loading

نازحو مخيمات شمال الضفة: بأي حال عدت يا عيد؟

محمد عبد الله

من متجر لآخر ومن بسطة لأخرى متنقلاً في أسواق مدينة جنين، يسعى الشاب عبد الله موسى (33 عاماً) من مخيم جنين، في البحث عن ملابس للعيد تناسب وضعه المادي المتواضع، وتغطي حاجة 11 طفلاً يتولى هو رعايتهم.

موسى متزوج وأب لستة أطفال، كما أنه يتولى رعاية 5 أطفال أيتام لشقيقه المتوفى، وقد نزح مع الألاف من مخيم جنين منذ نحو شهرين، وتشتت شملهم بين منازل الأقارب.

يقول موسى في حديث ل “بالغراف”، إنه يعيش في منزل عمه في منطقة شارع الناصرة، أما أولاد شقيقه الأيتام فهم يقطنون في منزل شقيقته في قباطية. 

وبحسرة يقول عبد الله موسى إن الوضع مأساوي متسائلًا: أين كنا في رمضان العام الماضي وأين أصبحنا؟ 

“لا يوجد عيد هذا العام” هذا ما قاله عبد الله موسى، فكل الجيران والأهل والأقارب نازحين ومشتتين، فلا يوجد أي تحضيرات للعيد، ولا أي طقوس من التي اعتادوا عليها كل عام، والهم الأكبر بالنسبة لهم، هو بُعدهم عن منازلهم.

يتابع موسى “الصغار حرام ينحرموا من العيد، و بحاول أشتريلهم من هون وهون وربنا ييسر الأمور، فلا ذنب لهم، ولا أستطيع حرمانهم من شيء، خاصة الأطفال الأيتام، فهم أمانة في رقبتي، و أسعى دوماً لرسم البسمة على وجوههم. 

أما بقية الأمور الأخرى المتعلقة بالعيد، من حلويات ومشروبات يؤكد موسى أنه لا يستطيع توفير هذه الأشياء، كما أنها لو توفرت فلا طعم لها والكل مشتت، بخلاف العيد الماضي عندما كانوا في المخيم وكانت الأجواء جميلة- وفق وصفه.

وحول إن كانت أي جهة تقدم المساعدات لهم، يقول موسى إنه تلقى مساعدات من الوكالة ، وصُرِف لهم اليوم 500 شيقل، لكن لبسة العيد لطفل واحد مع الغلاء اليوم تصل إلى 250 شيقل، وبالتالي فإنه يسعى جاهدًا لتأمين حاجات الجميع.

أما عن مصير منزله في المخيم، يقول موسى إنه تعرض لهدم جزئي وتخريب وتحطيم في الممتلكات، كما أن الجرافة هدمت أجزاءً منه.

الشاب محمد أبو حميد (32 عاماً) من مخيم نور شمس ما زال يحاول العودة إلى منزله في المخيم، حيث نجح في الوصول مرة وخرج منه، وفي المرة الثانية تعرض له الجنود واعتدوا عليه بالضرب. 

ومحمد متزوج ولديه أربعة بنات أصغرهن عامين ونصف وأكبرهن 10 أعوام، ويعيش يومين إلى ثلاثة في منزل عمه في حي السلام، وبقية أيام الأسبوع عند اخته في العزبة.

يروي أبو حميد لـ “بالغراف” معاناتهم قائلاً “نعاني من كل شيء، إذا بدك تدخل على الحمام بدك تستنى الدور، والوضع سيء، وعند الفطور بدك ترضى بالموجود، وفي بعض الأحيان بقوم مش ماكل منيح” 

ومع اقتراب موعد عيد الفطر، يقول أبو حميد، إن بناته اعتادوا في السنوات الماضية على شراء الملابس الجديدة، ولكن هذا العام لا قدرة لديه على شراء أي شيء لهم.

يستحضر أبو حميد طقوس العيد في المخيم قبل سنوات، قائلاً “الصبح بقوموا الصغار معنا من وقت صلاة العيد، كانوا يلبسوا أواعي العيد ويستنوا في البيت لبعد الصلاة، وبعد الصلاة بروح على البيت بكون الفطور جاهز، بعدها بنروح عند دار أمي أنا والبنات، وبنلف على خواتي”، وفجأة توقف أبو حميد عن الحديث قائلاً “ياااه وين كنا ووين صرنا اليوم؟”

 أبو حميد أوضح أن منزله في المخيم مساحته 80 مترًا مربع، لكنه كان يساوي بالنسبة لديه قصور العالم، أما اليوم فلا طعم للعيد ولا لرمضان بدون المنزل، الذي تعرض لتدمير كبير.

يتلقى أبو حميد بين الفينة والأخرى مساعدات مالية، آخرها قبل أيام بقيمة 300 شيقل، لكنه اضطر لشراء الدجاج والمأكولات من السوبر ماركت للمنزل الذي يعيش فيه، كي يساعدهم بما يستطيع، وكذلك فهناك مؤسسات تتبرع لهم بالأرز والزيت لكن يصف الوضع بالكارثي ولا وجود لدور حقيقي للحكومة والجهات الرسمية.

ولم يختلف حال الشاب أحمد حواشين (27 سنة) من مخيم جنين عن الأخرين، إلا أنه أعزب ويعيش هو ووالدته وشقيقتيه وشقيقه الصغير في سكنات الجامعة الأمريكية، بعدما تم تأمين غرفتين ومطبخ وحمام لهم فيها.

يأخذ نفس عميق أحمد ومن ثم يقول لـ “بالغراف”، إن وضعهم أحسن من غيرهم لكن “الناس حابة ترجع على بيوتها”. 

وتابع “بوصل إلنا وجبات إفطار للصائمين يومياً من جمعيات وأهل الخير، ولكن لا يوجد دور كبير للحكومة”.

الحالة النفسية لأحمد والنازحين صعبة للغاية- وفق قوله، فالشعور صعب في رمضان خاصة مع الصيام والنزوح وقدوم أول عيد لهم بعيدًا عن المنزل.

كان لدى أحمد وعائلته كغيرهم من العائلات الفلسطينية طقوس معينة خلال العيد، لكنها سوف تذهب كلها هذه السنة ولا يعلمون متى سترجع تلك الأيام، فهم لديهم منزلين، منزله تعرض للتفجير، ومنزل والدته مفخخ ومجهز بالأسلاك وفي أي لحظة سوف يجري تفجيره.

وكانت الأمم المتحدة قد أشارت في تقارير عدة إلى نزوح نحو 35 ألف شخص منذ 21 يناير، بعدما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية “السور الحديدي” شمالي الضفة الغربية.

ونددت منظمة “أطباء بلا حدود في تقرير لها، بالوضع “الحرج للغاية” للفلسطينيين النازحين في الضفة الغربية المحتلة، من جراء العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ يناير الماضي.

وقالت المنظمة التي تعمل في الضفة الغربية إن وضع النازحين من الفلسطينيين “حرج للغاية”.

وبحسب المنظمة، فإن الفلسطينيين النازحين “يعيشون دون مأوى مناسب، ولا خدمات أساسية، ولا حق الوصول إلى الرعاية الصحية”. كما نوهت إلى أن “الوضع النفسي (للنازحين) مقلق للغاية”.

وقالت منظمة “أطباء بلا حدود”، إن حجم النزوح القسري وتدمير المخيمات في الضفة الغربية المحتلة “لم يسجل مثله منذ عقود”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة