هيئة التحرير
بين قصف المدافع وقصف الطائرات وتفجير الروبوتات المفخخة وإطلاق النار من “الكواد كابتر” يعيش سكان مدينة غزة رعب الموت الذي يحاصرهم من كافة الجهات وذلك في محاولة الاحتلال احتلال المدينة وإخلاء سكانها.
الدفاع المدني بمدينة غزة أكد أن المدينة تتعرض لعمليات قصف عنيفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقصف الاحتلال بقذائف دباباته وطائراته العدوانية المواطنين، إضافة لتفيذه أحزمة نارية بحق المدنيين العزل.
المكتب الإعلامي الحكومي أكد في بيان له أن الاحتلال فرض النزوح القسري على 270 ألف فلسطيني من مدينة غزة نحو الجنوب تحت تهديد القصف والإبادة. فيما يرفض أكثر من 900 ألف مغادرتها نحو الجنوب.
وأوضح المكتب أن المساحة التي خصصها الاحتلال في خرائطه كمناطق “إيواء” لا تتجاوز (12%) فقط من مساحة قطاع غزة، حيث يحاول حشر أكثر من (1.7) مليون إنسان داخلها، في إطار مخطط لإنشاء “معسكرات تركيز” ضمن سياسة التهجير القسري الممنهجة، بهدف تفريغ شمال غزة ومدينة غزة من سكانهما، في جريمة حرب مكتملة الأركان وجريمة ضد الإنسانية تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وفي تصريح لها أكدت منظمة “أكليد” المستقلة والمتخصصة في مراقبة الصراعات أن نحو 15 من كل 16 فلسطينيًا قتلهم جيش الاحتلال في غزة هم من المدنيين العزّل.
وأوضحت أن هذه الأرقام تؤكد بأن 94% من مجموع الشهداء الذين قتلهم الاحتلال هم من المدنيين، أي ما يعادل 61,100 مدنيًا من أصل 65,174 شهيدًا.
وشددت على أن يعد دليلًا دامغًا على تعمد الاحتلال استهداف المدنيين بشكل مباشر وممنهج في جريمة حرب وإبادة جماعية مكتملة الأركان.
وخلال الفترة الماضية اعتمد الاحتلال سياسة الروبوتات المفخخة أو المدرعات المفخخة التي يقوم بتفجيرها في الأحياء السكنية بمدينة غزة محدثة تفجيرًا ضخمة يعادل وقوع زلزال وفق منظمات حقوقية.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قال إن جيش الاحتلال فجّر خلال الأسبوع الأخير نحو 120 عربة مفخخة محمّلة بما يقارب 840 طنًا من المتفجرات بين المنازل السكنية في مدينة غزة، أي بمعدل يزيد عن 17 عربة يوميًا، ويُعادل تفجير كل واحدة منها زلزالًا بقوة 3.7 درجة على مقياس ريختر، وذلك في أكبر حملة استخدام غاشم للقوة بهدف تدمير السكان، ضمن تصعيد خطير لجريمة الإبادة الجماعية المتواصلة للشهر الرابع والعشرين على التوالي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضاف أنه وحسب التقديرات العلمية في مجال الطاقة الانفجارية، تمتد مناطق الدمار الشديد عادةً لعشرات الأمتار (وتُقدَّر هنا بنحو 90 مترًا لمستوى شدة عالية)، فيما يصل تأثير الكسور والأضرار الطفيفة إلى عدة مئات من الأمتار، وقد يمتد في المناطق المفتوحة إلى قرابة كيلومتر واحد.
وأوضح المرصد أن تفجير الاحتلال للمدرعات المفخخة يتسبب باهتزاز واضح في المباني حتى تلك التي تبعد عدة كيلومترات عن مركز التفجير، ويستمر الاهتزاز لبضع ثوانٍ، على نحو مشابه لما تتسبب به الزلازل الطبيعية. مشيرًا إلى أنه ونظرًا لما لحق بمباني غزة طيلة فترة العدوان فإنّ أي انفجار جديد يخلّف أضرارًا أشد تأثيرًا، حيث الأبنية متصدعة أصلًا والمساحات المفتوحة تزيد من حدة الإنفجار، ما يؤدي إلى تضرر عشرات المباني على مسافات تصل إلى مئات الأمتار عند كل تفجير جديد للعربات المفخخة.
ولفت المرصد إلى تكثيف الاحتلال في الأسبوع الأخير استخدام العربات المفخخة المحمّلة بأطنان من المتفجرات في ثلاثة محاور من مدينة غزة، وهي المحور الجنوبي والمحور الشرقي والمحور الشمالي؛ بهدف تدمير المربعات السكنية المركزية في المدينة، في إطار سعيه لتحقيق الهدف المعلن بتدمير المدينة وسكانها بالقتل والتهجير.
وأردف بأنّ الأثر الكارثي للعربات المفخخة لا يقتصر على التدمير المادي الواسع للأحياء السكنية وما يخلفه من ركام وتشريد، بل يتعداه إلى استخدام منهجي للإرهاب النفسي ضد السكان المدنيين عبر إشاعة أقصى درجات الرعب والفزع ودفعهم قسرًا إلى النزوح، حيث تُحدث هذه التفجيرات أصواتًا مدوية تهزّ أرجاء مدينة غزة بكاملها، وترتجف المباني المتبقية تحت وطأة الموجات الانفجارية العنيفة، فيما يعيش السكان تحت وقع صدمات متكررة تحوّل حياتهم اليومية إلى حالة دائمة من الخوف والاضطراب وانعدام الأمان.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ تقاعس المجتمع الدولي وتواطؤ بعض أطرافه، وامتناع الدول ذات النفوذ والكيانات الأممية والدولية المعنيّة عن محاسبة إسرائيل على جرائمها، مكّن جيش الاحتلال من المضي في جريمة تدمير مدينة غزة بصورة علنية، ومن دون حتى محاولة التذرّع بمبررات قانونية لإضفاء أي شرعية عليها، وهو ما يرسّخ سياسة الإفلات من العقاب ويُضعف فاعلية منظومة القانون الدولي في حماية المدنيين من أخطر الجرائم الدولية، وفي مقدمتها جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتِّب التزامات قاطعة تجاه المجتمع الدولي بأسره، بما يوجب على جميع الدول التحرّك لمنعها ووقفها ومحاسبة مرتكبيها.
ووسط القصف والموت ما زالت المجاعة تعصف بقطاع غزة وما زال أطفالها يعانون الجوع وسوء التغذية، حيث أعلنت وزارة الصحة تسجيلها حالتي وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد إلى 442 منهم 147 طفل، فيما بينت أنه ومنذ إعلان “IPC ” للمجاعة في غزة تم تسجيل 164 حالة وفاة من بينهم 32 طفلًا.
فيما سجلت الوزارة استشهاد 4 مواطنين وإصابة 18 آخرين خلال محاولتهم الحصول على المساعدات، مؤكدة ارتفاع عدد شهداء لقمة العيش إلى 2,518 شهيدًا وأكثر من 18,449 إصابة.
من جانبها وفي بيان لها أكدت بلدية غزة أن تصعيد الاحتلال لحرب الإبادة يفاقم أزمة العطش التي تعيشها المدينة، ويزيد من حجم الكارثة الصحية والبيئية ومعدلات انتشار الأمراض والأوبئة بسبب النقص الحاد في المياه.
وأفادت أن كمية المياه المتوفرة تقل عن 25% من الاحتياج اليومي للمدينة. فيما الكمية المتوفرة حاليًا من المياه تصل عبر خط “ميكروت” وتُقدَّر بنحو 15 ألف كوب يوميًا، وهي كمية غير مستقرة، بالإضافة إلى 10 آلاف كوب تُنتَج من آبار المياه المحلية الواقعة في وسط المدينة وفي المناطق التي تتمكن طواقم البلدية من الوصول إليها.
وأوضحت أن ما يُفاقم الأزمة ويزيد من حدة العطش الشديد هو تدمير بعض الآبار المركزية ووقوعها في مناطق خطرة يتوغل فيها الاحتلال، ما يحول دون تمكّن الطواقم من الوصول إليها. مناشدة المجتمع الدولي بضرورة التحرّك العاجل وتوفير الاحتياجات الطارئة للبلدية، للحد من أزمة العطش، وإنقاذ الحياة الإنسانية في المدينة.