loading

ليندا الشوبكي: صنعت الصابون لتغسل آلام الغزيين

تسنيم دراويش

خلف طاولة صغيرة داخل خيمتها المتواضعة في مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة وجدت خبيرة العناية بالبشرة ليندا الشوبكي وسيلة لتخفيف المعاناة التي خلفتها الحرب على أجساد الغزيين، رغم الظروف القاسية وانقطاع الكهرباء وندرة المواد بدأت بصنع الصابون من اللا شيء، متحدية نقص مواد التنظيف وارتفاع أسعارها، لتحول كل قطعة صابون إلى رمز للصمود والأمل.

الشوبكي تقول في حديث ل”بالغراف” إن أول قطعة صابون قامت بصناعتها كانت لتلبية احتياجات عائلتها، وبعد ذلك لاقت استحسان الجيران، ومع مرور الوقت بدأ الناس في المخيم الذي نزحت إليه والمخيمات المجاورة يطلبونه منها

وأفادت الشوبكي أن الحرب أثرت بشكل كبير على حياتها، خاصة عندما فقدت وزوجها كافة مصادر الدخل مع وجود طفليها عبد الرحمن وأميرة، فكانت الحاجة مُلِحَة لإعالة أنفسهم ولذلك قرر الزوجان العمل معًا، حيث هي تصنع الصابون بناءً على خبرتها وزوجها يتولى التسويق له عبر بسطة أصبحت نقطة معتمدة لمنتجاتهم، إضافة لتعاونهم مع بعض الجهات لتسهيل عملية التوصيل للطلبات البعيدة.

واجهت الشوبكي منذ بدء مشروعها تحديات مادية كبيرة في ظل الحرب، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الخام عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب، بالإضافة إلى ندرتها، الأمر الذي دفعها لبيع مصاغها الذهبي لشراء المواد الخام ومع ذلك فإن بعض المواد لم تعد متوفرة في السوق، ونتيجة لذلك بدأت بالبحث عن بدائل، مفيدة أنها عندما فقدت القدرة على الحصول على الزيوت العطرية كزيت الورد، قامت بتصنيعه بجودة عالية باستخدام الورد الجاف وبعض المواد الحافظة، مؤكدة أن دعم زوجها وأبنائها أساس استمرارها.

قبل الحرب كانت الشوبكي تمتلك مشروعًا لصناعة منتجات البشرة والجسم، وكان لديها زبائن من مختلف مناطق غزة، فتصف مشروعها هذا بأنه كان “ابنها الثالث”، حيث كانت تقدم به أكثر من 40 منتجًا وتروج له عبر صفحتها على موقع الانستغرام التي يتابعها 12 ألف متابع، مشيرة إلى أنها تركز اليوم على إنتاج نوعين من الصابون وهما، “صابون الغسيل، وصابون زيت الزيتون المخصص للبشرة” إضافة لبعض الطلبات الخاصة بالعناية بالبشرة.

الشوبكي توضح أن بعض المنتجات التي كانت تُعتبر في بداية الحرب رفاهية أصبحت الآن حاجة أساسية لا غِنى عنها، حيث تتلقى طلبات خاصة تشمل منتجات العناية بالبشرة التي تمتد لتشمل الشباب أيضًا، مشيرة إلى أن الأضرار لم تقتصر على المنازل بل امتد ضررها لبشرة الأشخاص، ما جعلهم يُدرِكون أهمية منتجات العناية بالبشرة خاصة بعد عام من الحرب.

ونتيجة لانقطاع الكهرباء المستمر في غزة، تجد الشوبكي نفسها مجبرة على بذل جهد إضافي لصناعة الصابون، مفيدة أنه في الظروف العادية يمكنها استخدام الآلة الكهربائية لتحريك مزيج الصابون في دقيقة واحدة، لكنها الآن تضطر لتحريكه يدويًا لمدة نصف ساعة وهو عمل مرهق للغاية، مؤكدة على التزامها بتقديم منتجات عالية الجودة بأسعار معقولة، بهدف تمكين الجميع من شراء الصابون تقدم الشوبكي صابونًا بأحجام مختلفة، مضيفة أنها لم تقلل من جودة الصابون، بل قامت بتغيير حجم القطعة لتناسب ميزانيات الجميع، فهناك قطع تبدأ من شيكل واحد فقط

تأمل الشوبكي أن يعود مشروعها قويًا كما كان قبل الحرب، متمنية أن يتبنى أحد مشروعها سواء بتوفير المواد الأساسية أو منحها مكانًا مناسبًا للعمل، حيث تقول أنها تضطر للعمل في خيمة صغيرة مع أطفالها، وتشعر بقلق مستمر عليهم بسبب المواد الكيميائية التي تستخدمها في التصنيع والتي قد تشكل خطرًا عليهم، مضيفة أن الخيمة هي كل ما لديهم الآن، لكنها تَحلُمُ بإيجاد مكانًا آمنًا لتطوير مشروعها بعيدًا عن هذا القلق.

“قد يُسلب منا كل شيء، لكن عقولنا تظل ملكنا” بهذه الكلمات اختزلت الشوبكي قصتها، مشيرة إلى أن المعرفة والشغف هما مفتاحا الاستمرار والتغلب على الصعوبات، مضيفة أنها تشجع الجميع على استثمار عقولهم والبحث عن شغفهم، معتبرةً أن ذلك هو الطريق الحقيقي للنجاح.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة