صانع السعادة

جهاد طنينة: بلادٌ في رجل

هيئة التحرير

الساعة الخامسة فجرا بتوقيت الحياة، يصحو جهاد الإنسان البسيط ذو الحاجبين المعقوفين والعينين الصغيرتين، يملأ صدره من هواء الفجر فيتوضأ بالأمل في التحرير والنصر على المحتلين، يستلقي بعدها يسبح الله ويقلب في المحطات الإذاعية أو جهاز التلفاز عن أخبار المقاومة والانتصارات.

في حال سمع الناشط جهاد عبر عن ارتقاء أحد الشهداء، يسارع إلى تبديل ملابسه والتوجه إلى الشارع لإيقاف أي مركبة تقرّبه من المكان المقصود، تسارع أنفاسه الوقت للوصول لأداء الصلاة على الشهيد، والمشي في موكبه الملائكي نحو الدار الآخرة، ويهتف بصوته الجهوري في جموع المشيعين.

وحينما لا يتمكن طنينة من المشاركة في تشييع الشهيد بسبب الوقت، يعمل على أداء صلاة الغائب عليه بعد انتهاء عمله في تنظيف شوارع بلدته ترقوميا شمال غرب مدينة الخليل، ولا يتوقف جهاد عن سماع الأخبار وهو يمشي في أزقة وطرقات بلدته يجمع ما علق عليها من أوراق ونفايات.

لجهاد ثلاثة أطفال، ورابعهم قادم بعد شهور، واتخذ قراراً بعد معرفته جنس الجنين أنه ذكر أن يسميه إبراهيم النابلسي، تيمناً بالشهيد إبراهيم النابلسي الذي شكل نضالية كبيرة في مقاومة الاحتلال ومقارعته، إلى أن استشهد في شهر أغسطس\ آب الماضي.

ويقود جهاد عربته ساعياً في كسب الرزق الحلال، نحو عمله بكل حب وشغف، يحمل قارورة صغيرة من الماء تساعده على تخفيف وطأة عطشه كلما شعر بالحاجة إلى الماء، يسلم على الجميع ويبادله الآخرون كذلك التحيات والدعوات الصادقة الخارجة من القلب بحياة وواقع أفضل.

ويتوجه طنينة بشكل يومي إلى عمله كصانع جمال في بلدية ترقوميا، في حال لم يتبدل برنامجه، نظراً للأحداث أو المستجدات المتمثلة بالمظاهرات أو جنازات الشهداء أو الوقفات والاحتجاجات، ولا يكف عن التطوع بتنظيف شوارع البلدة حتى لو لم تكن ضمن برنامجه اليومي.

يقول طنينة لـ”بالغراف”: “إن أجمل أيام حياتي كانت يوم زفافي، ويوم انتزاع أسرى (نفق الحرية) من سجن (جلبوع) حريتهم، ويفرح أكثر كلما سمع صافرات الإنذار تمنع التجول على المستوطنين، ويرقص فرحاً كلما انتصر أسير مضرب عن الطعام على سجانه”.

ويشير جهاد إلى أن الناس تعامله بلطف ولا تقصر في تقديم الخير، مؤكداً أن بلديته ترقوميا لا تقصر معه في طلباته، ولكنه يعاني من عدم ملكيته لمركبة تساعده في الوصول بطريقة أسرع كلما ارتقى شهيد.

يشارك جهاد بجميع جنازات شهداء محافظتي الخليل وبيت لحم خلال العقد الأخير، عدا شهيد واحد بسبب إجرائه لعملية جراحية، حالت دون أن يتمكن من المشاركة، ويصل لباقي مدن الضفة الغربية كلما حانت أية فرصة.

ويتمنى جهاد، وفق ما يؤكده، أن أمنيته أن يمضي باقي عمره في تنظيف شوارع القدس، ورحاب المسجد الأقصى محرراً، والموت على عتباته، مؤمناً بحتمية النصر على الاحتلال والتخلص منه.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة
الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعة