حنين قواريق
يجلس جمال حِمو (٥٦ عاما) عاماً، أمام محله بالبلدة القديمة بنابلس، لصيانة آلات الموسيقى، يستمع لأغاني فايزة أحمد مبتسم الثغر، وكأنها تدخل إلى قلبه مباشرة ليس إلى أذنه…لم يمر أحد من أمامه إلا وألقى السلام عليه، فندرك حينها تلك الشخصية المحبوبة.
استأجر جمال محلاً بنابلس منذ ١٢ عاما، وبدأ العمل فيه بمجال صيانة آلات الموسيقى القديمة وبيعها.
وعن بداية عمله يقول حِمو: “كانت بداية عملي بصيانة سماعات البلوتوث الكبيرة، والراديوات القديمة، ولأنني من هواة التراث وجميع ما يتعلق بالماضي، قررت أن أتوسع بهذا المجال ليشمل تصليح كل شيء قديم، حتى أنني كنت أملك آلة يبلغ عمرها ١٩٤٣ ومؤخراً قمت ببيعها”.
وأشار حِمو إلى آلة تشغيل الأسطوانات الموسيقية بجانبه: “شركة الأسطوانات هذه أُغلِقَت منذ ما يقارب ٣٥ عاما، لكنها ما زالت لدي، ولا يتمكن أحد بفلسطين إصلاحها سواي، وتحتوي على كل الأغاني القديمة للمطربين القدامى”.
يحصل جمال على الآلات من كبار السن الذين يمتلكونها قديماً، منها ما يكون قد تعطل فيقوم بإصلاحه، ومنها ما يكون جديد.
ويُعرف جمال بهذا المجال للكثير من الفلسطينيين، حتى لأهالي الداخل المحتل والقدس، فالكثير يجلب له آلات لتصليحها، وكذلك يأتيه زوار من هذه المناطق، فيصبح المحل أشبه بجلسات المقاهي، ويستمد طاقته بالعمل من سماعه لأغاني فايزة الأحمد، فيقول: “إذا فش أغاني، ما بعرف أشتغل”.
وفي هذا السياق يقول حِمو: “أكثر زبائني من أهل الداخل، يأتون كباراً وصغاراً، عندما يتجمهرون لسماع الأغاني أقول ممازحاً “بدي أفتح قهوة”، فإن متعة هذه الأغاني بسماعها على آلاتها وليس على يوتيوب أو أي طريقة أخرى، وحتى إن لم يبتاعوا يكفيني أنهم قضوا وقتاً ممتعاً، وانا أشعر بالفرح لأنه ما زال هناك من يمتلك ذوقاً بالأغاني”.
واختتمت المحادثة اللطيفة مع جمال بسؤاله عن سر ابتسامته الدائم، فأجاب: “نحن كشعب فلسطيني تحت ضغوطات كثيرة، لكنني أحاول العيش قدر الإمكان، وانا بطبيعة الحال أحب الضحك، ولا أسمح للطاقات السلبية بالسيطرة على مشاعري، ولله الحمد هذا فضل من الله”.