loading

اقتحام الدهيشة الكبير.. رسائل تحذير علنية من مصير طولكرم وجنين

محمد عبد الله

بخلاف الاقتحامات السابقة، التي اعتاد عليها أهالي مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم، دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي بقوة كبيرة معززة بآليات ثقيلة وجرافات عسكرية نحو المخيم، في ساعة مبكرة، من صباح يوم الأربعاء 2 نيسان 2025.

ورغم إبلاغ ضباط جيش الاحتلال سكان المخيم بأن هذا الاقتحام الواسع سوف يستمر لمدة أسبوع على أقل تقدير، لكنه لم يدم سوى عشر ساعات، كانت كافية بتوجيه رسائل شديدة اللهجة لسكان المخيم، بأن عليكم الخضوع وإلا سيكون مصير مخيمات طولكرم وجنين بانتظاركم!.

مناشير تحذيرية ولافتات وشعارات خطت على الجدران خلال الاقتحام الواسع، رافقتها منشورات ممولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كلها تصب في خانة تخويف أهالي المخيم من القيام بأي أعمال نضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

الناشط في المقاومة الشعبية في مخيم الدهيشة أحمد عودة قال لـ “بالغراف”، إن قوات الاحتلال انتشرت في حارات المخيم، وداهمت عددًا من المنازل، تخللها تكسير وتخريب في الممتلكات، وترهيب وترويع السكان.

وأضاف عودة، أن قوات الاحتلال وزعت منشورات وألصقت بعضها على المركبات تحذر المواطنين، كما حولت بعض المنازل إلى مراكز احتجاز وتحقيق، جرى خلالها استجواب عدد كبير من شبان المخيم، والتنكيل بهم والاعتداء عليهم بالضرب وتوجيه رسائل تحذير لهم، قبل أن يتم إخلاء سبيلهم.

يرى عودة، أن ما جرى أمر غير مبشر بالنسبة لهم، وعقب هذا الاقتحام يلمس مشاعر الخوف لدى السكان من ما يجري في مخيمات طولكرم وجنين، وما يرافق ذلك من حديث وتحريض مستمر على إنهاء قضية اللاجئين.

وتابع عودة، أن مخيم الدهيشة له تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال فهو لطالما كان شوكة في حلقه، وبالتأكيد إن كان هناك حديث جدي لدى الاحتلال بانهاء قضية اللاجئين، فلن تمر الأمور لديهم في المخيم بشكل عادي ولن يتركوا المخيم وشأنه، بالرغم من عدم وجود مقاومة مسلحة فيه، وفقط هي مقاومة شعبية.

وأكد عودة، أن الاقتحامات المتكررة وطول فترة الاقتحامات وحجم القوات والعناوين التي يحملها الاحتلال عندما يقتحم المخيم، يجعل الأمور غير مبشرة بالنسبة لهم.

“في الشارع وفي التحقيق الميداني مع الشبان، حذر الاحتلال المواطنين بشكل مباشر بأن ما جرى في مخيم جنين وطولكرم سوف يحدث في مخيم الدهيشة”- كما ذكر عودة.

وتبلغ مساحة مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم نحو كيلو متر مربع، أما عدد سكانه فيتجاوز 15 ألف لاجئ فلسطيني، غالبيتهم من قرى القدس والخليل.

وتعليقًا على الاقتحام الأخير لمخيم الدهيشة، قال محافظ بيت لحم محمد طه إن هناك استهداف إسرائيلي كبير للمخيمات، والتي هي عنوان لقضية اللاجئين، وفي سبيل الخلاص من قضية اللاجئين وتصفيتها، جرى استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، ويجري استهداف كل المخيمات من شمال الضفة الغربية وحتى جنوبها.

ويرى طه في حديث ل”بالغراف”، أن هناك أكثر من رسالة حملها الاحتلال في اقتحامه لمخيم الدهيشة الذي استمر لأكثر من 10 ساعات، تخلله اقتحام لأكثر من حارة وموقع واعتداء على البيوت والمواطنين وكتابة شعارات عنصرية.

وتابع طه، بأن مخيم الدهيشة وغيره من المخيمات هي الشاهد الوحيد الباقي على النكبة الفلسطينية، وقد تتعرض مخيمات جنوب الضفة الغربية لما تتعرض له مخيمات شمال الضفة الغربية في المرحلة القادمة.

وأكد طه، أن سلطات الاحتلال تمارس اليوم كافة أشكال القمع ضد الفلسطينيين من نهب للأراضي والتضييق على المواطنين، والحصار الاقتصادي، من أجل تمرير ما يسمى بالهجرة الطوعية، لذا نمر اليوم بمرحلة استثنائية أمام صمت العالم.

وبين أن ما يقدمه الاحتلال من مبررات أمنية بوجود تنظيمات مسلحة في المخيمات هي مبررات لا أصل لها، ولا يوجد أي مبررات لممارسات الاحتلال في كل أنحاء الضفة الغربية، ومنها على سبيل المثال الإغلاقات والحواجز المنتشرة فهي ليس لها أي قيمة أمنية، وإنما لها بعد سياسي، بهدف خنق الشعب الفلسطيني ومحاولة تهجيره من أرضه وفرض السيطرة عليه بالحديد والنار والقوة العسكرية الإسرائيلية.

لذا شدد طه، أن المخيمات ووكالة الغوث هي عنوان وشاهد على النكبة الفلسطينية، وبالتالي يريد الاحتلال الخلاص من هذا العنوان، وإنهاء القضية الفلسطينية.

ومنذ 21 كانون الثاني الماضي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها العسكري على محافظتي جنين وطولكرم (شمال الضفة الغربية)، والذي تخلله عمليات قتل واعتقال وتحقيق ميداني لعائلات كثيرة وتحويل منازل إلى ثكنات عسكرية، وعمليات تدمير وتفجير لعشرات المنازل، وفتح شوارع كبيرة بين المنازل المتلاصقة.

وفي تقرير صحافي إسرائيلي، كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن الجيش يستعد لتدمير 18 مخيمًا للاجئين في الضفة الغربية، تماماً كما فعل في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، بهدف فرض واقع جديد تصبح فيه هذه المخيمات غير صالحة للسكن، إضافة لإحداث تغيير جوهري في ملف “اللاجئين”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها إن القصد هو “تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين من دون تسوية لها. حتى يعرف الفلسطينيون أن هناك ثمناً يدفعونه لقتال إسرائيل، يخسرون فيه أرضًا وسكنًا ويبدأون حياتهم من جديد في وضع جديد”.

وجاء في تقرير الصحيفة أن الحملة التي تديرها قوات المنطقة الوسطى منذ شهرين تدل على أن جهاز الأمن يحاول “إعادة تصميم الواقع خلف الخط الأخضر”.

وأورد التقرير أن الجيش هدم حتى الآن 200 منزلًا في مخيم جنين، وشق نحو خمسة كيلو مترات من المحاور.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة