loading
كراسي متحركة

كرة القدم أجنحةٌ للكراسي المتحركة

هيئة التحرير

صيفًا وشتاءً، في المطر أو الحر، في النهار أو الليل، لا يتخلف محمد أبو شرخ وعلي خضيرات عن حضور مباريات نادي الظاهرية أو غزلان فلسطين كما يُطلق عليهم، فلا ظروف جوية تمنعهم، ولا ظروفهم الصحية، كإعاقتهم الحركية التي لم تمنعهم من التواجد في أرضية الملعب والهتاف والتشجيع للغزلان.

ونادي الظاهرية الرياضي والذي يُعرف أيضاً بالغزلان هو نادي رياضي تأسس عام 1974 في مدينة الظاهرية جنوب غربي الخليل، وحصل على العديد من البطولات المحلية، ويتصدر حاليا الدوري بعد أربع جولات من المنافسة الشديدة.

حب الغزلان المتأصل

محمد أبو شرخ ابن الخامسة والعشرين عامًا يهوى منذ صغره حب الغزلان، فتأصل به كتأصل العشب بالأرض، يتابع بشغف كبير، يعرف موعد المباراة بساعتها وتاريخها ومكان إقامتها، هكذا هو منذ كان طفلاً حتى صار شاباً لا يتخلف عن مباراة واحدة للغزلان مهما كان ظرفه.

يقول أبو شرخ في حديث لـ “بالغراف”: “في الظاهرية تعودنا كلنا وتربينا أن نحب الغزلان ونذهب لحضورهم في أي مكان، وأنا سأذهب وراءهم إلى أي مكان يذهبون، فحب الفريق يطغى على أي شيء آخر، فنحن تربينا على حبه، وكل شخص يربي أولاده على حب الفريق”.

يطغى اهتمام وحب الغزلان على حياة أبو شرخ؛ فالفريق يأتي بالمقدمة ومن ثم باقي الأمور، فحب الغزلان هو الرقم واحد ويتم تقديمه على الكثير من الأمور الحياتية، علاوة إلى أنه أضاف لشخصيته الكثير، فهو ساهم في تعرفه على العديد من الأشخاص وتكوين العلاقات، إذ إن حضور المباريات هو متنفسه، ويستطيع من خلالها تغيير النفسية والذهاب والمجيء.

بدوره، يقول علي خضيرات ابن الحادية والعشرين في حديث لـ بالغراف”: “منذ صغري وأنا أذهب لحضور مباريات يشارك فيها فريق الغزلان الذي أحبه وأشجعه، غير آبه بالظروف الجوية، صيفاً أو شتاء، فأنا أحب التواجد في الملعب، ومتابعة المباريات لفريقي الأحب على قلبي”.

ويتمنى خضيرات أن يحصل فريق الغزلان على لقب الدوري لهذا العام وأن يحصلوا على بطولات أخرى أيضاً.

الغزلان أهم من تجارته!

لدى محمد أبو شرخ متجر لأدوات التنظيف يعمل به، ولكن عند مواعيد المباريات يغلق متجره ويتوجه إلى المباراة في أي يوم كان، ويعتبر يوم السبت يوم النشاط التجاري في بلدة الظاهرية بالخليل، ولكن إذا ما صادف وجود مباراة للغزلان فمحمد لا يأبه بذلك، ويغلق متجره ويتوجه لمتابعة المباراة، فالغزلان يأتي بمقدمة أي شيء، وفق أبو شرخ.

يصف أبو شرخ شعوره بالسعادة العارمة حينما يكون على أرضية الملعب ويتابع فريقه، فهو الفريق الذي رفع اسم فلسطين واسم الظاهرية ويقدم مستويات مميزة، ويرفع أبو شرخ رأسه أنه لديهم هكذا فريق وإدارة ولاعبين تجمعه بهم علاقة مميزة، فهم يرحبون به بداخل وخارج الملعب، كما أنه يفرح كثيراً عندما يحرز فريقه الفوز، ويحزن عند الخسارة، ولكنه لا يعتقد أن الخسارة نهاية الدنيا، كما أنه مع فريقه بالخسارة والفوز.

حب أنساهما الإعاقة!

حب وشغف أبو شرخ للغزلان ساعده على نسيان إعاقته، فهو يعاني من إعاقة حركية يضطر على إثرها لاستخدام الكرسي المتحرك، ولكن ذلك لم يكن عائقًا أمامه لحب الغزلان ومتابعتهم، فهو لم يسمح لإعاقته هذه في منعه عن ممارسة أي شيء في حياته، وهو يعمل وأيضاً يتابع شغفه في الملاعب وفي حب الغزلان.

لا يوجد لأبو شرخ ورفاقه من ذوي الإعاقة مكان مخصص في مدرجات الملعب، ولذلك يضطرون لمتابعة المبارايات من داخل الملعب، ولذلك لا يكون لديهم احتكاك كبير بالمشجعين الآخرين.

ووفق أبو شرخ، فإنه لا يرى من المشجعين أي نظرة تدلل على أنه أقل منهم، بل يلمس منهم نظرة التقدير والاحترام، وهناك الكثير ممن يعتمده كمرجع مهم لمعرفة أيام وساعات إقامة مباريات الغزلان.

يأمل أبو شرخ أن يتم تخصيص مكان له ولذوي الإعاقة في المدرجات كي يتسنى لهم المتابعة، موجها رسالته بضرورة وجود مكان له ولغيره في المدرجات، وأن يكون هناك أيضاً مواءمة ليتسنى له الوصول والجلوس دون الحصول على المساعدة من أحد، كما يأمل أن يكون له ملعب بيتي.

رغم ذلك، يعتبر أبو شرخ متابعته من داخل الملعب ميزة مهمة لا يحصل عليها باقي المشجعين، فهو يكون قريبًا من اللاعبين أثناء المباريات، وهو ما يتمناه الكثيرون، ومتمنيًا أن يحصل الغزلان على لقب الدوري هذا العام.

أما علي خضيرات، فرغم أنه يجد صعوبات في الوصول لبعض الملاعب لمتابعة مباريات الغزلان، ولعدم وجود مكان مخصص لذوي الإعاقة في المدرجات فيضطر إلى متابعة المباريات من داخل الملعب، ومتابعتها من داخل الملعب لها ميزة خاصة بالنسبة له فهي أمتع، وتكون رؤية المباراة من داخل الملعب أفضل من المدرجات، وبذلك يكون قريباً من اللاعبين الذين أصبحوا يعرفونه.

متابعة وتشجيع الغزلان ساعدا خضيرات على نسيان إعاقته، فهو أصبح دائم الحضور للمباريات ويعتبر نفسه واحداً من الجماهير، الذين كانوا في البداية ينظرون إليه نظرة تعاطف، ومن ثم تحولت هذه النظرة إلى نظرة عادية، كما بتمنى إيجاد مكان خاص لذوي الإعاقة في الملاعب.

وتصدر الظاهرية دوري المحترفين الفلسطيني برصيد عشرة نقاط بعد فوزه على أهلي الخليل بستة أهداف مقابل هدفين في المباراة التي جمعتهما على ملعب هواري بومدين في مدينة دورا في الجولة الرابعة.

عندما يفوز الظاهرية يشعر محمد أبو شرخ وكأنه يحلق من على كرسيه المتحرك ليشارك صديقه علي خضيرات الفرح
فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة