هيئة التحرير
للمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات تجري انتخابات برلمانية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، في محاولة حل مشكلة المأزق السياسي ودوامة تشكيل حكومة قادرة على الاستمرار، بينما لم يكن هناك توقعات حاسمة حول فوز معسكر اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو أو معسكر اليسار بقيادة نفتالي لابيد وبني غانتس، فلمن ستكون الغلبة في هذه الجولة؟ وهل يحسم نتنياهو هذا الصراع ويعود للحكم مجددًا؟
استشفاف النتائج
بالنسبة للمختص بالإعلام العبري محمد أبو علان فإنه يرى في حديث لـ”بالغراف”، بصعوبة التوقع بهذه الانتخابات، حتى استطلاعات الرأي التي أُجريت طيلة الفترة الماضية تشير إلى تعادل في المعسكرات.
ويقول أبو علان: “ليس مُهمًا كم سيحصل الحزب على مقاعد بقدر أهمية حجم المعسكر، واستطلاعات الرأي ترى أن معسكرات: نتنياهو، ولابيد وغانتس، وأحزاب اليسار، لن تتمكن من تشكيل حكومة ما لم يكن هناك تمرد من معسكر لآخر، ما يعني أن التوقعات الأولية تشير إلى استمرار الأزمة السياسية، وبنهاية المطاف فالأمر مرتبط بنسبة التصويت”.
لكن المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور يرى في حديثه لـ”بالغراف” أن التوقع الأكبر “عدم حصول نتنياهو على 61 مقعدًا بهذه الانتخابات، ما يفتح المجال أمام سيناريوهات أخرى كتولي لابيد أو غانتس، أو التناوب، أو حدوث انشقاقات بالليكود”.
ويشير منصور إلى أن الحلبة السياسية الإسرائيلية ستشهد عملية “فك وتركيب” واسعة، لتجنب الذهاب لانتخابات سادسة ونتائجها الكارثية، فالأنظار تتجه لنسبة التصويت، وهي مرتفعة مقارنة بالسنوات الماضية، وارتفاعها لا يخدم اليسار ولا العرب، فكلما ارتفعت نسبة التصويت ارتفع المقعد وهذا يصعب مهمة الأحزاب العربية، فالمجتمع العربي يحتاج نسبة تصويت ليست أقل من 57%، حتى تتمكن القوائم العربية من النجاح، وفشل قائمة عربية يعني فرصة أكبر لنتنياهو لتشكيل الحكومة.
أما المختص بالإعلام العبري خلدون البرغوثي، فإنه يرى في حديث لـ”بالغراف” أنه من الصعب التوقع في ما قد تتمخض عنه هذه الانتخابات، ويصعب تحديد توقع عودة نتنياهو من عدمها، أو إمكانية حصوله على 61%.
ووفق البرغوثي، فإن نتنياهو لديه حالة قلق كبيرة من زيادة نسبة تصويت الفلسطينيين كونها تؤثر على فرصه، ولديه قلق من وجود إقبال عربي أفضل من المرات السابقة، فهم كانوا يتوقعون إقبال 40%، وتعني حصول نتنياهو بين (58 و60) مقعدًا، ولكن إذا ارتفعت نسبة تصويت الفلسطينيين إلى 55% فذلك يعني حصول نتنياهو بين (54 و56) مقعدًا.
نتياهو وخيارات العودة الصعبة
تتجه الأنظار إلى إمكانية عودة نتنياهو مع شركائه الإرهابيين المستوطنين مثل بن غفير وسموتريتش والأحزاب الدينية الحرديمية التي بدأت تنبني وجهة النظر الصهيونية المتشددة وبعض ناخبيها بدأو بالاتجاه نحو الأحزاب الصهيونية الدينية، وهم يطالبون بوزارات هامة كالأمن والقضاء.
ويرى خلدون البرغوثي أن نتنياهو قد يضطر للاستجابة لشركائه لتشكيل الحكومة بأي ثمن، وعودته مع تلك الأحزاب يعني دخول مرحلة جديدة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، باتجاه أسوأ السيناريوهات ضد الفلسطينيين، وسنكون أمام حكومة يقود وزاراتها بن غفير وسموتريتش مع سيطرتهم على وزارة القضاء لتوفير الأرضية والغطاء القانوني لكافة الجرائم ضد الفلسطينيين.
ويؤكد عصمت منصور بدوره، أن عودة نتنياهو لن تغير شيئًا ميدانياً فالتصعيد مستمر، لكن وجود عناصر متطرفة وفاشية بحكومته سينعكس على الوضع السياسي والعلاقة مع السلطة الفلسطينية والدول المجاورة والولايات المتحدة، ويجعل تأثير الدول العالمية على إسرائيل أقل، ما يزيد من احتمالات التصعيد.
أما محمد أبو علان، فيشير إلى أن عودة نتنياهو من أقوى الخيارات حالياً، وهذا يعتمد على نسبة تصويت المجتمع العربي، حيث إن عدم اجتياز قائمة أو قائمتين عربيتين لنسبة الحسم يعزز فرصة نتنياهو بتشكيل الحكومة، بينما كل مقعد تحققه القوائم العربية هو عثرة بطريق نتنياهو.
أبو علان ينوه إلى أن معسكر نتنياهو حصل بالاستطلاعات على 60 مقعدًا، والمعسكر الآخر حصل على 56 مقعدًا، علمًا بأن لا يجد منافس لنتنياهو داخل معسكره، على منصب رئاسة الحكومة، بعكس المعسكر الآخر، وربما رغبة غانتس برئاسة الحكومة ستمكنه من التمرد والانضمام لمعسكر نتنياهو شريطة التناوب بينهما على الرئاسة، وأن يكون غانتس أولاً.
انتخابات سادسة؟
الذهاب لانتخابات سادسة للكنيست، يؤكد خلدون البرغوثي أنها قائمة، إلا بحالة اضطرار نتنياهو للتخلي عن الحكومة وتكليف شخص آخر من الليكود لتشكيلها، ما يسمح للأحزاب المنافسة بتشكيل حكومة واسعة، لكن من الصعب الحكم على ذلك الآن، فنتنياهو يحتاج لأن يكون رئيس وزراء كي يمضي بسن قوانين لإنهاء محاكمته.
ويشير البرغوثي إلى أن نجاح حزب التجمع الرافض الشراكة السياسية، يعني استمرار الأزمة، التي قد تضعهم على أبواب انتخابات سادسة، وهنا تكمن أهمية التصويت الفلسطيني وتجاوز الكتل العربية الثلاثة نسبة الحسم.
ويرى محمد أبو علان أن خيار إجراء انتخابات للمرة السادسة وارد جدًا، في حالة اجتياز القوائم العربية الثلاثة نسبة الحسم، وبالتالي لن يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة ما لم يحصل تمرد في داخل معسكر لابيد، فإن حصل تمرد فإن نتنياهو يستطيع تشكيل الحكومة إن لم يحصل فسيتم الذهاب لدورة سادسة.
ووفق أبو علان، فإنه وبعد خروج الاستطلاعات الأولية الساعة العاشرة مساءً، فإنه يتبقى المغلفات المزدوجة التي يدلي أصحابها بغير مراكز الاقتراع الرسمية في “المرضى، أو الجيش، أو السجناء، أو الديبلوماسيين” وعددهم ما يقارب من 400 ألف وسيتأخر فرزهم، ولا يمكن معرفة نتيجة الانتخابات النهائية حتى بعد غدٍ الخميس إذا كانت النتائج الأولية متقاربة.
ويؤكد عصمت منصور أن الذهاب لدورة انتخابات سادسة هو خيار وارد جدًا، فعدم تمكن نتياهو أو لابيد من تشكيل حكومة سيجعل لابيد يفكر بانتخابات سادسة، لأنه سيبقى رئيس وزارء لستة شهور على الأقل، لحين إجراء انتخابات جديدة، وسيتسفيد منها لتكريس نفسه كزعيم، كما ان سيناريو تحالف غانتس ونتيناهو وتشكيل حكومة بالتناوب أمر وارد.
الترقب الفلسطيني
يؤكد المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان أنه يتوجب على الفلسطينيين عدم انتظار نتائج الانتخابات الإسرائيلية، لأن كافة الأحزاب الرئيسية الإسرائيلية تتفق باتجاه الشأن الفلسطيني، بأنه لا يوجد جهة أو شريك فلسطيني للسلام، ولا دولة فلسطينية من البحر إلى النهر، وبأن القدس هي عاصمة دولة الاحتلال.
ويشدد أبو علان أن كل ما تستطيعه تلك الأحزاب تقديمه للفلسطينين هو تحسين ظروفهم وتقديم تسهيلات لمسائل اقتصادية، ولذلك لا يجب انتظار أي تغيير بعد هذه الانتخابات.
أما عن إمكانية وصول بن غفير وغيره للحكومة، فإن أبو علان يرى أن ذلك لا يعني شيئًا، “فليبرمان كان أكثر شخصية متطرفة، وهدد بالكثير، ولكن عند وصوله لم يفعل شيئًا، فالاحتلال والاستطان قائم ما دامت الحالة السياسية نفسها، ولكن ربما سيزداد التضييق على فلسطيني الداخل مبمزيد من القوانين العنصرية، ومحاولات خلق فروقات بين قيادات الاحتلال أسطوانة مشروخة”.