في الحلقة الجديدة من بودكاست “حكي مدني” الذي يقدمه الزميل علي عبيدات تحدث المدير العام لشبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا عن الوضع الإنساني الذي يعاني منه الأهالي في قطاع غزة وتحديدًا في شمال القطاع، ودور الشبكة في تقديم الإغاثة للأهالي
وبين الشوا أن الاحتلال يرتكب جرائم إبادة متواصلة ومكثفة بحق أبناء شعبنا في شمال القطاع، الذين اتخذوا قرارًا واضحًا برفض التهجير القسري الذي يحاول الاحتلال فرضه على أبناء شعبنا، مضيفًا أن الاحتلال قام منذ الخامس من أكتوبر بفرض منع تام على دخول إمدادات الغذاء والدواء والماء إلى مناطق شمال قطاع غزة، حيث يتواجد 120 ألف مواطن معظمهم من النساء والأطفال عاشوا ألم ووجع هذه اللحظات الرهيبة التي قام بها الاحتلال في مخيم جباليا بمختلف مناطقه وغيرها من مناطق الشمال، وذلك باتبعاهم لسياسة التدمير الممنهج والعزل التام.
وأفاد الشوا باستهداف المستشفيات الثلاثة في الشمال ” العودة، والإندونيسي، وكمال عدوان” وذلك بمحاصرتها ومنع الإمدادات والمسلتزمات الطبية عنها، وصولًا إلى إخلاء الجرحى ورغم قيام بعض المؤسسات الطبية بإخلاء بعض الجرحى ولكن بقي هناك مئات الجرحى والمرضى الذين يعانون، مضيفًا أن الاحتلال اعتدى على الطواقم الطبية واعتقل البعض وأجبر البعض الآخر على الإخلاء لخارج المستشفيات، ما جعل هذه المستفيات تعمل بشكل جزئي فقط، في وقت تعاني منه من قلة الوقود وسط مخاطر حقيقية لنفاذها رغم وجود العديد من الجرحى والمرضى الذين يعانون من واقع صحي صعب، وهو ما ينذر بانتهاء حياتهم إذا ما انقطعت الكهرباء وخاصة أيضًا في ظل نقص الغذاء والماء، إضافة لاستهداف منازل المواطنين ومراكز الإيواء
وتابع أن القطاع الصحي في الشبكة ومن خلال المؤسسات الأهلية الصحية والتي تعتبر شريكًا أساسيًا للمنظومة الصحية الحكومية ولوكالة غوث وتشغيل الأونروا وغيرها من مؤسسات صحية دولية، فهم يعملون من أجل تقديم الخدمات الطبية في شمال القطاع من خلال مستشفى العودة الذي يمثل نموذجًا رائعًا في الصمود رغم كل ما تعرض له من اعتداءات، حيث تعرض مديره وعدد من طاقمه الطبي للاعتقال واستشهاد عدد آخر منهم، إلا أنه استمر في تقديم العلاج لهم، إضافة لوجود الطواقم الطبية التابعة للمؤسسات الأهلية الصحية الموجودة في الميدان كالإغاثة الطبية وغيرها التي تعمل من أجل إنقاذ أبناء الشعب من خلال المتطوعين
وأكد أنهم يعملون أيضًا في مدينة غزة ووسط وجنوب القطاع، حيث يوجد عشرات النقاط الطبية التي تعمل من خلالها المؤسسات الطبية رغم الصعوبات التي توجهها الشبكة، حيث هناك مخاطر على حياة الطواقم ونقص حاد في الإمدادات الطبية، مفيدًا أنهم يعملون بفعالية ودور كبير من خلال تواجدهم في مراكز الإيواء من خلال تقديم الخدمات
ولفت الشوا إلى أن هذه الحرب تختلف عن الحروب السابقة اختلافًا كليًا وبشكل غير مسبوق، سواء من طبيعة الهجمات أو حجم الخسائر البشرية للمدنيين أو استهداف المدنيين، حيث العدد الكبير من الشهداء والجرحى، إضافة للمسح الكامل للأحياء والمناطق حيث 70% إلى 80% من المباني دُمِرَت، كما عمد الاحتلال على قطع كامل لإمدادات الغذاء والدواء وتشريد 90% من سكان القطاع، إضافة للواقع الإنساني الصعب فجرائم الإبادة غير مسبوقة كما أن موقف المجتمع الدولي غير مسبوق بالتخاذل والفشل في الضغط على الاحتلال لوقف العدوان
وأوضح أن المنظمات الأهلية الفلسطينية كانت المستجيب الأول لهذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، مبينًا أنهم لم ينتظروا أي توجيهات من أي جهة حيث كانت كافة طواقم المنظمات تعمل على الأرض، مضيفًا أنهم تعرضوا للنزوح كغيرهم وفقدوا مكاتبهم ومؤسساتهم إلا أنهم عملوا دون شيء ودون إمكانيات، إضافة لعملهم ولقاءاتهم مع منظمات الأمم المتحدة للتأثير بعملهم الإنساني وبناء هيكل لتنسيق الجهود على الأرض، مؤكدًا أنهم يواصلون عملهم بالتواصل مع المؤسسات الدولية لفضح جرائم الاحتلال، إضافة لدورهم الكبير في تقديم الخدمات ومياه الشرب رغم قلة الإمكانيات.
وأفاد الشوا أن الشاحنات التي تدخل للقطاع في الوقت الحالي هي أقل عدد يدخل منذ بدء العدوان، حيث دخل في شهر سبتمبر 3030 شاحنة، بينما دخل في أكتوبر لا يتجاوز عدد الشاحنات التي دخلت 800 شاحنة فقط، مبينًا أنه وفي ظل استمرار العدوان والكارثة الإنسانية المعقدة فكميات الشاحنات تتناقص، مشيرًا إلى أن وقف الإمدادات في الشمال منذ 25 يومًا هو تهديد مباشر لحياة الأهالي الذين يعانون من سوء تغذية وفقر دم وعطش وفقدان للمنظومة الطبية
ولفت إلى أنهم يتعاملون مع واقع صعبٍ جدًا وخطير في الشمال سواء للعاملين بالمجال الطبي في المستشفيات أو العاملين بالإسعاف الذين يتحركون على الأقدام لإنقاذ الجرحى، إضافة إلى أن كل من يتحرك لنقل الماء أو الغذاء يتم استهدافه، مطالبًا مؤسسات الأمم المتحدة بالتحرك لوقف جرائم الإبادة في الشمال ورفع الحصار عن مناطق الشمال والعمل من أجل تأمين الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني
وتابع الشوا بأن هناك توثيقًا قانونيًا لجرائم الاحتلال ويتم إرسالها لجهات الاختصاص، ولكن المشكلة الكبرى ليست في التوثيق ولكن في اتخاذ الخطوات لمحاسبة ومعاقبة الاحتلال فهناك العديد من القضايا التي رُفعت ومنها قضايا لمقاطعة الاحتلال ومنع توريد الأسلحة له، وغيرها من القضايا.
وأضاف أن الاحتلال يحاول تثبيت واقع جديد من خلال ممارسته بأن لا حق للشعب الفلسطيني بإقامة دولة أو حق العودة للاجئين أو تعويضهم، مبينًا أن خروج المظاهرات المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني واعتراف بعض الدول بفلسطين وحقوقها، يؤسس لمرحلة جديدة لفضح هذه الاحتلال الذي بات واضحًا أنه ينتهك بشكل منظم كل الاتفاقيات ومبادئ حقوق الانسان، مشددًا على ضرورة تحرك المؤسسات المدنية والرسمية للتواصل مع البرلمانات الدولية وصناع القرار بالدول، ليكون هناك نواة تحرك على صعيد اتخاذ القرار
وأكد الشوا أن الأهالي رفضوا التهجير وصبروا على القتل والجوع والعطش في سبيل إجهاظ مشروع الاحتلال في شمال غزة بالاستيطان، ولذلك فهم يحتاجون لمقومات صمود من كافة الجهات السياسية والاجتماعية من خلال العمل على الوحدة الفلسطينية وإنهاء الإنقسام والعمل من أجل استنهاض القوى الفلسطينية وتوحيد الرسالة الفلسطينية أمام العالم، مشيرًا إلى أنه لا يوجد دور كبير للقطاع الخاص في دعم صمود أبناء الشعب في الشمال ويجب عليهم القيام بدعمهم بشكل أكبر
وقال الشوا إن التفكير الحالي مُنصبُ على إنهاء العدوان، ولكن وفي ذات الوقت فإن هناك تواصلًا مع الجهات الحكومية والدولية لتشكيل فريق وطني لإعادة إعمار قطاع غزة وتعافي القطاعات المختلفة على الرغم من الدمار الكبير الذي حدث، مشيرًا إلى أنه في الوقت الحالي هناك تواصلًا مع منظمات الأمم المتحدة للقيام ببرامج للتمكين الاقتصادي لبعض الفئات لتحقيق الأمل، مؤكدًا أن غزة طائر العنقاء ستنهض من جديد وستعمر ما دمره الاحتلال، مبينًا أن المنظمات عملت ونهضت رغم كل شيء منذ بداية العدوان جنبا لجنب مع الكثير من المؤسسات لمساعدة الشعب، وأنهم ما زالوا يقومون بتقديم المساعدة رغم قلة الخبرة السابقة لهم للتعامل مع هكذا ظروف صعبة
وأوضح أن رسالته للعالم هي رسالة كل طفل وامرأة ومريض وجريح وشاب وذوي إعاقة بأن ما يحدث في القطاع هو نتيجة لفشل المجتمع الدولي في فرض إرادة القانون والقانون