loading

قبل عيد الأضحى: الخاروف البلدي مفقود وأسعار اللحوم تواصل الارتفاع.. فمن المسؤول؟

هيئة التحرير

رغم وصول سعر كيلو لحم الخاروف خلال شهر رمضان الماضي إلى مستوى قياسي غير مسبوق بنحو 120 شيقلًا للكيلو الواحد، إلا أنه ما زال يواصل الارتفاع هذه الأيام مع اقتراب عيد الأضحى وزيادة الطلب على الأضاحي.

يأتي ذلك، فيما علت الأصوات، من بينها جمعية حماية المستهلك، التي تدعو إلى مقاطعة شراء لحم الخاروف، في محاولة لدفع الجهة المسؤولة عن ارتفاع أسعاره إلى خفض الأسعار

وقبل عام بالضبط، بيع كيلو لحم الخاروف قائم (أي قبل الذبح) بنحو 30 شيقلًا، لكنه هذه الأيام يُباع بما لا يقل عن 45 شيقلًا، وسط توقعات بتجاوزه سعر ال50 شيقلًا مع حلول عيد الأضحى. أي أن الأضحية التي وزنها 60 كيلوغرامًا كانت تُباع العام الماضي بـ1800 شيقل، أما هذا العام فلن يقل سعرها عن 3000 شيقل.

لا يوجد لدينا اكتفاء ذاتي 

عضو اتحاد المزارعين الفلسطينيين عبد الرحيم بشارات، قال إن سبب ارتفاع الأسعار هو قلة الأغنام البلدية الموجودة في فلسطين، فلم يعد هناك اكتفاء ذاتي لدينا، بعد انخفاض أعداد الأغنام بنسبة بلغت نحو 70% مقارنة مع أعدادها قبل عشر سنوات.

وأكد بشارات أن عدم وجود اكتفاء ذاتي دفع التجار إلى الاستيراد من الخارج، وجعل التحكم بالأسعار بيدهم.

أما السبب الثاني لارتفاع الأسعار –بحسب بشارات– فهو غلاء مدخلات تربية المواشي التي فُرضت على المزارع، والمتمثلة بالأعلاف والأدوية البيطرية والعلاجات والمياه وغيرها.

أسباب تراجع الإنتاج المحلي

عبد الرحيم بشارات، والملقب بـ “أبو صقر”، وهو من كبار مربي المواشي في الأغوار الشمالية، أوضح لـ “بالغراف” أن أسباب انخفاض الإنتاج المحلي تعود إلى منع المراعي على رعاة الأغنام من قبل المستوطنين، وإجبارهم على عدم إخراج الأغنام من الحظائر منذ بدء الحرب، وقلة الخدمات البيطرية المقدمة لهم من الجهات المسؤولة، وقلة مساعدة ودعم الجهات الرسمية، بالإضافة إلى غلاء المدخلات الزراعية آنفة الذكر.

مطالبات برفع الضرائب عن المزارعين

ونوّه “أبو صقر” إلى أن مربي المواشي يطالبون منذ نحو عشر سنوات برفع الضريبة عن المدخلات الزراعية، أسوة بالدول المجاورة، ومن بينها الأردن التي تعيش أوضاعًا اقتصادية لا تختلف عنا، وتعتمد على المساعدات الخارجية، ومع ذلك تُعفي المزارعين من الضرائب.

وحول أسعار الخراف هذا العام، قال “أبو صقر” إن المزارع يبيع كيلو الخاروف قائم (قبل الذبح) بسعر 43 شيقلًا إلى التاجر، بعمر حوالي سنة، ويتراوح وزنه بين 60–70 كيلوغرامًا، أما التاجر فيبيعه بعد ذلك بسعر أعلى.

لكنه استدرك بالقول بأن الديون التي عليهم دفعتهم لبيع الخراف إلى التجار بعد فطمها عن أمهاتها، أي قبل تسمينها، وبأسعار أقل بكثير، وبالتالي فإن التاجر هو من يقوم بالتسمين، ثم يتحكم بالسعر، ويحقق ربحًا أكبر.

فشل في التخطيط من الجهات الرسمية

رئيس اتحاد اللحامين، عمر النبالي، قال إن ما يجري هو نتيجة تراكمات، وليس وليد اللحظة، وفشل في التخطيط والعمل من قبل الجهات الرسمية، وعدم وقوفها مع المزارعين، ما أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي، ودفع التجار إلى الاستيراد كبديل وطمس الثروة الحيوانية المحلية.

وأوضح النبالي لـ “بالغراف” أن حاجة السوق المحلي هي 400 ألف رأس سنويًا، بما في ذلك المناسبات الاجتماعية وعيد الأضحى وشهر رمضان. وقبل سنوات، كنا ننتج محليًا أكثر من نصف مليون، بسبب وجود 800 ألف من الأمهات، لذا كان لدينا اكتفاء ذاتي.

وأكد أن الإهمال في الثروة الحيوانية وتهميشها لصالح الاستيراد من الخارج، دفع المزارعين إلى بيع الأمهات، لأنها أصبحت عبئًا عليهم، لعدم توفر الأعلاف والمراعي والمياه.

تلاعب في الأسعار من قبل التجار

وتابع النبالي أن هناك تلاعبًا في الأسواق من قبل التجار، من ناحية شراء الخاروف المحلي من المزارعين واحتكاره لحين بيعه بسعر أفضل في المواسم، ومن ناحية ثانية تهريب الخاروف المحلي إلى إسرائيل، وبالتالي بات لدينا نقص في الخاروف المحلي البلدي.

توقعات بمزيد من الارتفاع

أما حول الأسعار، فقال النبالي إن سعر كيلو الخاروف قائم بيع يوم السبت في سوق الظاهرية بسعر 10 دنانير، وفي سوق تعمر في بيت لحم بيع يوم الأحد بسعر 10 دنانير، أي 52 شيقلًا، وبالتالي يبيع اللاحمون الكيلو بين 120–130 شيقلًا للكيلو، حسب وزن الخاروف، وهذا السعر تم رفعه إلى وزارة الزراعة، وسط ترجيحات بمزيد من الارتفاع.

مطالبات بمقاطعة لحم الخاروف

أما حول الحلول، فقال النبالي إن احتكار التجار وتحكمهم بالأسعار يجب أن يدفع المواطنين إلى مقاطعة شراء لحمة الخاروف، وفي حال لم يتم ذلك، ولم تعلن الجهات الرسمية عن أي خطط، فسوف يعلن اتحاد اللاحمين عن توقف ذبح الخاروف لمدة 15 يومًا، من أجل دفع التجار إلى خفض الأسعار حتى 35 شيقلًا للكيلو القائم، وهو السعر الطبيعي والمعقول.

ونوّه النبالي إلى أن التاجر والمستورد يشتري الكيلو في رومانيا والبرتغال وغيرها بسعر حوالي 6 يورو، أقل أو أكثر بقليل، واصلًا على السفينة، يتبعها تكاليف حجر صحي في إسرائيل، وتكاليف نقل، وضريبة وجمارك، وبالتالي يصل بحدود 33 شيقلًا إليه، ولكنه يبيع الكيلو قائمًا للملاحم بسعر 48 شيقلًا، وبهامش ربح عالٍ جدًا.

المواطن لا يستفيد من الكوتا بسبب غياب الرقابة

كما لفت النبالي النظر إلى نقطة مهمة، بأن لدينا في فلسطين كوتا (حصة) لاستيراد 50 ألف رأس خراف بدون رسوم جمركية، ولكن في المقابل، هذا الإعفاء لا يستفيد منه المواطن، بل يستفيد منه التاجر، نظرًا لعدم وجود أي رقابة على السوق لدينا من قبل الجهات الرسمية.

المدير السابق للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان”، مجدي أبو زيد، قال في منشور له، إن هناك عجزًا حتى الآن في إدارة وإصلاح وحوكمة ملف الكوتا، وإن الإعفاء الجمركي يذهب إلى جيوب كبار التجار، وبعضهم يستفيد من حصص مختلفة من الباطن.

تهريب عكسي من السوق الفلسطيني إلى إسرائيل

كما أكد أبو زيد على وجود تهريب من السوق الفلسطيني إلى داخل إسرائيل، سواء من الكوتا الفلسطينية أو حتى من حصص الاستيراد العادي، وذلك يشمل حتى الخاروف البلدي الذي يفضله الإسرائيليون.

مطالبات بتوفر قاعدة بيانات مفتوحة وشفافة

وطالب أبو زيد بوجود قاعدة معلومات شفافة وذات مصداقية ومفتوحة للجميع، لأن الحديث عن وجود كميات كافية لدينا تسد حاجة السوق غير صحيح، لأن واقع العرض والطلب في السوق يتعارض مع هذه المعلومات، والدليل على ذلك هو الأسعار الخيالية التي وصلنا إليها.

كما نوّه أبو زيد إلى أنه يمكن بيع لحوم الخراف المستوردة (ذبح المسلخ) للمواطنين بمبلغ لا يتجاوز 40 شيقلًا للكيلو، مع تحقيق التجار والملاحم لأرباح معقولة، وربما أيضًا مجزية جدًا.

وطالب أبو زيد بالتعامل مع هذا الملف بدرجة عالية من الأهمية، وأن أبسط وصف له هو أنه ملف “أمن وطني غذائي”، يجب أن يتم تدقيقه ومتابعته من قبل غرفة عمليات مشتركة تضم الضابطة الجمركية، والشرطة، والأمن الوقائي، والمخابرات العامة، وممثلين عن وزارات المالية والاقتصاد.

أرقام الثروة الحيوانية تقل بشكل كبير

المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة محمود فطافطة قال إن الوضع الفلسطيني هذه الأيام يشهد حالة استثنائية، ولا يمكن مقارنته بالسنوات الماضية، من حيث كميات الإنتاج، واحتياج السوق، وتوفر الكميات، وأسعار مدخلات الإنتاج، والأوضاع الاقتصادية للمواطنين، فلم يعد أي شيء كما كان، وهو ما انعكس بشكل سلبي على القطاع الزراعي.

وتابع فطافطة في حديث مع “بالغراف”، أن أعداد الثروة الحيوانية في فلسطين كان يصل إلى 800 ألف رأس، أما اليوم فالأرقام تقل بشكل كبير عن المعطيات السابقة، والاستيطان الرعوي هو السبب الرئيسي، إضافة إلى الظروف الاقتصادية وغلاء أسعار الأعلاف، وقلة الأمطار وانعكاسه على استدامة المراعي، بالإضافة إلى الأمراض التي تصيب المواليد.

وبين فطافطة، أن السوق المحلي يحتاج بشكل سنوي ما بين 400-450 ألف من المواليد التي تخصص للتسمين والذبح، وفي بعض المواسم نلجأ إلى الاستيراد لتعويض النقص.

وأكد فطافطة، أن الأسباب المذكورة أعلاه، وما يلحق بالاستيراد من محددات يفرضها الاحتلال والتكاليف والضرائب، هو ما يؤثر على الأسعار.

وتابع المسؤول الرسمي، أن السوق المحلي يحتاج سنوياً حوالي 120 ألف رأس من الخراف والماعز للأضاحي، وتقريباً 10 ألاف رأس من العجول.

الكميات المطلوبة متوفرة لدينا

ولكن في هذا العام- بحسب فطافطة، لا يمكن الجزم بالكمية التي يحتاج إليها السوق، فلا يوجد حتى الان إقبال على شراء الذبائح، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للمواطنين، والحرب في غزة.

وأفاد فطافطة، أنه يوجد لدينا خراف في السوق حالياً قرابة 50 إلى 100 ألف ما بين أعمار مختلفة، وهناك أعداد سوف تصل من الخارج قبل العيد، وفي حال كان هناك إقبال على الأضاحي تتوفر الكميات المطولة.

طالما الكميات متوفرة.. لماذا هذا الارتفاع؟ 

أجاب فطافطة، أن السعر الحالي هو قبل العيد، ومع العيد ربما يكون السعر في ازدياد، أما حول السبب الرئيسي للارتفاع وقلة العرض في السوق، فهو بسبب وجود تهريب ممنهج من عصابات وتجار وبتسهيلات من الاحتلال، وأخذ المنتج الفلسطيني إلى السوق الإسرائيلي، وهو ما يؤثر على الأسعار والوفرة.

وأين دوركم في الرقابة والملاحقة؟ رد فطافطة، أن وزارة الزراعية مسؤولة عن الإنتاج، أما الأسعار والتهريب والكوتا، فهي ليست من مسؤليات وزارة الزراعة.

المطلوب هو تظافر الجهود من مختلف الجهات

لكنه استدرك، وأوضح، أن وزارة الزراعية تحدد السقف السعري المتعلق بالإنتاج، من حيث متابعة المدخلات للإنتاج وكلفة انتاج الخاروف، والذي يصل في المزرعة قرابة 35 شيقل، أما زيادة السعر بعد ذلك فهو نتيجة لوجود إقبال من التجار وتخزينه للتهريب لإسرائيل، وعملية الرقابة على التهريب هي من مسؤولية الضابطة الجمركية.

وختم فطافطة، أن الموضوع معقد ومركب وبحاجة لتظافر كافة الجهود، من الجهات الرسمية.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة