تسنيم دراويش
منذ طفولتها كانت تحلم تماضر ثوابتة بإنشاء مصنع للشوكولاتة، متأثرة بفيلم “تشارلي ومصنع الشوكولاتة”، فكان هذا الشغف يدفعها لدراسة تخصص يُغذي اهتمامها، فتوجهت لدراسة التغذية والتصنيع الغذائي حيث اكتشفت شغفًا جديدًا بالبروتين، لتبتكر منتجًا فلسطينيًا غنيًا بالبروتين.
نشأت تماضر في بيت فجار وسط عائلة تهتم بإنتاج الغذاء المنزلي، حيث كانت والدتها تصنع اللبن الرائب والجبنة ودبس العنب، ما ساهم في تعزيز حبها للإنتاج الغذائي ورغبتها في دراسته، وخلال دراستها لاحظت فوائد مصل الجبنة وهو المنتج الثانوي لصناعة الجبن، والذي يتمتع بقيمة غذائية عالية، حيث يحتوي على فيتامينات وبروتينات تُمتص بشكل أفضل من مصادر اللحوم والدجاج.
وشكل مشاهدتها لكميات كبيرة من هذا المصل تُهدر بينما يمكن استغلاله بطرق أفضل حافزًا كبيرًا لها، وقد تشكلت فكرتها عندما رأت شقيقها يشتري بروتينًا إسرائيليًا، مما جعلها تفكر في إمكانية إنتاج بروتينًا محليًا بجودة أعلى، ليتحول حلمها من إنشاء مصنعًا للشوكولاتة لتأسيس مصنعًا وشركة لإنتاج البروتين.
قررت ثوابتة ىأن يكون مشروع تخرجها في الجامعة متعلقًا بإنتاج البروتين، وحصلت على جميع المواد اللازمة من الجامعة لدعم فكرتها، و خلال تقييم مشروعها لاحظت تفاعلًا إيجابيًا من زملائها، حيث عبّروا عن إعجابهم بالمنتجات واستعدادهم لدعم المشروع، وقد زاد هذا التفاعل من حماسها وثقتها بقدرة مشروعها على النجاح في السوق.
بدأت ثوابتة مشروعها الريادي بتطوير عصير مصنوع من البروتين ومواد طبيعية، ليكون بديلاً للعصائر التقليدية المليئة بالماء والسكر والمواد الحافظة، ففي البداية جربت نكهة البرتقال التي استهدفت الكبار والصغار، لكنها لم تحقق النجاح المتوقع ومع ذلك، استطاعت تحقيق منتجها المنشود بعد إعادة التجربة بنكهة الفراولة.
ووفق ثوابتة فإن العصير يمتاز بأنه صحي وقليل السعرات الحرارية مقارنةً بالعصائر الأخرى المتاحة في السوق، مشيرة إلى أن البروتين المستخدم يساعد على خفض مستويات الكوليسترول ويعد مثاليًا للرياضيين، كما ويحتوي المصل المستخدم في العصير على مضادات للبكتيريا والفيروسات، مما يعزز فوائده الصحية، مفيدة بأن مدة صلاحية المنتج لا تتجاوز شهرًا واحدًا، إذ تفضل استخدام البسترة فقط للحفظ وترفض إضافة المواد الحافظة.
وأكدت أنها تعتمد في تصنيع العصير بالكامل على المكونات الطبيعية، باستخدام ملون طعام مستخرج من البنجر بدلًا من الألوان الصناعية، وتحفظ الفراولة المجمدة لاستخدامها كنكهة طبيعية لتعزيز الطعم، كما أنها تضيف ثلاث نكهات رئيسية “الفانيلا التي تغطي أي رائحة غير مرغوبة، والفراولة، والتوت البري”، مضيفة أن عملية إنتاج عصير البروتين تمر بعدة مراحل دقيقة، حيث تبدأ بخلط بروتين الـ “whey” مع السكر، ثم تعديل الحموضة للوصول إلى المذاق المطلوب، وعند التبريد تُضاف النكهات الطبيعية ولون المنتج، ثم يُعبأ العصير يدويًا في العلب ويتم وضع الملصقات عليها
انضمت ثوابتة إلى برنامج تدريب حول الوظائف الخضراء بالتعاون مع جامعة الخليل ومنظمة الفاو، ما ساعدها في عرض فكرتها والحصول على التمويل اللازم، إضافة لسعيها جاهدة لإلهام الشباب من خلال استضافتها كمتحدثة في الجامعة ومشاركتها في معرض الوظائف الخضراء.
تلقت ثوابتة دعمًا معنويًا كبيرًا من عائلتها، إضافة لدعمها عمليًا حيث ساعدها زوجها وشقيقيها في تحويل كراج العائلة غير المؤهل إلى مشغل إنتاج عصير البروتين، فتم تركيب الكهرباء والماء، وطلاء الجدران بمواد مقاومة للفطريات وفقًا لمعايير وزارة الصحة، مؤكدة أن تجهيز المكان استغرق عدة أشهر، حيث أُضيف مطبخ صغير لتخزين وتحضير المواد الخام.
تزامن انطلاق مشروع تماضر مع اندلاع الحرب، مما أثر عليها بشكل كبير، ورغم قرب المسافة بين بيت لحم والخليل، إلا أن الحواجز والصراعات تجعل الوصول إليها مّخاطرة كبيرة، مؤكدة أن بدء المشروع خلال الحرب لم يكن سهلاً، حيث ارتفعت أسعار المواد الخام بشكل حاد، وزادت تكلفة الشحن نتيجة المخاطر العالية، مما جعل الموردين يترددون في جلب المواد الضرورية خاصة العبوات، مشيرة إلى أنه وفي ذات الوقت ساهمت الحرب في زيادة الإقبال على منتجها، خاصة مع حملة المقاطعة والتي أدت لمقاطعة ماركات البروتين “الإسرائيلية.”
تطمح ثوابتة بتطوير مشروعها من مشغل صغير إلى شركة كبيرة تنافس الشركات الكبرى، مؤكدة أنها ستقدم مجموعة متنوعة من المنتجات بنكهات مختلفة وتعمل على تطوير خطوط إنتاج جديدة، مشددة على أهمية عدم الخوف من الفشل، وأن المحاولة المستمرة هي المفتاح للنجاح.
يذكر أن السوق الفلسطيني يشهد اهتمامًا متزايدًا بالمنتجات الصحية، رغم عدم طرح كميات كبيرة من منتجها بشكل يؤثر على السوق المحلي، ورغم ذلك يُتوقع أن يتزايد تأثيره في المستقبل، خاصة مع تزايد الوعي الصحي بين المواطنين ورغبتهم في دعم المنتجات الصحية.