كتب بشار عودة
من شرفته الصغيرة المطلة على شارع ضيق في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة، يقف المواطن “محمد أبو سعدة” والذي صدحت منصات التواصل الاجتماعي بصوته وصوره التي حملت رسائل ألم وأمل وهو يتحدث عن أشياء أصبحت من رفاهية الحياة بعدما طالت بطالته لسنوات وذلك خلال تصوير إحدى حلقات برنامج الكاميرا الخفية التي بثته احدى القنوات في قطاع غزة.
المواطن أبو سعدة يبلغ من العمر 36 عاماً، وحاصل على بكالوريوس في علم النفس والاجتماع، يقضى جل يومه متصفحا الانترنت والصحف بحثا عن وظيفة لإعالة ثلاثة من أطفاله. لكن حلمه في العثور على عمل يتماثل مع أحلام الآلاف من الشبان العاطلين عن العمل في قطاع غزة.
ويقول “أبو سعدة” في حديث يصحبه غصة لـ “بالغراف”: “لا يوجد مكان يطلب مجال اختصاصي إلا أن تقدمت للعمل فيه”، ولكن مساعيه قوبلت بالرفض لأسباب مختلفة تتراوح بين “الوساطات أو المظهر الخارجي “، مما سبب نوعا من الاحباط رغم حجم الشهادات والخبرة العلمية اللذين يمتلكهما”.
وأكمل أبو سعدة قصته: “كنت أحمل هَمَّ إخبار أهلي بما حصل معي، الذين كانوا ينتظرون على أحر من الجمر “شو عملت في المقابلة”، وهو الأمر الذي يفسر غضبي خلال برنامج الكاميرا الخفية وتكلمت بما فيّ من ألم ووجع وقهر وظلم”.
ويشير الى أن “ما بعد انتشار الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، هاتفه لم يصمت من كثرة الاتصالات، فتفاجأ بوجود مقطع فيديو مُنْتشِر بشكل كبير عبر منصات التواصل”، مكملاً: “حيث نظرت الى اللهجة الذي تحدثت فيها فكانت بالفعل وجع 2 مليون مواطن في قطاع غزة”.
ويبين أبو سعدة أن ” هناك عشرات الآلاف مثله من الخريجين العاطلين عن العمل ولديهم أسر يعيلونها عندهم العديد من الالتزامات المالية التي بالكاد لا يستطيعون الإيفاء بها بسبب البطالة التي فتكت بشبابنا في قطاع غزة”.
ويوضح أن مقطع الفيديو ساعده في خلق حالة تعاطف دولي وشعبي بشكل رهيب من جميع أنحاء العالم، من خلال تواصل عدد كبير من الأشخاص، والذي كانت بمثابة دفعة له من جديد.
وطالب أبو سعدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتيه ورئيس حركة حماس في غزة يحيا السنوار وجميع القيادات بشكل عام وصناع القرار بأن ينظروا إليه لتوفير حياة كريمة لأولاده. كما يقول.
ويعاني قطاع غزة للعام السادس عشر على التوالي من أوضاع إنسانية قاسية، نتيجة الحصار الاسرائيلي والانقسام الداخلي، أدى إلى تدهور ظروف الحياة المعيشية والإنسانية وارتفاع معدل البطالة بين صفوف المواطنين في القطاع..
وبحسب المركز الفلسطيني للإحصاء فإن معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) بلغ حوالي 27٪، في حين بلغ إجمالي نقص الاستخدام للعمالة حوالي 34٪، وفقا لمعايير منظمة العمل الدولية.
وأشار المركز الى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 372 ألف مقارنة بـ 335 ألف في العام 2020، وعلى مستوى المنطقة فقد حافظ معدل البطالة على نفس المعدل لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة إذ بلغ حوالي 16% و47% على التوالي.
وفي إحصائية أخرى تقول نقابة عمال غزة إن أعداد المتعطلين عن العمل في القطاع وصلت إلى أكثر من 250 ألف عامل، وبلغت نسبة البطالة 55%، فيما بلغت نسبة الفقر قرابة 80%، ولا زال الآلاف ينضمون لجيش البطالة كل مرة.