loading

قبل الخروج من بيروت .. وما بعده

هيئة التحرير

“قبل الخروج من بيروت وما بعده” كان هذا عنوان الندوة عقدت في قصر رام الله الثقافي، ضمن فعاليات مهرجان أيام فلسطين السينمائية، في الذكرى الأربعين لخروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت

وتناقش في هذه الندوة التي سيّرتها الصحفية ليانا صالح الكاتب والإعلامي ايهاب بسيسو إلى جانب الدكتور حميد دباشي، والأكاديمية عليا ريان، حيث تناقشوا في أبعاد المشهد الثقافي والسياسي بعد أربعين عاماً من خروج منظمة التحرير في فلسطين وما تبع هذا الخروج من أحداث على الساحة الفلسطينية 

وقال ايهاب بسيسو في حديث ل” بالغراف” إن الندوة ناقشت فكرة بالغة الأهمية في سياق الحديث عن الذاكرة الفلسطينية البصرية والسينما الفلسطينية على وجه الخصوص، مضيفاً أن اجتياح بيروت وحصارها عام ١٩٨٢ يستحق مراجعته، من خلال ما تم إنتاجه بصريًا وسينمائيًا و فكريًا وثقافياً.

وأضاف أن هذه الندوة كانت محاولة للإطلالة على هذا الحدث بكل دلالته وحمولاته الثقافية والمعرفية والبصرية، من خلال المداخلات والنقاش، ووجود الدكتور حميد دبياشي المختص بالدراسات الثقافية والبحث في الأرشيف الوطني وأراشيف الشعوب كان مهمًا، ووجود أيضاً الأستاذة عليا ريان والإطلالة على تجربة دور السينما والعمل السينمائي في سياق التحولات التي نمر بها، إضافة إلى مداخلته والتي ناقش البحث عن آفاق والاستفادة من حدس  الذاكرة لكي يصبح جزء من الرؤية نحو المستقبل، إضافة إلى ضرورة صون الذاكرة الوطنية وخلق أفق للذاكرات الفرعية الفلسطينية ضمن ذاكرة الحرية الفلسطينية.

انتكاسة فلسطينية

وأكد أن خروج المنظمة من بيروت شكل نوع من أنواع الانتكاسة حيث كان هناك تطلع على أنه يمكن البناء على ما حدث في بيروت بتلك الفترة، ولكن الخروج وتوزع قوى المقاومة على الدول العربية، دفع القيادة السياسية إلى البحث عن آفاق كثيرة لاستمرار إيجاد الزخم للقضية الفلسطينية والذي كان من نتاجه اندلاع الانتفاضة عام ١٩٨٧، وهذا الزخم الذي جاء  لا يمكن فصله عن ما حصل من ملاحم بطولة عام ١٩٨٢، مضيفا أنه استعادة الذاكرة والبحث في الذاكرة سواء في الصمود الاسطوري في بيروت وما حدث بعد ذلك من انتفاضة، والعلاقة التي جمعت ما بين الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات في الخارج، يستحق الإنتباه والبحث أكثر عن السياق الوطني والمعرفي، وذلك  من أجل بلورة السياسة نحو المستقبل خصوصا اذا أُخِذ بعين الاعتبار محاولات الاحتلال لتفتيت الوجود الفلسطيني على صعيد الذاكرة وأيضا على صعيد الوجود الفيزيائي على أرض فلسطين ونفي العلاقة ما بين فلسطين والخارج.

وأكد أن هذا الفعالية هي خطوة ذكية من مؤسسة ” فيلم لاب فلسطين”، وانتباههم للذكرى الأربعين لخروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، وبالتالي فنحن بحاجة لمراجعة الأربعين عام هذه، وما تخللها من أحداث سياسية لها تأثير على المستوى الثقافي والسياسي الفلسطيني، حيث عام 1982 خروج بيروت و1987 الانتفاضة، و1994 انشاء السلطة الفلسطينية، و2000 اندلاع انتفاضة الأقصى، و2004 حصار والرئيس عرفات، وما تلا ذلك من انقسام، مشددًا على ضرورة إجراء مراجعة شاملة ل ٤٠ عامًا من الأحداث، وتأثيرها على السينما الفلسطينية والعربية و الذاكرة، مؤكدًا أنها كانت التقاطة ذكية من المؤسسة للتركيز على الموضوع، لأن هذا الخروج يمثل انعطافة بالغة الأهمية في التاريخ الفلسطيني المعاصر.

الأرشيف الفلسطيني

وحول وجود الأرشيف الفلسطيني أكد بسيسو  أن هناك العديد من الأرشيف المركزي الخاص بمركز الأبحاث الفلسطيني، وهو ما كان يمثل العقل النابض لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي  سُرِق خلال اجتياح بيروت وأُفرج عنه بعد عدة سنوات خلال عملية تبادل أسرى حدثت، مضيفًا أنه  يجب التركيز على آراشيف وطنية  آخرى مثل الأرض المحتلة عام ١٩٤٨، وأرشيف عام ١٩٧٦ والأراشيف الوطنية الأخرى.

وأضاف أنه يجب النظر بأهمية لمحاولة جمع الأراشيف  وإعادة الاعتبار للذاكرة ودراستها والتعمق بها من خلال إطلاق مشروع المكتبة الوطنية الفلسطينية، وردها المركزي في محاولة صناعة الذاكرة الفلسطينية من خلال الاعتماد على الأرشيف الذي يشمل “السمعي، والبصري، واللوحات، والوثائق”، مشيراً إلى ضرورة دعمه 

وأشار إلى أنه يجب أن  يكون هناك وضوح لأهمية هذا الأرشيف، حيث هناك بعض المؤسسات التي انتبهت لهذه الأهمية  مثل مؤسسة الدراسات الفلسطينية التي تعمل على جمع الأرشيف وتحديدًا جمع الذاكرة الشفوية،  إضافة إلى دور الجامعات الفلسطينية وتوثيقها وجمعها للأرشيف، مؤكدًا على الحاجة  لبلورة سياسيات قادرة على أن تكون هي المحور لهذا الجهد الذي يُقدم إبداعيًا وثقافيًا وبحثيًا، من أجل فلسطين والتعريف بها  على مستويات العالم المختلفة

وشدد بسيسو على أن أهمية المهرجان تكمن في إتاحة المجال لهذا الحوار السينمائي المعرفي، وذلك من خلال إستضافة العديد من الشخصيات العاملة في قطاع السينما وصناعة السينما الفلسطينية والعربية والدولية، وأيضاً إتاحة المجال لرؤية آخر الانتاجات التي يتم الاحتفاء بها على مستوى العالم، فمهرجان بهذا الحجم يستحق الاهتمام والاشادة بالجهد التي تقدمه مؤسسة ” فيلم لاب فلسطين” لكي تساهم في تعزيز حضور فلسطين مؤسساتيًا عبر مهرجان أيام فلسطين السينمائية

من جانبها تقول الصحفية ليانا صالح والتي سيرت الندوة أنها تناولت لحظة مفصلية في التاريخ الفلسطيني وهي لحظة خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت وتحدثت عن  مكانة هذه اللحظة في الوعي الجمعي الفلسطيني، إضافة إلى تأثيرها على منظور الشعب لنفسه قبل أربعين عاما  وكيفية النظر إليها اليوم

 وأكدت أن المهرجان استطاع أن يفرض نفسه على خارطة المهرجانات السينمائية في العالم العربي، وذلك من خلال نوعية الأفلام التي يختارها والتي تعرض لأول مرة للجمهور الفلسطيني، مضيفة أنه منصة مهمة لصناع السينما في فلسطين.

في الذكرى الاربعين من خروج منظمة التحرير من بيروت، ماذا ظل وماذا تغيّر

إخراج صورة الفلسطيني

وأكد حنا عطا الله مدير مؤسسة فيلم لاب ومؤسس المهرجان أن هذه الفعالية تأتي لتسليط الضوء على خروج المنظمة، وإعادة اخراج صورة الفلسطيني، إذ أن خروج المنظمة شكل محطة مهمة في التاريخ، لما فيها من تغير سياسي وتغير في صورة الفلسطيني والشعور بالهزيمة، فأتت هذه لإعادة إحياء هذه الصورة ونقدها وإعادة تسليط الضوء على تلك المرحلة، وعلى الخطاب السياسي الذي كان متواجدًا في تلك الفترة، مؤكدًا أنه من هنا ظهرت فكرة عرض أفلام تلك الفترة وافلام أنتجت  عن تلك المرحلة، إضافة إلى حلقات نقاشية عن صورة الفلسطيني وشخصية السينما وهل تغيرت أم لا

وأضاف أن الفرق ظهر من خلال البحث عن هذا الموضوع فهناك صورة المقاتل الفلسطيني المعتد بنفسه والفخر، ومن ثم ظهرت صورة الفلسطيني المنهزم الذي خرج بعد اجتياح لبنان عام ١٩٨٢، إضافة إلى فكرة الذاكرة الجمعية التي عرضت ولم تقرأ بالطريقة الصحيحة من قبل الناس

وأكد عطا الله أن غياب الارشيف يمثل مشكلة كبيرة، رغم وجود  محاولات لجمع الأرشيف في بيروت حول تلك الفترة، ولكن عدم وجود مركز للأرشيف يمثل مشكلة كبيرة، حيث لا تستطيع الوصول الماضي وقراءته وترى إلى أين الأوضاع ذاهبة، مؤكدًا على ضرورة العودة إلى الماضي ورؤية الأحداث حتى نستطيع الفهم إلى أين الذهاب 

 وأكد الكاتب أحمد زكارنة أن هذه الندوة تعني ضرورة الاهتمام بالذاكرة الفلسطينية التي تشكل بالشكل الأساسي قاعدة انطلاق ومعالجة لكل الواقع سواء الواقع الحالي أو القادم، وتكمن أهمية  الندوة في أن تكون بأماكن ومناطق يكون بها جمهور أوسع مما هي عليه اليوم 

 وأشار إلى  أنه يجب على المؤسسات الاهتمام والمعالجة، ويجب على الأفراد الضغط على المؤسسات لكي تهتم بالقضايا لأنها قضية هوية، فهي تلعب دور أساسي في تشكيل الهوية الفلسطينية وتوحيد الذاكرة كي تكون هناك رواية فلسطينية قادرة على مجابهة الاحتلال وروايته

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة