بلال غيث كسواني
لقمة عيش علاقة على حواجز الاحتلال، هكذا يُلَخِص مزارعو الاغوار معاناتهم جراء حواجز الاحتلال التي تعيق قيامهم بزراعة أرضهم وتسويق منتجاتهم الزراعية في أرجاء الأغوار الفلسطينية.
المزارع ضرار صوافطة يقول إن حواجز الاحتلال تحتجز المنتجات الزراعية لساعات طويلة قبل السماح بمرورها ما يتسبب بتلفها ونقص مدة صلاحيتها خصوصا في فصل الصيف، مضيفًا أن المزارعين قد يتنظروا ساعات للمرور على حاجزي الحمراء أو تياسير أو تلك المحيطة بمدينة أريحا لتسويق منتجاتهم في سوقي قباطية وبيتا المركزين وقد لا يمسح لهم بالمرور في بعض الأحيان، في معاناة يُصعَب وَصفها.
وتحدث ضرار عن معاناة أهل قريته بردلة في أقصى شمال الأغوار التي أحاطها الاحتلال بجدار فصل عنصري لمنع المزارعين من زراعة أرضهم ورعي أغنامهم، مبينًا أن قريته خسرت 12 ألف دونم من أراضيها الزراعية ومراعيها جراء الجدار الذي يجري إنشاؤه حاليًا، مشيرًا إلى أن المعاناة لا تقتصر على الزراعة بل تمتد إلى الرعي، إذ فقد المزارعون مراعيهم أيضًا في المقابل يُسمح للمستوطن بتربية الأبقار ورعيها في محاصل الفلسطينيين الزراعية لتدميرها وحرمانهم من مصدر دخلهم.
وأردف أن الاحتلال قلل كميات المياه الممنوحة للمزارع في تجمعات قرى بردلة وكردلة وعين البيضا بشكل كبير من أجل عدم تمكين المواطنين من مواصلة الزراعة في أرضهم، إضافة لمصادرة جزء آخر تحت حجج أمنية لإقامة عوائق قرب الحدود الأردنية الفلسطينية.
تشير دراسة نشرت في مجلس الدراسات الفلسطينية حول واقع الزراعة بعد السابع من أكتوبر 2023 إلى أنه ووفقًا لقديرات تقرير الأونكتاد “التقرير الاقتصادي عن فلسطين”، فإن الخسائر السنوية للمزارعين الفلسطينيين في الأغوار تُقَدَرُ بحوالي 50 مليون دولار أمريكي، وذلك نتيجة للقيود المفروضة على حركة البضائع عبر الحواجز والمعابر، مما يؤدي إلى تأخير أو إتلاف المنتجات الزراعية.
وتوضح ذات الدراسة أن الأغوار تُسهم بحوالي 60% من إنتاج الخضروات في الضفة الغربية، و30% من إنتاج الفواكه (وزارة الزراعة الفلسطينية، 2023)، ما يجعلها عُنصرًا حاسمًا في الاقتصاد الفلسطيني.
خسائر تصل 100% لمزارعين في الأغوار
الأمين العام المساعد لاتحاد الفلاحين والتعاونيين الزراعيين جمال مبسلط بين في حديث لـ”بالغراف” إن حواجز الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال بالأغوار غير مسبوقة، ووصلت إلى حد الوصول لعدم قدرة المزارعين لجني المحصول قبل الوصول للتسويق.
وأوضح مبسلط أن الانتظار لساعات طويلة على الحواجز يُفقِد المحاصيل جودتها، ما تسبب بخسائر مادية وبترك المزارعين للأراضي وعدم الزراعة جراء المعاناة الكبيرة للزراعة والتسويق واعتداءات المستوطنين.
وتابع بأن المستوطنين في قرية العوجا بالأغوار وقاعون وفي المغير وكفر مالك برام الله وبرقة بنابلس وغيرها يقومون بالرعي في المحاصيل الزراعية للمواطنين، لإبعادهم عن أراضيهم، وقد تصل نسبة الضرر في بعض المزارع إلى 100%.
وأشار مبسلط إلى ازدياد تكاليف نقل البضائع من الأغوار إلى الأسواق بحوالي ما بين 30- 50%، وهذه نسبة كبيرة تُفرَض على كاهل المزارع في ظل انخفاض أسعار الخضروات التي تُزرع بشكل كبير في الأغوار.
ملحم: خزان الثروة الحيوانية مهدد بفعل الإغلاق
مدير اتحاد المزارعين في فلسطين عباس ملحم يرى في حديث ل” بالغراف” أن خزان الثروة الحيوانية والنباتية أصبح مُهددًا في الأغوار بعد أن أصبحت الأغوار الفلسطينية بيئة طاردة لرعاة المواشي والمزارعين الفلسطينيين بفعل استهدافهم من قبل الاحتلال والاستيطان الرعوي.
وأضاف ملحم إن الاغلاقات راكمت مزيدًا من التحديات أمام المزارعين الذين أصبح من الصعب عليهم تقديم منتجاتهم الحيوانية بسرعة وبشكل محفوظ بفعل الحواجز، كما وأصبحت المنتجات الحيوانية من ألبان وأجبان تتعرض للتلف بسبب الانتظار الطويل على الحواجز.
وبين أنه يجري حصر الخسائر التي لحقت بالمزارعين ومربي الثروة الحيوانية والتي تقدر بعشرات الملايين، جراء الحرب التي شنها الاحتلال بالتزامن مع حربه على غزة ضد الأغوار الفلسطينية ومناطق جي ومسافر يطا، وهي خزان الثروة الحيوانية في فلسطين والذي أصبح مُهددًا بالنفاذ.
وتابع بأن المزارعين يتعرضون لسرقة مواشيهم من قبل المستوطنين ويتعرضون أيضًا لقتلها من قبل جيش الاحتلال ويُمنعون من الرعي بحرية، ويضطرون لشراء الأعلاف من أجل إطعامها، كما ويقوم المستوطنون في موسم حصاد المحاصيل العلفية بحرق الأراضي الزراعية، أو منع المواطنين من الوصول لحصادها.
————–
تم إعداد هذه المادة من خلال مشروع حماية حق التجمعات الفلسطينية في التنمية من خلال المناصرة ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان المنفذ من خلال مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ومؤسسة WeWorld .
بدعم من الإتحاد الأوروبي، محتوى هذه القصص لا يعكس بالضرورة وجهة نظر وآراء الإتحاد الأوروبي.