loading

حلم مقدسية: صفر نفايات في فلسطين

هيئة التحرير

“صفر نفايات”، تلك هي فلسفة الناشطة البيئية المقدسية نجلاء عبد اللطيف (27 عامًا) في الحياة، حيث تطمح بوجود دور فعال لها، كي تقلل من الأثر السلبي على البيئة، وحلمها أن تصل لطلبة المدارس لتوعيتهم ليكونوا فاعلين بتغيير نمط حياتهم عبر تقليص أثرهم البيئي.

أسلوب حياة.. “صفر نفايات”

أسلوب حياة، أصبحت هذه الفلسفة بالنسبة للناشطة البيئية نجلاء عبد اللطيف، الحاصلة على بكالوريوس إدارة الأعمال والاقتصاد، فأنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقت عليها اسم “صفر نفايات”.

وتسعى نجلاء لإعادة تدوير النفايات، وهي تؤمن أنه من الصعب لشخص يعيش في فلسطين أن يغض الطرف عن النفايات المنتشرة في حياتنا اليومية، خاصة انتشارها في الطرق والطبيعة والحدائق العامة، كما تؤكد لـ”بالغراف”.

هرم “الصفر نفايات” مبني على الرفض للقضاء على النفايات من خلال عدم شرائها، تقليلها، إعادة استخدامها، تحويلها إلى سماد (العضوي منها)، إعادة تدويرها كمواد مفيدة، و”التخلص منها” إن تعذر عملِ كل ما سبق ذكر، تؤكد نجلاء.

في البداية تملكت نجلاء حالة عجز حينما رأت كمية النفايات، ثم انتابها القلق الداخلي، جعلها بعد ذلك، تصل مرحلة الإيمان بوجوب أن تفعل شيئًا ما، ولهذا السبب قررت أن تقلل نفاياتها الشخصية بقدر الإمكان، لأنها شعرت بشكل شخصي أنها لا تريد المساهمة في كم النفايات الهائل من حولها.

ما دفع نجلاء أكثر أن تتجه إلى هذا النهج هو زيادة وعيها الشخصي عن تأثير النفايات على البيئة، والكارثة السلبية التي تسببها للمناخ، فتعيش حاليًا أسلوب حياة يتماشى مع مبدأ “صفر نفايات”، وتمكنت من تقليل نفاياتها الشخصية بقدر 90%، وأفعالها كفرد هي “محاولة تقليل النفايات”.

ما يميز نجلاء أنها تصنع منتجات التنظيف بنفسها، وتسعى لأن يكون بيتها خالٍ من المواد الضارة المصنعة والنفايات، فتلجأ لكل ما هو طبيعي، وتقول: “في الحالة المثالية سيكون كل شيء طبيعي، ولكن بما أننا نعيش في مجتمع عصري سريع أضطر بعض الأوقات أن ألجأ إلى ما هو غير طبيعي، وفي هذه الحالات أحرص أن لا تكون هذه المنتجات مستخدمة على جسدي”.

تعزيز الوعي بالفكرة

تؤمن نجلاء بضرورة وجود جهود مضاعفة من أكبر عدد ممكن في المجتمع، فقررت أن تعمم تجربتها وتنشر الثقافة في المجتمع من حولها، كي يكون لعملها تأثير إيجابي أكبر، وسعت لنشر تجربتها بطريقة تصل لكل الفئات لتقليل الأثر السلبي على البيئة.

جهود نجلاء تضمنت تأليف مدونة وصفحة “صفر نفايات” في فلسطين، التي تسلط الضوء من خلالها على الأخطار البيئية الناتجة عن النفايات، وتكتب عن طرق ممكنة تقلل فيها النفايات بمحتوى ملائم للوطن العربي وفلسطين، كي تشر ثقافة في سلوكيات صديقة للبيئة، والابتعاد عن الاستهلاك المفرط، وتحتوي المدونة على وصفات بسيطة لإنتاج مواد صحية وطبيعية ونصائح تدوير وإعادة استخدام في الحياة اليومية، والابتعاد عن الاستهلاك والبلاستيك، وتسعى من خلال المحتوى أن تبين أننا كأفراد لدينا القدرة لتقليل تأثيرنا السلبي على البيئة من خلال تغيير أنماط وأساليب استهلاكنا اليومية.

بدأت نجلاء مدونة “صفر نفايات فلسطين” قبل خمس سنوات، ومن جديد في بداية هذا العام ربطت المدونة بوسائل التواصل الاجتماعي، التي ساعدتها بالتقرب من الجمهور والشريحة التي استهدفها لتنخرط معهم، وهي سعيدة أحيانًا أن يلهمها متابعوها بأفكار ونصائح.

التخلص من البلاستيك.. وهذه أضراره

تسعى عبد اللطيف للتخلص من البلاستيك لما له أثر سلبي على البيئة، وهي تتجنب البلاستيك من خلال الابتعاد عن شرائه، أو تجنب المنتجات أحادية الاستعمال أو المنتجات المعلبة والمغلفة بقدر الإمكان.

تحمل نجلاء معها قارورة ماء زجاجية أو معدنية، وتحمل كذلك أوعية وأدوات مائدة قابلة لإعادة الاستخدام، كما تتجنب الأكياس البلاستيكية، وفي حال اضطرت لشراء حاجة مغلفة فإنها تتجه إلى الكرتون أو الزجاج أو المعدن إن وجدت.

والبلاستيك مصنوع من النفط الخام وهو الوقود الأحفوري، وتنتج في زيادة الطلب على استخراج النفط، وهو مضر لأنه غير قابل للتحلل، وينتج مواد ضارة للبيئة تتسرب إلى الأرض والتربة والبحار، كما أنه مضر أيضاً على صحة الإنسان، حيث أنه يتسبب بتسريبات كيميائية تنتقل إلى الجسم، تعد مسرطنة، وتسبب أضرارًا صحية مثل مشاكل في الجهاز الهضمي، والتغيرات الهرمونية وضعف جهاز المناعة. 

صعوبات واجهتها

لا تتوارد هذه الفكرة لعقول الكثيرين، فواجهت نجلاء عبد اللطيف ردة فعل مختلفة حول مشروعها ونمط حياتها، حيث واجهت ردة فعل مختلفة وكان العديد يرحب بالفكرة ويشجعها عليها بالرغم من رؤيتها معقدة ومرتكزة حول التقشف.

كان البعض يتفاعل بدهشة واستغراب مع فكرة نجلاء، كونه مبدأ غريب في البلاد وطريقة تفكير مختلفة كلياً مما تعودنا عليه، وتقول نجلاء: “لقد واجهت الكثير من المصاعب سواء سلوك أو طريقة تفكير سلبية، حيث يرى الكثير أن المشاكل البيئية كبيرة ولا يمكنني كفرد تغيير وإصلاح كارثة النفايات التي تواجهها الأرض، أيضاً من ناحية أنني موجودة في فلسطين والبعض يقول إن فلسطين لديها مشاكل أكبر من البيئة، وهنالك قضايا أهم من البيئة بما أننا نعيش تحت احتلال، أو صعوبات سياسية اجتماعية اقتصادية، وأن الأولوية أن نتعامل مع هذه المشاكل”، ولكن نجلاء تؤمن أن الكارثة البيئية لن تنتظر، ويجب إيجاد حلول فورية، وليس هناك عائق بأن نعالج القضيتين في نفس الوقت.

أمنيات نجلاء

أمنيات كثيرة تتمناها نجلاء عبد اللطيف لتنعم ببيئة نظيفة خالية من التلوث، ورسالتها واضحة للعالم وللمجتمع، وتقول: “أتمنى أن يصبح تغيير جذري في سلوكنا من داخل المجتمع، أن نصل لحالة يكون لكل فرد في الوطن العربي وعي ذاتي عن خطورة النفايات والاستهلاك على البيئة، والرغبة الشخصية لتبني نهج حياة صديق للبيئة”.

وتتابع نجلاء، “أتمنى أن نصبح كمجتمع عربي وفلسطيني قدوة في الوعي البيئي، وأن نحب الأرض والبيئة بقدر ما نحب الوطن، لأنه بالنهاية، ما مغزى أن نحمي أرضنا ووطننا، إذا لم نحافظ على البيئة التي نعيش فيها؟”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة