محمد عبد الله
في ظل تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، بما في ذلك المسيحيون، يوضح راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم، الأب منذر إسحق، أن ما يتعرض له المسيحيون ليس حالة استثنائية، بل جزء من سياسة استعمارية تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني على الأرض ودفع السكان للهجرة.
وفي هذه المقابلة مع موقع “بالغراف”، يتحدث الأب إسحق عن طبيعة هذه الاعتداءات، وأسباب تصاعدها، خاصة في مدينة القدس، كما يسلط الضوء على دور الكنيسة في تثبيت أبناء الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيتهم على الساحة الدولية.
ويقول الأب منذر إسحق، إن هناك زيادة في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على عموم الشعب الفلسطيني، بما في ذلك المسيحيون، موضحًا أن إسرائيل بطبيعتها كيان استعماري إحلالي، هدفه طرد السكان الأصليين وإحلال مستوطنين جدد مكانهم.
وأضاف: “عندما نتذكر هذه الحقيقة، نفهم أن المخطط واضح، وهو طرد الإنسان الفلسطيني من أرضه”.
وأوضح إسحق أن ما يجري ضد المسيحيين هو جزء من منظومة أوسع، قائلاً: “الأمر ليس حالة استثنائية، بل جزء من استهداف إسرائيل لكل إنسان أصلي في هذه الأرض. والهدف إما دفع المواطن الفلسطيني للهجرة أو للانتقال إلى المدن، بما يسمح للاحتلال بالسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض”.
وتابع: “الاستعمار يسعى إلى معادلة أرض أكثر وشعب أقل. وإذا لم يتمكنوا من طردنا، فإنهم يسلبوننا أراضينا، لذلك نلاحظ أن الهدف من الاعتداءات على القرى والبلدات هو دفع السكان للانتقال إلى المدن”.
وأشار الأب إسحق إلى أن استهداف المسيحيين يتجلى بشكل أكبر في مدينة القدس، موضحًا أن السبب واضح، وهو رغبة الاحتلال في تصوير القدس كمدينة يهودية، وإزعاجه من الحضور المسيحي القوي فيها.
وقال إسحق: “يحاولون اختزال الحضور المسيحي في مجموعة من الرهبان، لذلك هناك محاولات لطرد المسيحيين من القدس. ونلاحظ الإجراءات والتعقيدات التي يفرضها الاحتلال سنويًا خلال الأعياد، خاصة في المناسبات ذات الحضور الجماهيري مثل مسيرة أحد الشعانين، لأنها تُظهر وجود سكان محليين أصليين يحتفلون بتقاليد دينية عريقة، وهو ما يزعج الاحتلال”.
وأضاف “كذلك الأمر في احتفالات سبت النور، التي كانت في الماضي تجمع عشرات الآلاف من فلسطين وخارجها، أما اليوم، فإنه حتى سكان البلدة القديمة في القدس لا يستطيعون الوصول إلى كنيسة القيامة”.
وعن دور الكنيسة في تثبيت الفلسطينيين في أرضهم، قال الأب إسحق: “نحاول تثبيت أبناء شعبنا من خلال رسالة تشجيع وإيمان وثبات، بأننا متجذرون في هذه الأرض، وأن الهجرة ليست خيارًا. كما نعمل عبر مؤسسات الكنيسة على تعزيز الحضور المسيحي، ومنح الإنسان فرصة للحياة بكرامة، لا عبر التعليم والتوعية فقط، بل عبر توفير سبل العيش”.
وأكد أن الكنيسة تضطلع أيضًا بدور كبير في المناصرة، قائلاً: “لدينا مساحة أوسع من المواطن العادي للتواصل مع المجتمع الغربي، عبر الكنائس الغربية، وهذا يضع على عاتقنا مسؤولية أكبر. لذلك لم نسكت، وصوتنا واضح ومسموع، وحدثنا العالم عن معاناتنا. نشر الوعي والمناصرة من أهم الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الكنيسة”.
واختتم الأب إسحق حديثه بالقول: “نعمل على الضغط على الكنائس ورجال الدين في أوروبا وأمريكا للضغط على أصحاب القرار من أجل عزل إسرائيل وفرض العقوبات عليها، كونها دولة خارجة عن القانون. لا نطلب من الغرب فقط الصلاة والمساعدات العينية، بل نطلب أيضًا الضغط السياسي لإنهاء نظام الفصل العنصري، حتى نعيش على أرضنا بكرامة”.