هيئة التحرير
تفجيران في محطة الباصات وقرب مستوطنة ” راموت” في القدس المحتلة، أعادت الأنظار إلى الماضي حيث انفجارات الباصات المفخخة في الانتفاضة وانفجار العبوات الناسفة، فما دلالات هذه الانفجارات التي حدث وما تبعاتها وما الذي يقوله الإعلام العبري عن هذا الحدث؟!
وفق عصمت منصور الخبير في الإعلام العبري فإن الإعلام العبري في حالة صدمة مما حدث وبحالة خوف من عودة العمليات إلى قلب المدن ” الإسرائيلية” وخاصة عمليات التفجير، وهذا ينذر بوضع خطير جداً، ويذكر بأن كل ” عملية كسر الأمواج” التي أطلقها الاحتلال في الضفة منذ شهر مارس الماضي، كانت لمنع وقوع مثل هذه العمليات وأيضاً جاءت ردًا على وقوع عمليات بالداخل.
واضاف أن السؤال الأكبر في الإعلام العبري هل ما حدث هو طفرة أي عملية لمرة واحدة أم أن هناك سلسلة عمليات وعودة لهذا النمط من العمليات، مضيفاً أن الجواب على هذا السؤال يتوقف على الجهة المسؤولة عن هذه العملية ومدى تنظيمها، لذلك فإن جل الإعلام العبري ينشغل ليس بنتائج هذه العملية إنما بالصدمة التي خلقتها هذه العملية والمفاجأة بكيفية استطاعتهم اختراق الشاباك أي أنه لم يستطع الوصول لمعلومات حولهم، وكيف استطاعوا إدخال العبوات للقدس ووضعها، فكل هذا مر تحت أنظار أجهزة الأمن، فهذه ليست عملية تُنفذ فوراً كأن يحمل أحدهم سكيناً وينزل وينفذ، ولكنها عملية تحتاج لتحضير وهذا يتوقف عن الجهة المسؤولة حول تنفيذها، وهل هي نذير لموجة جديدة من عمليات تفجير بالداخل.
انتقال نوعي
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش إن ما حدث يمكن أن يشكل انتقال نوعي لمرحلة جديدة كانت موجودة خلال الانتفاضة الثانية، ولكنها اختفت وبرزت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة العمليات الفردية من خلال الشبان الافراد، ب “أدوات وأسلحة بسيطة، أو أسلحة خفيفة، أو دهس، أو طعن”، ولكن ظاهرة العبوات الناسفة وليس التفجيرية التي يفجرها الجسم وانما العبوات الناسفة التي توضع في مكان ثم تنفجر بعد ذلك، وهذه يمكن أن تشكل نمطا جديدا ولكن هذا النمط يحتاج إلى تنظيم وتخطيط وبنى منظمة، بمعنى أنه بحاجة إلى خلية أو مجموعة خلايا، مضيفاً أنه بالعادة تكون التنظيمات من يتبنى ولكن من الواضح حتى الآن أنه لا يوجد من تبنى هذه العملية وأيضاً لا يوجد تنظيم ربما معني بالتبني خشية ردات فعل انتقامية من الاحتلال على قيادات هذا التنظيم والقريبين منه.
وأكد أن هذا طور جديد ينبئ بإمكانية أن تبدأ مرحلة جديدة من التصعيد المتبادل، وأثبتت هذه العملية مدى انكشاف الحالة الأمنية الإسرائيلية بسهولة، فهذه العمليات وقعت في مكانين ذات حساسية جداً وفي قلب مدينة القدس، حيث أحدهما حدث في المحطة المركزية وهو من أكثر الأماكن التي يتردد عليها الناس وأكثرها رقابة أمنية، وموقع مستوطنة ” راموت” الكبيرة والمحورية في أوقات المواصلات، وأثبتت هذه العمليات أن إمكانية اختراق هذه المنظومة الأمنية المشددة واردة، وأن المسألة بحاجة لقرار فلسطيني فقط، فالفلسطيني إن قرر أن يقوم بعملية فسيكون ذلك سهل سواء بإطلاق نار أو طعن أو دهس أو غيره.
فيما أكد منصور أن هذا النوع من العمليات يؤكد أنه لم يعد فعل المقاومة يقتصر على استهداف جنود ومستوطنين في مناطق الضفة، بل أيضاً يستهدف مراكز حساسة في قلب المدن الإسرائيلية، وهذا يترك آثار نفسية وفقدان أمل شخصي ويترك آثار شعور بالفشل الأمني والسياسي، إضافة إلى رفع سقف المزايدات لدى الإسرائيليين وهذا من الممكن أن يقود إلى مواجهة مفتوحة، فإن كانت الجهة المسؤولة عن هذه العملية حماس أو الجهاد الإسلامي مثلاً فإن هذا ربما يحمل رد اسرائيلي باستهداف أو اغتيال شخصيات قادة منهم في قطاع غزة، خاصة وإن تكررت العمليات، وربما تقود إلى مواجهة أوسع.
تبعات هذه العملية
وبحسب ما يقوله منصور فإن الأحداث على الأرض تفي بمواجهة مقبلة، خاصة مع الإجراءات التي قام بها الاحتلال خلال الأشهر الماضية من قتل وإعدامات وغيرها من الأمور، فكانت تدفع الأمور نحو التصعيد بشكل أكبر، والآن مع صعود حكومة اليمين وإغلاقها كلياً للأفق السياسي، بالإضافة إلى هذا النوع من العمليات فهذا كله مُجتَمِع يُقَرِب المواجهة ويجعل الأمور أقرب للتصعيد.
فيما أشار أبو غوش إلى أن حكومة التطرف اليميني توعدت حتى قبل هذه العملية باتجاهات التصعيد التي هي قررت أن تأخدها وليس الأمر فقط بسبب بتولي بن غفير وسموتريتش حقائب، ولكن لأنهم هم بالإئتلاف وهم اتفقوا على “شرعنة البؤر الاستيطانية، وإعطاء صلاحيات إضافية لعناصر الشرطة وحرس الحدود لإطلاق النار، وتخفيف القيود عليهم، وتقييد صلاحيات المحكمة العليا، وربما أيضا صلاحيات لبن غفير إن استلم وزارة الأمن الداخلي أو وزارة قريبة من الأمور الأمنية بتكثيف اقتحامات المسجد الأقصى”، وبالتالي العنوان السياسي للحكومة هو عنوان تصعيدي يجر مواجهات مع الفلسطينيين في نقاط واسعة على امتداد الضفة من جهة بسبب الإستيطان أو إطلاق النار، أو في القدس حيث هي المكان التي انطلقت منه الكثير من الانتفاضات على مر التاريخ، أو حتى مع فلسطيني الداخل بحكم أن بن غفير وأنصاره سوف يسعون إلى الحد من شرعية التمثيل السياسي للفلسطينيين في الداخل، وبالتالي ومواجهتهم وقمعهم ومواجهة التعبيرات الفلسطينية كمسيرات القرى المهاجرة أو احياء ذكرى النكبة، مضيفاً أن المتوقع هو تصعيد حتى بدون هذه العملية ولكن معها فالوضع ينبئ بموجة تصعيد جديدة.
وأكد أن السبب الرئيسي والجوهر لهذا الأمر هو أن اسرائيل على قناعة بأنها في وضع يُمَكِنُها من فرض الوضع النهائي، فهي ترى أنها الأقوى وأن العرب منشغلون بأنفسهم والفلسطينيين منقسمين وضعفاء والعالم منشغل بقضاياه، فهذه فرصة ذهبية بالنسبة لهم لفرض الحل النهائي بالقوة وليس بالمفاوضات، ولذلك هم يسعون إلى تطبيق صفقة القرن بدون إعلان وتسمية، فكل ما يجري حالياً هو تطبيق لحلقات صفقة القرن، سواء بتهويد القدس أو بتكثيف الاستيطان، أو بتدمير أسس الدولة الفلسطينية أو السيطرة على الأغوار، فكل ما يجري هو ترجمة للحل النهائي الذي تريده إسرائيل بقوة وبقرار أحادي وليس بالمفاوضات، إضافة إلى الحديث عن إلغاء فك الارتباط الذي اتخذه شارون عام ٢٠٠٥ ما يعني إعادة الاستيطان إلى جنين وغيرها، ما يعني أنها ستكون بؤر تصعيدية جديدة مع الفلسطينيين