loading

من حقبة أبو عمار لحقبة أبو مازن: السلطة تواصل تعذيب العملاء

ترجمة محمد أبو علان/ خاص بالغراف

وجهة نظر متداولة في الشارع الفلسطيني أن المتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي محميون في الاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن أجهزة الأمن الفلسطينية تتجنب ملاحقتهم، ولكن تقارير إعلامية إسرائيلية، وقرارات قضائية إسرائيلية صدرت، وقضايا أخرى تنظر في المحاكم، كل هذه المكونات تتحدث بعكس هذا الرأي تماماً، هناك عشرات المتعاونين من الفلسطينيين اعتقلوا في سجون السلطة، وادعوا تعرضهم للتعذيب.

 ومن هؤلاء العملاء من حكم لعدة سنوات وفق ما ذكره الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي كالمان ليبسكند في تحقيق له نشر في معاريف العبرية يوم الجمعة 3-1-2025 تحت عنوان:” عالم التعذيب السادي للسلطة الفلسطينية ضد المتعاونين مع إسرائيل لإنقاذ حياة”، كما اعتبر الصحفي الإسرائيلي اعتقال المتعاونين مع إسرائيل وتعذبيهم أمر ساعد في تنفيذ عمليات ضد إسرائيل”.

ومما جاء في تقرير الصحفي الإسرائيلي: “أصابتكم الصدمة من سجون بشار الأسد، هل فزعتكم من أشرطة الفيديو من سجون حماس، أنتم مدعون للتعرف على ممارسات التعذيب المرعبة في سجون السلطة الفلسطينية، وضحيتها أشخاص حاولوا مساعدة إسرائيل في إنقاذ حياة إسرائيليين”.

 عشرات القضايا رفعت ضد السلطة الفلسطينية من متعاونين فلسطينيين ساعدوا الجيش الإسرائيلي على خلفية ما وصفوه ب “التعذيب السادي” الذي كان في عهد عرفات واستمر في عهد أبو مازن، وشمل التعذيب الضرب بالأسلاك المعدنية، والتعليق عراة، والتعذيب على المواقع الحساسة في الجسم، وسلسلة طويلة من أعمال التعذيب الأخرى.

ادعاءات العملاء عن التعذيب:

“أ” يبلغ من العمر 40 عاماً، أفرج عنه قبل تسع سنوات بعد أن اعتقل في سجون السلطة الفلسطينية إثر كشف أمر تعامله مع قوى الأمن الإسرائيلية في منع تنفيذ عمليات للمقاومة، وهو عربي كبر في مناطق السلطة الفلسطينية، وحكم عليه على تهمة التعاون مع إسرائيل بالسجن الفعلي لسبع سنوات.

القاضية في المحكمة الإسرائيلية في القدس قالت:” حسب الأدلة المعروضة أمامي واضح أن المشتكي تعرض للتعذيب والضرب المبرح، مما يلزم السلطة الفلسطينية التقديم ل “أ” تعويض مالي كبير، وخلال سنوات القضية الطويلة أوضح “أ” عمليات التعذيب الذي تعرض لها من جهات إنفاذ القانون في السلطة الفلسطينية.

ادعى “أ” تعرضه للتحقيق وهو مكبل اليدين والرجلين وواقفاً عارياً، وكيف كان ينام في زنزانة مليئة بالماء لمنعه من النوم، وكيف كانوا يوقظونه من النوم تحت الضرب، وكانوا يجروه من الزنزانة لساحة السجن، وكان يجبر الإمساك بزجاجات مياه ساخنة على درجة 90 تقريباًـ، وكيف كان يتعرض للضرب كلما حرك يداه.

كما ادعى أن المحققين طفوا السجائر على جسده وضربوا على رأسه بقوة في الحائط، وكيف بقي في العزل الانفرادي في زنزانة صغيرة لمدة ثلاثة شهور، وهو يرتدي ملابس داخلية فقط، دون السماح له الخروج للحمام، كما ادعى إدخاله في خزانات مياه باردة على سطح السجن ليالي عديدة، وكيف ربطوا ساقية إلى رأسه وعلقوه في السقف، وكيف سكبوا الماء البارد عليه وشغلوا المروحة تجاهه، ورسموا سلم على الحائط وطلبوا منه الصعود عليه، وضربوه ضرباً مبرحاً بعد أن لم يتمكن من الصعود، وأجبر بالجلوس على الزجاجات وهو عارٍ.

وكتب الصحفي الإسرائيلي أيضاً: “على كل السياسيين الإسرائيليين ونشطاء مؤسسات حقوق الإنسان الذين التقوا رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن أن يعلموا إن عناصر أجهزته الأمنية اعتقلت وعذبت أشخاص بسبب مساعدتهم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على محاربة “الإرهاب”.

قضية المدعو “أ” هي قضية من عشرات قضايا المتعاونين التي تنظر في المحاكم الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية بدعوى تعرضهم للتعذيب في سجون السلطة الفلسطينية بسبب تعاونهم مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وفي قضايا ترافع عنها المحامي الإسرائيلي باراك كديم في المحكمة اللوائية في القدس، في البعض من القضايا صدرت قرارات قضائية ضد السلطة الفلسطينية بدفع تعويضات بملايين الشواقل لعشرات العملاء بعد أن وجدت المحكمة الإسرائيلية إنهم خرجوا من سجون السلطة الفلسطينية معاقين.

غالبية القضايا التي تم البت فيها تعود لسنوات طويلة سابقة، تعود لحقبة رئيس السلطة ياسر عرفات، إلا أن القضية التي عرضت في بداية التقرير كان من مرحلة أبو مازن، وهناك العديد من القضايا التي تعرض الآن في المحاكم الإسرائيلية تعود للمرحلة الحالية ولكن لم يتم البت فيها حتى اليوم، وكلها تتعلق بالتعذيب من السنوات الأخيرة.

وفي سياق تقريره يطالب الصحفي الإسرائيلي معد التقرير عن تعذيب المتعاونين مع إسرائيل الجهات الإسرائيلية السياسية والأمنية عدم تجاهل موقف السلطة من المتعاونين الفلسطينيين الذين يساعدون المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في إحباط عمليات إنقاذ حياة الإسرائيليين خلال اتصالاتهم مع السلطة الفلسطينية والتنسيق معها.

وتنقل الصحيفة العبرية شهادة لعميل آخر أشارت له بالحرف “ب “اعتقل لدى السلطة الفلسطينية بتهمة العمالة للاحتلال: 1312 يوم قضى “ب “في سجون السلطة وتعرض للكثير من أساليب التعذيب المرعبة حسب وصفه، وكل هذا بسبب تعاونه مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، هذه القضية كانت في سنوات ال 90 ، وعام ونصف بعد تسلم ياسر عرفات جائزة نوبل للسلام، وكان لجانبه يتسحاق رابين وشمعون بيرس، ويدعي “ب” إنه تعرض للضرب والتعذيب بكوابل كهرباء، وبقضبان حديدية، تم تقيده في أوضاع صعبه، ومنعه من النوم والاستحمام، والخروج للحمام، وأساليب تعذيب أخرى صعبة جداً، وأورد تقرير معاريف روايات لعملاء آخرين اعتقلوا في سجون السلطة على خلفية تعاونهم مع الاحتلال، كلهم ادعوا تعرضهم لذات أساليب التعذيب الذي ادعى بها كل من “أ” و”ب”.

المحامي باراك كديم الذي يمثل العملاء شبه ما نقل عن السجون السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد بما يجري للمتعاونين مع إسرائيل في سجون السلطة الفلسطينية، وقال في هذا السياق:” أنا أمثل العشرات من المتعاونين وبائعي الأراضي لليهود، الذين اعتقلوا وعذبوا في سجون السلطة الفلسطينية، الشهادات التي قدمت أمام المحكمة الإسرائيلية عن التعذيب في سجون السلطة مثير للاشمئزاز بذات الحجم”.

وتابع المحامي الإسرائيلي:” السلطة الفلسطينية هي مخلوق قسري إسرائيلي، وتتنفس يومياً على يد إسرائيل، وإسرائيل موقعة على الاتفاقية الدولية لمنع التعذيب، والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، لا يمكن السماح ببقاء سلطة تمارس التعذيب ضد معتقلين، ولا يمكن السماح بوجود سلطة تدعم الإرهاب”.

وفي محاولة مسبقة لتبرير التعذيب في السجون الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين كتب الصحفي الإسرائيلي: “ترددت في كتابة هذه الفقرة الأخيرة، كونها بدت لي لا ضرورة لها، ولكن سأكتبها لمساعدة من ليس بمقدورهم التفريق بين ما يجري في غرف التحقيق عندنا وغرف التحقيق الفلسطينية، ولمن يدعي أن في السجون الإسرائيلية يوجد تعذيب، لكل هؤلاء، أولاً، بالنسبة لكل من عذبوا على يد السلطة الفلسطينية كونهم يريدون بيع أراضي لليهود، لدينا لا يوجد أشياء كهذه، إسرائيل لا تحقق جنائياً مع يهودي يبع أرض للعرب، وبالتأكيد لا يتم منعه”.

وتابع تبريره للتعذيب في غرف التحقيق الإسرائيلية: “وماذا بالنسبة للمتهمين بالتعاون مع إسرائيل؟، نذكر أن جهاز الشاباك يستخدم أدوات قاسية في التحقيق لمنع وقوع عمليات، وفي محاولة منع عمليات قد تؤدي لقتل أناس أبرياء، لا يوجد في الجانب الفلسطيني نظير لهذا الأمر، والتعذيب الذي يخضع له الفلسطينيين في سجون السلطة لمنع هؤلاء من نقل معلومات للجهات الإسرائيلية المسؤولة عن منع وقوع عمليات، أكثر من ذلك، لو لم ينفذ الفلسطينيون عمليات ضدنا لما اعتقلناهم، أو كما ادعى المحامي كديم الذي تقدم بشكوى باسم العملاء الفلسطينيين:” التعاون الذي قام به المشتكي هدف لمنع عمليات إرهابية، ومنع سفك دماء، واعتقال العملاء من قبل السلطة الفلسطينية ساعد في تنفيذ عمليات”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة