ترجمة خاصة لبالغراف
العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي “السور الحديدي” هي عملية سياسية بأدوات عسكرية للحفاظ على تماسك ائتلاف بنيامين نتنياهو أمام اتفاق المرحلة الأولى لصفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مع حماس في قطاع غزة، إلى جانب الاستجابة لدعوات قادة المستوطنين في الضفة الغربية بوجوب عملية عسكرية في الضفة الغربية كتلك التي في قطاع غزة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، كلما تعمقت العملية أكثر في مخيمات اللاجئين شمال الضفة زادت وتيرة التحريض السياسي والأمني وحتى الإعلامي على مجمل الضفة الغربية وليس فقط على شمال الضفة، تقرير صحفي أعده مراسل يديعوت أحرنوت في الضفة اليشوع كيمون يدعي فيه أن الضفة الغربية تحولت لبرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وذلك على خلفية كميات الأموال والأسلحة التي تتدفق للضفة الغربية من جهات خارجية.
بالإضافة لعوامل أخرى قد تساعد في الانفجار منها الوضع الاقتصادي السيء في مناطق السلطة الفلسطينية، والممارسات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، والأسرى المحررين في المرحلة الأولى من صفقة التبادل، وكل هذه الادعاءات باتت أسطوانة مشروخة لتبرير جرائم الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مع أن كل المؤشرات الحقيقية بعيدة عن كل هذه التقديرات الإسرائيلية.
ومما جاء في تقرير الصحفي الإسرائيلي عن الأوضاع في الضفة الغربية تحت عنوان: “برميل متفجرات: أموال وأسلحة تتدفق للضفة الغربية، والأسرى المحررين يثيرون القلق”: الارتفاع في تدفق السلاح والمال لمناطق السلطة الفلسطينية في ظل الضائقة الاقتصادية التي تعيشها، وبمناسبة شهر رمضان، يرفعون درجة الاستعداد في الجيش الإسرائيلي وفي جهاز الشاباك، متابعة للأسرى المحررين الذين أفرج عنهم في الصفقة الأخيرة من أـصحاب الخبرة في توجيه العمليات، والعملية العسكرية في مخيمات اللاجئين شمال الضفة، وإدارة المخاطر في المسجد الأقصى تعتبر هي الأخرى نقاط غليان في الضفة الغربية.
وتابع الصحفي كيمون في يديعوت أحرنوت: بعد شهور طويلة من الحرب والتوتر في مختلف الساحات، الضفة الغربية موجودة الآن أمام انعطافه حادة، على الرغم من تراجع عدد العمليات، إلا أن تسلسل الأحداث المتوقعة ستصل لذروتها خلال الأسابيع القادمة ستترك أثرها على منطقة الضفة الغربية.
العمليات الأخيرة التي كانت في إسرائيل ومنها عملية وضع العبوات في الحافلات التي لم تنفجر تشير إلى اتجاه قد يتغير، ربما بين هذه العمليات لا توجد علاقة مباشرة، لكنها تؤشر على وضع أمني متدهور، الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك لازالا يحققان في التفجيرات المتزامنة، وفي ذات الوقت يحاولان الحفاظ على الوضع القائم بدون تصعيد، إلى جانب كل هذا، هناك مجموعة من النقاط تتشابك خلال الأسابيع القادمة قد تؤدي للتصعيد.
الأسرى المحررين:
مئات الأسرى الفلسطينيين أفرج عنهم إلى الضفة الغربية في عدة دفعات من المرحلة الأولى لصفقة تبادل الأسرى، في المؤسسة الأمنية يقولون هذا الثمن الذي يجب دفعه، ونحن نراقب ونتابع الأسرى المحررين، قبل أسابيع قال مصدر أمني إسرائيلي أن قرابة 80% من الأسرى المفرج عنهم سيعودون لممارسة “الإرهاب”.
لا يدور الحديث فقط عن أسرى محررين نفذوا عمليات، هناك أسرى منهم لديهم الخبرة في تأسيس بني تحتية لجماعات مسلحة، ومنهم من وجه وأرسل منفذين لعمليات قاتلة، وهم يلاقون تدفق كبير للأموال والسلاح للضفة الغربية، لديهم القدرة على تجنيد النشطاء، والربط بينهم وبين المال، وفي نهاية الأمر إخراج عمليات في الضفة الغربية وفي داخل إسرائيل.
جهاز الشاباك والجيش الإسرائيلي يراقبان عن قرب الأسرى المحررين من أجل منعهم من إقامة بنى تحتية لمسلحين في الضفة الغربية، والأجهزة الأمنية الفلسطينية لهم أيضاً مصلحة في منع البنى التحتية العسكرية لحركة حماس، ولكن حتى الآن لازال عددهم كبير، وكذلك الدعم الذي يتلقونه من الخارج كبير.
رمضان في المسجد الأقصى:
العنصر الديني دائماً يشكل الحافز الأكبر للمنظمات المسلحة للتصعيد الأمني وتنفيذ العمليات، وقائد حماس يحيى السنوار أطلق على السابع من أكتوبر طوفان الأقصى، وإن أحد أسباب عملية طوفان الأقصى الجرائم الإسرائيلية في المسجد الأقصى.
الكبنيت الإسرائيلي وافق على توصية الجهات الأمنية السماح لعشرة آلاف فلسطيني الدخول للمسجد الأقصى في أيام الجمع، العملية العسكري الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، وإدارة الأحداث في المسجد الأقصى ستترك أثرها على الأوضاع الميدانية.
الأزمة الاقتصادية:
ليس سراً أن السلطة الفلسطينية في أزمة اقتصادية، في المقابل المنظمات المسلحة تدخل أموال كثيرة من أجل تجنيد كل من يمكن تجنيده لتنفيذ عمليات، والوضع الاقتصادي يلاقي مزيد من الاهتمام في شهر رمضان بشكل خاص، خلاله يصل عدد أكبر من الزوار خاصة من الفلسطينيين في الداخل لغايات التسوق، وجهات أمنية تتحدث عن تراجع في عدد الزوار وكمية المشتريات على خلفية الوضع الاقتصادي الإشكالي.
إلى جانب ذلك، قضية العمال الفلسطينيين لم تحل بعد، وحتى لم تناقش القضية في الكبنيت، وعدد المقيمين بدون تصاريح يتزايد في الداخل، والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية غير قادرة على السيطرة وضبط عمليات الدخول غير القانونية حسب الوصف الإسرائيلي، والمنظمات المسلحة تطمح لاستغلال هذه الحالة لصالحها.
العملية العسكرية شمال الضفة الغربية:
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تولي أهمية كبيرة لبقاء القوات العملياتية في شمال الضفة الغربية لتأثير تواجدها على حجم العمليات من جانب المقاومة، والقدرة السريعة على إحباط التحذيرات الساخنة، وعلى الرغم من فوائد العملية، إلا أن غالبية المسلحين خرجوا من المخيمات.
بقاء الجيش الإسرائيلي في مخيمات اللاجئين لفترة زمنية طويلة، هذا سيجعل المسلحين يبحون عن موطئ قدم جديدة، ومن هناك سيحاولون تنفيذ عمليات في الضفة الغربية وفي مختلف أنحاء إسرائيل، قادة البنى التحتية للمسلحين يأملون من خلال العمليات خلق مزيد من حالة الغليان بين الفلسطينيين، وخلق حالة أوسع من العمليات الفردية التي ستصل لقلب إسرائيل.
الأعياد:
المنظمات الفلسطينية دائماً تحدد على أجندتها الأعياد اليهودية كفترة من أجل تنفيذ عمليات خلالها، وفي الأيام الوطنية، مثل ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى وفي يوم ما يعرف بعيد الاستقلال، وعيد الفصح اليهودي يعتبر هدف للمنظمات المسلحة لتنفيذ عمليات خلاله.
إلى جانب الغليان هذه يمكن إضافة مسألة إعلان الإدارة الأمريكية عن موقفها من ضم الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، وعودة الحرب على قطاع غزة، وحتى في لبنان، عندما يتم النظر إلى كل هذه القضايا في ذات اللحظة، نفهم أن الجيش الإسرائيلي والشاباك العاملان في المنطقة بشكل مكثف، يقفون أمام امتحان كبير ذات أهمية.