هيئة التحرير
في جبل جرزيم بمدينة نابلس يعيش أبناء الطائفة السامرية، يفخرون أنهم فلسطينيون، وهم لا يعترفون بالديانة اليهودية، ويعترفون فقط بخمسة أسفار لسيدنا موسى عليه السلام، وهم يعتبرون أنفسهم ما تبقى من شعب بني إسرائيل.
في وطن لا يعرف التفرقة بين طوائفه، تعيش الطائفة السامرية في فلسطين منذ آلاف السنين، يمارسون طقوسهم ويلتزمون بتعاليم خمسة أسفار النبي موسى ويقيمون شعائر أعيادهم، فالسامريون أعرق وأقدم طائفة موجودة بالعالم، ويرجع تاريخهم إلى 3661 عام، منذ خروجهم من مصر على يد سيدنا موسى، ومجيئهم إلى أرض الكنعانيين.
“بالغراف” تسلط الضوء على أبناء نابلس، للتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الدينية والاجتماعية، ودراستهم وعملهم، وزواجهم، وعلاقتهم بالمجتمع النابلسي.
هنا يقيم السامريون
يقطن السامريون وعددهم الحالي 850 نسمة نصفهم يعيش بجبل جرزيم في مدينة نابلس والنصف الآخر يعيش في منطقة “حولون” بالداخل، بحسب ما يؤكده الكاهن حسني السامري في حديث لـ”بالغراف”.
ويرجع وجود السامريين، في هاتين المنطقتين إلى أنهم في الانتفاضة الأولى انتقلوا للعيش من نابلس لجبل جرزيم بسبب القتال الذي كان يحصل في حيهم، إضافة إلى ضيق الحي الذي كانوا يسكنونه، فاستطاعوا البناء على أراضي الجبل والعيش بحرية دون التعرض لأية مشاكل.
أما بالنسبة لمن يسكنون في “حولون” فبسبب الحالة الاقتصادية في بداية القرن العشرين، فقد انتقل أحد السامريين إلى يافا وعمل هناك، وبعد تحسن أوضاعه جلب عائلته، ومن ثم انتقلت بعض العائلات، وبعد حرب عام 1967 وبسبب الحالة الاقتصادية انتقلت أيضاً بعض العائلات الأخرى، وبعدها تحسن الحال ولم يعد ينتقل أحد إلى “حولون”.
أبناء نابلس
والسامريون أبناء المجتمع النابلسي، ووفق الكاهن حسني السامري، فإن ما يميز مدينة نابلس أن بها ثلاثة أديان لا تستطيع التمييز بينهم، وبالرغم من أن الشعب السامري شعب ديني، إلا أنه متحرر أيضاً، فهم يعيشون بتطور، وهم جزء من نسيج هذا الشعب، ويعاني ما يعانيه.
ويعيش السامريون في نابلس كجزء من الشعب ونسيجه الاجتماعي، ولا فرق بين سامري، ومسلم، ومسيحي، حيث هناك الاحترام المتبادل والمشاركة في الأفراح والأتراح وتبادل الزيارات، فيما يؤكد السامري أن مذهبهم إسرائيلي، ولكن جنسيتهم فلسطينية.
هذه معتقداتهم وأعيادهم
الدين لدى السامريين هو إسرائيل، بحسب حسني السامري، وهم يعترفون فقط بخمسة أسفار لسيدنا موسى، وهي: “التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية)، ويتكلمون هم اللغة العربية في تعاملهم بشكل يومي، لكنهم في الصلوات والعبادات يتحدثون اللغة العبرية القديمة، حيث لا لغة أخرى بالعالم لديها لغة إشارة، وكل حرف يدل على عضو من أعضاء الجسم وهي 22 حرفًا.
يقول الكاهن حسني السامري في حديث لـ”بالغراف”، “لا يوجد ديانة يهودية، بل إن اليهود انشقوا عن الدين الحقيقي الإسرائيلي، فالسامريون هم الشعب الحقيقي لبني إسرائيل، ويؤمنون بأسفار سيدنا موسى الخمسة، واليهود أخذوا 24 سفرًا ليغطوا على الخلافات مع السامريين”.
وليوم السبت قداسة كبيرة للطائفة السامرية، ففي هذا اليوم يتفرغ السامريون للعبادة فقط لا غير، ويلتزمون به بعدم إشعال الأضواء ولا يستخدمون الهواتف أو التلفاز، ولا يركبون السيارات فيه أيضاً، ولكن يسمح بفعل ثلاثة أشياء فقط، وهي: إطفاء حريق يهدد حياتهم، وإنقاذ إنسان من الغرق، والذهاب بسيدة إلى المستشفى لأجل الولادة.
وللطائفة السامرية سبعة أعياد دينية موسمية، فكل عيد يستقبل موسم خاص وفق السامري، فهناك عيد الفُسَح وهو ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر، ويكون في شهر أبريل\ نيسان من كل عام، وفيه يقدمون القرابين على جبل جرزيم، وبه ثلاثة طقوس، وهي: “ذبح الخِراف، وأكل خبز غير مخمر، وشرب عشبة مارورة”.
والعيد الثاني يكون بأكل الفطير لمدة سبعة أيام، وهو عيد يستقبل الصيف، والعيد الثالث هو عيد الحصاد الذي يأتي بعد خمسين يومًا من عيد الفُسح ويقومون بجمع أبكار غلات الحقل، والعيد الرابع رأس السنة العبرية ويكون كيوم السبت، لا يفعلون به شيئًا سوى العبادة، والعيد الخامس هو عيد الغفران، والعيد السادس هو عيد العُرش لاستقبال الشتاء، والعيد السابع هو فرحة التوارة ونهاية الأعياد السامرية، حيث لا أعياد لديهم غيرهاز
طقوسهم الاجتماعية
للسامريين طقوسهم الاجتماعية المتعددة أيضاً، فلديهم طقوس الزواج، ومولد سيدنا موسى، وهناك الختانة والذي يجب عمله في اليوم الثامن من ولادة الطفل لتكون ذكرى ختان سيدنا إسحاق، فهو عهد يمشي عليه السامريون، وهناك عهد الملح الذي لديه سبع عهود، وهناك طقس قوس قزح الذي يوحي بالاطمئنان بأنه لن يحدث طوفان كما حدث في زمن النبي نوح، وهناك عهد القربان، وعهد الكهنوت، بحسب ما يوضحه السامري.
يجد السامريون، بحسب الصحافية بدوية السامري، في حديثها لـ”بالغراف”، صعوبة في الطعام، فاللحوم والدجاج يجب ذبحهما على الطريقة السامرية، كما أن السامريين في العمل يعملون بكل شيء، وتستطيع الفتاة العمل في الشئ الذي تريده.
أما بالنسبة للزواج، فتؤكد السامري أنه يُمنع على الفتاة الزواج من غير طائفة، أما الشاب وبسبب قلة وجود الفتيات في الطائفة في السنوات الأخيرة، فأصبح بإمكانه الزواج من خارج الطائفة على شرط التزامها بتعاليم الطائفة، كالالتزام بيوم السبت، وتعاليم الأعياد.
ووفق السامري، فإنه وفي فترة الحيض يجب على المرأة عدم ممارسة أي شيء بداخل منزلها، وهذا ينطبق عليها في حالة الولادة فتلتزم بهذه التعاليم لمدة 41 يوماً إن كان ذكرًا و80 يومًا إن كانت أنثى، ولكنها في هذه الفترة تستطيع ممارسة عملها بالخارج، وهذه التعاليم للأنثى من شأنها أن تخلق جوًا اجتماعيًا جميلًا، حيث التعاون والمساعدة بينهم.
اهتمامهم بالتعليم
يدرسون السامريون عادةً في جامعة النجاح، التي أضحى بها أكبر نسبة بالتعليم الجامعي للطلبة السامريين، فهي منذ فتحت أبوابها فأصبحت نسبة التعليم الجامعي لديهم أكبر نسبة في داخل أي طائفة في العالم، وهم يدرسون كافة التخصصات، وفق الكاهن حسني السامري.
وللسامريين مدرسة خاصة بالأطفال أقيمت منذ ست سنوات، يتعلم بها الأطفال اللغة العبرية، ويصبح الطفل خلال سنة يتحدث اللغة العبرية ويقرأ التوراة كاملة، ولكن أيضاً هناك تسعة صفوف في جبل جرزيم ثم بعدها ينتقل التعليم إلى مدارس نابلس، فيدرسون المرحلة الأساسية المتقدمة والثانوية، ومن ثم ينتقلون إلى التعليم الجامعي.
قيود على الدراسة في الخارج
التعليم لدى السامريين فيه بعض القيود للدراسة في الخارج للفتاة والشاب على حد سواء، وفق ما تؤكده الصحافية بدوية السامري، وتقول: “إنه لا فرق في دراسة التخصصات بين الشاب والفتاةن فتستطيع الفتاة دراسة أي شيء في نطاق المتاح والتخصص الذي تحبه، ويدرسوا في جامعة النجاح التخصص الذي يريدونه إن كان موجودًا بها، ويمكنهم أيضاً الدراسة في بيرزيت وغيرها، ولكن طالما كان التخصص الذي يريدونه موجودًا في النجاح فيدرسون بها بحكم قربها من مكان السكن”.
لكن للدراسة بالخارج، وفق الصحافية السامري، بعض القيود والصعوبة للجنسين على حد سواء، وذلك بسبب العادات التي لديهم والتي يجب الالتزام بها، فمثلاً يوم السبت لا يجوز الدراسة أو فتح الهاتف أو التلفاز أو التواصل مع أحد.