مها عويس
مع حلول أعياد الميلاد التي كانت تشهد عادةً أجواءً احتفالية تعج بالسياح والحجاج من مختلف أنحاء العالم سنويًا في مدن فلسطين المقدسة مثل بيت لحم والناصرة، يخيّم الحزن والركود هذا العام على القطاع السياحي بفعل الأزمات المتلاحقة فالحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده وتحديدًا على قطاع غزة والإغلاقات المتواصلة، إلى جانب التداعيات المستمرة لجائحة كورونا قللت من أعداد الزوار وأثّر سلباً على الاقتصاد المحلي الفلسطيني.
وتعقيبًا على ضعف الحركة السياحية في مدينة بيت لحم قال المتحدث باسم وزارة السياحة الفلسطينية جيريس قمصية خلال حديثه لـ “بالغراف” إن أعداد السياح القادمين لبيت لحم منذ السابع من أكتوبر عام 2023 لم يتجاوز 2.5% إلى 3% من العدد المتوقع، مشيرًا إلى أنّ معظم السياح الذين زاروا البلاد مؤخرًا كانوا من جنسيات مثل الإندونيسية والفلبينية وبعض الأوروبيين، لكن أعدادهم ضئيلة جدًا.
وأضاف أن وزارة السياحة تعمل على إيجاد حلول للمعوقات التي سبّبها العدوان الإسرائيلي، مع وضع خطط لاستعادة السياحة بعد انتهاء الحرب على القطاع، بما يتضمن العمل على توفير ظروف أمنية ملائمة للسياح، كما يجري استقبال بعض الوفود السياحية القادرة على الوصول عبر الأردن.
وأوضح قمصية أن الحكومة الفلسطينية، رغم الحصار الاقتصادي والسيطرة الإسرائيلية على أموال المقاصة، تركز على أولويات دعم قطاع غزة والمدن المتضررة في شمال الضفة الغربية، مما يحدّ من قدرتها على دعم قطاع السياحة بشكل كافٍ في بيت لحم وغيرها من المدن.
وأشار إلى أن مدينة بيت لحم التي تضم 78 فندقاً، حاليًا لا يعمل منها سوى 5 فنادق، أُعيد تشغيلها خلال فترة عيد الميلاد، حيث استقبلت سُياحًا بنسبة لا تتجاوز 20%، مؤكدًا أن حوالي 7 آلاف موظف كانوا يعملون في قطاع السياحة تضرروا نتيجة توقف النشاط السياحي في البلاد.
خسائر كبيرة
بلغت خسائر مدينة بيت لحم نتيجة العدوان الإسرائيلي حوالي 1.5 مليون دولار وفقًا لإحصائيات وزارة السياحة، وحول ذلك بين قمصية أنه يوجد تعاون مع بعض المنظمات الدولية لتطوير القطاع السياحي الفلسطيني، مشددًا على ضرورة تشجيع السياحة الداخلية في فلسطين، مضيفًا أن عودة السياحة تعتمد على استقرار الوضع الأمني وعودة حركة الطيران، إضافة لوقف الأعمال العدائية.
وأفاد بوجود خطط مستقبلية للتشبيك مع مكاتب سياحية عالمية لاستقطاب السياح تدريجيًا، وذلك عند توافر الظروف المناسبة لذلك.
وتابع قمصية بأن عام 2019 كان عامًا نموذجياً لقطاع السياحة، حيث زار فلسطين خلاله نحو 3.5 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم ولكن الوضع تغير بشكل جذري مع جائحة كورونا في 2020، واستمر تأثيرها حتى عام 2023، الذي شهد بداية تعافي قبل أن يندلع العدوان في شهر أكتوبر ما أدى لتوقف السياحة بالكامل.
الفنادق في أزمة حقيقية
من جهته، قال رئيس جمعية الفنادق العربية وصاحب فندق “بيت لحم” إلياس العرجا، إن الحرب الحالية أثّرت بشكل كبير على الفنادق الفلسطينية، خاصة في مدينة بيت لحم التي تعتمد على السياحة الوافدة وتحديدًا الحجّاج المسيحيين.
وأوضح أنهم اضطروا لتقليص عدد الموظفين من 80 إلى 6 فقط في الفندق لتجنب الإغلاق الكامل ومحاولة إنقاذه، مشيراً إلى أن الفنادق لم تحصل على أي مساعدات حكومية لتجاوز الأزمة، وأن الأموال المستحقة من السلطة الفلسطينية للفنادق لم تُدفع حتى الآن.
أزمة السياحة في الناصرة
وفي سياقٍ متصل حول تضرر القطاع السياحي قالت مديرة جمعية الناصرة للثقافة والسياحة خلود أبو أحمد إن مدينة الناصرة تعاني أزمة حادة في القطاع السياحي حتى قبل اندلاع الحرب، وأرجعت أسباب ذلك إلى تراجع الأمن وانتشار العنف والجريمة في أراضي 48، بالإضافة إلى انخفاض حركة السياحة والاقتصاد المحلي منذ جائحة كورونا.
وأضافت أن الحرب الأخيرة فاقمت الأوضاع، حيث تأثرت المدينة في ظل استمرار دوي صافرات الإنذار، منوهة إلى أن الكنائس في مدينة الناصرة أعلنت تقليص الاحتفالات نتيجة استمرار الحرب الإسرائيلية.
وأوضحت أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى تهميش مدينة الناصرة رغم أهميتها باعتبارها الوجهة المهمة للحجّاج المسيحيين، مضيفة أيضًا أن المطاعم والفنادق في المدينة كانت الأكثر تضررًا، حيث أُغلِقَ عدد من المطاعم بسبب ضعف حركة السياحة والشراء.