغالب يشبه ما جرى في ميناء الحديدة، فقد تكون ضربة نوعية لأهداف عسكرية أو مدنية أو سياسية في اليمن

ردود الأفعال الإسرائيلية

سقوط الصاروخ الحوثي وسط فلسطين المحتلة صباح الأحد سقط كالصدمة على رأس المحللين والمراسلين العسكريين في استوديوهات الفضائيات التي بالكاد بدأت ساعات بثها قبيل سقوط الصاروخ من اليمن، الصدمة على هؤلاء كانت على قاعدة أن الحوثيين يفترض أن يكونوا مردوعين بعد القصف الإسرائيلي الواسع على ميناء الحديدية بعد المسيرة الحوثية التي قصفت تل أبيب، وقتلت إسرائيلي وخلفت أضرار مادية كبيرة حسب الرواية الإسرائيلية.

البلبلة وعدم وضوع الرؤيا، وتضارب الروايات كانت من نصيب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بشكل عام، ومن نصيب منظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية بشكل خاص، يديعوت أحرنوت كتب بعد قرابة 12 ساعة على سقوط الصاروخ البالستي من اليمن:

“في بيان للجيش الإسرائيلي الساعة 6:21 أطلق صاروخ أرض أرض من اليمن إلى إسرائيل، وعلى ما يبدو أن الصاروخ تفكك في الجو، كما جرت محاولات إسقاط للصاروخ بالقبة الحديدية ومنظومة حيتس، وجار التحقيق في نتائج محاولات إسقاطه”، وفي ساعات المساء نقلت قناة كان العبرية أن الصاروخ لم يتفكك في الجو، بل سقط في منطقة مفتوحة، وهناك فشل في منظومة الدفاعات الجوية القبة الحديدية وحيتس في محاولة إسقاطه.

الموقف السياسي الإسرائيلي الرسمي عبر عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في افتتاحية جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية حيث قال: “نحن في حرب متعددة الساحات مع محور الشر الإيراني الذي يريد تدميرنا، هذا الصباح الحوثيين أطلقوا صاروخ أرض –أرض على أراضينا، كان عليهم العلم أننا سنجبي ثمن من كل من يحاول الإضرار بنا، ومن يحتاج لتذكير في هذا الجانب، مدعو لزيارة ميناء الحديدية، كل من يهاجمنا لن يفلت من تحت أذرعنا، وحماس تعلم هذا من خلال عمليتنا المُصرين فيها على تدميره  الحركة وإعادة كل مخطوفينا”.

على صعيد التحليلات والقراءات العسكرية الإسرائيلية لحادثة إطلاق الصاروخ الحوثي، كتب المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هارئيل: “انفجار الصاروخ من اليمن بالقرب من المطار مؤشر على ثغرة مقلقة بمنظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية”.

 وتابع عاموس هارئيل:” توجه نتنياهو نحو مزيد من الهجمات العسكرية على قطاع غزة ولبنان، ولكن من غير الواضح إن كانت وجهته لحرب شاملة، لا يوجد تركيز أو اهتمام بمفاوضات صفقة تبادل الأسرى، وآلة السم الإعلامي تستهدف عائلات الأسرى، الصاروخ البالستي من اليمن كان متوقعاً، حتى إنه أطلق بعد تهديدات مسبقة من وزير خارجية الحوثيين، رغم ذلك منظومة الدفاعات الجوية فشلت في إسقاطه”.

أما حزاب المعارضة الإسرائيلية مواقفها لم تختلف بعد حادثة الصاروخ الحوثي عن مواقفها العامة من حكومة نتنياهو، اتهمتها بأنها حكومة فاشلة، وحكومة الإنجازات الصفرية، وأن على بنيامين نتنياهو تسليم المفاتيح والمغادرة إلى بيته، وفق تصريحات أدلى بها يائير حولان رئيس الحزب الديموقراطي، ويائير لبيد رئيس حزب يش عتيد/يوجد مستقبل.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة