خاص- بالغراف
في السابع عشر من آذار الأخير عاودت دولة الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الواسع على قطاع غزة عبر موجة قصف جوي واسعة جداً أدت في مرحلتها الأولى لاستشهاد قرابة (450) فلسطينيًا غالبيتهم من الأطفال والنساء، الهدف المعلن من وراء الهجوم الإسرائيلي الواسع مزيد من الضغوطات العسكرية على حركة حماس من أجل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، مكررين عبارة ترمب “وإلا ستفتح أبواب جهنم على قطاع غزة ما لم يفرج عن الأسرى”.
إلى جانب العمليات العسكرية الواسعة في قطاع غزة، لجأت حكومة الاحتلال لمنع دخول المساعدات الإنسانية والمحروقات والأدوية، وتخريب ما تبقى من مصادر مياه وكهرباء في القطاع، وتنفيذ عمليات تهجير في مناطق عديدة من قطاع غزة، واستمرار تدمير ما تبقى من القطاع الصحي لتحقيق مزيد من الضغط على وفد حماس المفاوض.
مصادر أمنية إسرائيلية قالت بعد الهجوم الجوي الواسع، وعديد الإجراءات الجديدة ضد سكان قطاع غزة، أن الضغط العسكري الجديد على حركة حماس، والإجراءات الجديدة ستظهر نتائجها خلال الأيام القليلة القادمة على طاولة المفاوضات.
مر قرابة الشهر ولم يفلح الضغط العسكري الإسرائيلي في جلب حركة حماس على طاولة المفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية التي أرادت الإفراج عن 11 أسيراً إسرائيلياً ومثلهم من الأموات مقابل وقف إطلاق نار لمدة تتراوح ما بين 40-50 يوماً، المقترح الإسرائيلي الجديد لم يلقى رواجاً على طاولة المفاوضات على الرغم من الضغط العسكري الإسرائيلي، خاصة إنه لم يشمل أي مقترح يتعلق بوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي.
المفاوضات دخلت في حالة جمود بعد رفض حماس للمقترح الإسرائيلي، وعبرت عن استعدادها للإفراج عن جندي إسرائيلي حيّ يحمل الجنسية الأمريكية وأربع جثث لأسرى أموات، نقطة التحول في المفاوضات الحالية كانت نتاج ثلاثة عوامل، زيارة نتنياهو الخاطفة للبيت الأبيض، والمقترح المصري الجديد الذي نص على الإفراج عن ثمانية أسرى إسرائيليين أحياء ومثلهم أموات، والعامل الثالث تصريحات مصدر أمريكي ل CNN أن وجود الوزير الإسرائيلي رون دريمر على رأس الوفد الإسرائيلي المفاوض يعيق مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، مما أثار حفيظة عائلات الأسرى الإسرائيليين، ولخروج مصدر إسرائيلي رفيع ليقول أن هناك مفاوضات مكثفة حول صفقة محتملة.
السؤال الجوهري الآن، المقترح المصري لصفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار، هل يمكن اعتباره نقطة تحول حقيقية في المفاوضات؟، أم مجرد مقترح سيحاول نتنياهو استغلاله بإعطاء انطباع بوجود مفاوضات لاحتواء احتجاجات عائلات الأسرى، والاحتجاجات داخل المؤسسة العسكرية؟، حتى الآن الرد الإسرائيلي يوحي أن نتنياهو عاد يلعب على وتر استئناف المفاوضات من أجل المفاوضات فقط، حيث لم تقدم إجابة قاطعة على المقترح المصري.
ما نقله موقع واللا نيوز يظهر أن نتنياهو يريد تغير المقترح المصري بحيث يكون أقرب للمقترح الإسرائيلي الأول، ذكر الموقع العبري: مصدر إسرائيلي رفيع قال إن الرد الذي أّرسل من طرف رئيس الحكومة نتنياهو يـظهر نوعًا من المرونة فيما يتعلق بعدد الأسرى الذين يجب الإفراج عنهم، دون توضيح حجم تلك المرونة، والولايات المتحدة أيضاً قدمت ما قيل عنه ضمانات، في حال موافقة حماس على المقترح، ستكون ضامنة لبدء محادثات حول نهاية الحرب، في المقابل حركة حماس من جهتها أعلنت أنها لم تتلقى بعد مقترحاً جديداً حول صفقة تبادل ووقف إطلاق نار جديد، مع العلم أن أنباء تحدثت عن وصول وفد من حماس للقاهرة السبت 12-4-2024.
مرونة نتنياهو من حيث عدد الأسرى الذين سيفرج عنهم لا يعني أن الصفقة قريبة، نتنياهو سيعمل على محاولة تعطيل الصفقة من خلال التركيز على المكونات الأخرى لأي اتفاق، وخاصة الجزئية المتعلقة بمطالب حركة حماس بأن أي اتفاق نهائي لصفقة تبادل الأسرى يجب أن يشمل وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وهي مطالب يرفضها نتنياهو وحكومته، وتهدد إئتلافه الحكومي.
لهذا حالة التفاؤل الحذر بقرب التوصل لصفقة تبادل ووقف إطلاق النار الذي بدأ البعض يتحدث عنه مبكرة جداً ما لم يكن هناك تأكيد أمريكي ومن قبل الوسطاء مصر وقطر عن بداية مفاوضات المرحلة الثانية حول وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وربما أكثر الأمور المثيرة للتفاؤل (إن صحت) في جولة المفاوضات الحالية التسريبات بأن ترمب منح نتنياهو مدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع لإنهاء الحرب على غزة.