ترجمة خاصة لبالغراف
منذ اللحظات الأولى للعملية العسكرية الإسرائيلية على شمال الضفة الغربية والتي بدأت من مخيم جنين وحملت اسم “الجدار الحديدي” كان واضحاً أن العملية سياسية بأدوات عسكرية، وتهدف لأول ما تهدف للحفاظ على تماسك حكومة نتنياهو على خلفية صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مع حماس بعد أن هدد سموتريش بالانسحاب من الحكومة، وفي النهاية قدم مجموعة من المطالب لنتنياهو من بينها عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية بحجة تعزيز الأمن في الضفة الغربية، واتخذ قرار العملية العسكرية في ذات جلسة الحكومة وجلست الكبنيت اللواتي تم المصادقة فيهما على صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة.
مقال لهيئة التحرير في صحيفة هآرتس العبرية أكد أن هذه العملية العسكرية بالفعل عملية سياسية بامتياز، وجاء في مقال هيئة التحرير: في الوقت الذي تتجه في الأنظار لما يجري في قطاع غزة، يستمر تنفيذ السياسة الإسرائيلية المتبعة في الحرب على قطاع غزة في الضفة الغربية، عملية “السور الحديدي” مستمرة في الضفة الغربية منذ أكثر من أربعة أسابيع، تشمل تهجير السكان، ويد إسرائيلية خفيفة على الزناد، هدم المنازل وتخريب البنية التحتية.
وفق مصادر فلسطينية، حوالي (30) ألف فلسطيني هجروا من منازلهم في مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية، في الوقت الذي يدعي فيه الجيش الإسرائيلي إنه لا توجد سياسة تهجير سكان، شهادات من جنين وطولكرم بينت أن الجيش الإسرائيلي يدفع نحو تهجير واسع للسكان لفترات زمنية طويلة قياساً لعمليات إسرائيلية سابقة.


وتابعت هيئة تحرير هآرتس: حتى بدون تهجير رسمي ومنظم، منع الحركة، إطلاق النار، نشر القناصين، الهدم، وقطع الكهرباء والنقص في المياه تدفع بالسكان لترك مواقع سكنهم، إضافة إلى ذلك تم توسيع تعليمات إطلاق النار في الضفة الغربية بما فيها إطلاق النار على كل من “يعبث بالأرض”.
حسب الجيش الإسرائيلي، العملية العسكرية شمال الضفة الغربية تهدف لمحاربة الجماعات المسلحة في مخيمات اللاجئين، ولكن الفلسطينيين يرون بأن هدف العملية العسكرية الإسرائيلية تدمير المخيمات والقضاء عليها، وهنا يجب التذكير بأن العملية العسكرية جاءت بعد ضغط من المستوطنين طوال العام الماضي، والذين طلبوا تحويل الضفة الغربية ساحة حرب، وبعد وقف إطلاق النار في غزة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قدم هدية للوزير سموتريش هدية “ميني تراتسفير” في الضفة الغربية لكيلا ينسحب من الحكومة.



في الواقع، كما هو الحال في غزة، في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية الجيش يهدم بنى تحتية مدنية، ومنازل ويخرب الشوارع، الطريق إلى المستشفى الحكومي في جنين تم تخريبه، وعلى مدخله تم وضع حواجز عسكرية، وعلى الرغم من النفي الرسمي للجيش بتخريب بنى تحتية مدنية وتهجير سكان، جهات أمنية إسرائيلية تتحدث عن ذلك بشكل غير رسمي بأن قيادة المنطقة الوسطى تدفع باتجاه تغير شكل ومساحة المخيمات، وحصلوا على تصريح لذلك من المستوى السياسي.
عملياً، الحكومة الإسرائيلية رأت ما يجري في قطاع غزة فرصة لتغيير الواقع في الضفة الغربية، تستخدم قضية “مكافحة الإرهاب” كمبرر لتدمير البنية التحتية، وتهجير السكان والاحتفاظ بتواجد عسكري دائم، كما أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي موضع ترحيب من المستوطنين كونه يمنع قيام دولة فلسطينية.
وختمت هيئة التحرير في صحيفة هآرتس مقالها التحليلي لما يجري في الضفة الغربية: إسرائيل مجبرة على السماح بعودة ال (30) ألف مواطن الذين تم تهجيرهم من المخيمات، والتوقف عن نقل السياسية الإسرائيلية المتبعة في لحرب على قطاع غزة للضفة الغربية، وعليها أن تدرك أن التنكيل بالسكان الفلسطينيين لن يؤدي لحل مشاكل إسرائيل الأمنية، بل على العكس يؤدي لتوسيع دائرة العنف، ولتدمير كامل لحل الدولتين.