loading

تجربة “MO” على نتفلكس: صابت أم خابت

أسماء مسالمة

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمسلسل فلسطيني اسمه MO  والذي يُعتبر أول انتاج فلسطيني لشبكة نتفليكس الأمريكية ، لتسمح الشبكة لأول مرة لشخصية فلسطينية أن تعبر عن نفسها أمام العالم من خلال عمل درامي مكون من ثماني حلقات. ويتحدث “MO” عن تجربة فنان الستاند أب كوميدي محمد عامر الشخصية  في أمريكا بعد لجوئه و عائلته اليها بعد حرب العراق-الكويت.

و “مو” هو شاب فلسطيني الأصل ولد في الكويت قبل حرب العراق ثم هاجر مع عائلته إلى هيوستن في الولايات المتحدة، لكن حتى سن الـ30 لم يحصل على حق اللجوء السياسي ولا الجنسية الأميركية، ويعيش مع أمه وأخيه، وهو على علاقة مع أميركية من أصول مكسيكية.

يعيش “مو” تحت ضغوطات مختلفة، فعدم حصوله على الجنسية الأميركية باعتباره لاجئاً فلسطينياً ، ويعيش كلاجئ في الولايات دون امتلاكه اوراق هجرة او مواطنة الأمر الذي يجعله يواجه العديد من المشاكل في العمل والسفر وغيره و يحرمه من ممارسة أي عمل، ولإعالة أسرته يضطر مو للعمل بطرق غير شرعية مثل بيع السلع المزورة و العمل في ملهى ليلي.

والعمل من تأليف مو عامر و المصري الامريكي رامي يوسف و الذي سبق له العمل مع نتفليكس على انتاج عمل مشابه لتجربة مو في أمريكا تحت اسم  “رامي” ، حيث تناول العملين التجربة الشخصية  للجيل الأول للمهاجرين العرب في أميركا، والعمل بطولة مو عامر و الفنانة السورية ذات الأصول الفلسطينية فرح بسيسو و الممثل عمر علبة و الامريكية المكسيكية تيريزا رويز.

وكان العمل قد حصد الكثير من الآراء الايجابية حوله من قبل بعض النقاد و الجمهور ، كما حصل على تقييم 100%  من قبل النقاد على الموقع الشهير Rotten Tomatoes وحصل على تقييم 7.6 على موقع IMDB.

لكن هل كان العمل يستحق هذه التقييمات العالية بالنسبة لنا كفلسطينيين؟ وهل بالفعل نجح “مو” بنقل عادات وتقاليد الفلسطيني الأصيلة؟ وهل كانت عائلة مو هي النموذج المثالي للعائلة الفلسطينية؟ وهل بالفع لحياة الفلسطيني في أمريك او غيرها من دول المهجر هي على هذا النحو كما ظهر بالعمل؟

ما سأكتبه هنا هو مقارنة نقدية ما بين ما شاهدته بالعمل وما هو واقعنا الفلسطيني ، كما سأتحدث عن الأداء التمثيلي لنجوم العمل و الاخراج النهائي .

” مو ” هو مسلسل من انتاج نتفليكس قبل كل شيء و اعتقد الجميع يعرف الافكار التي تقدمها نتفليكس عادةً، ولمن يتابع أعمالها سيلاحظ  انحيازها الواضح للاحتلال في كثير من اعمالها السابقة ، لذلك سيكون من الغريب جداً أن نرى نتفليكس تعكس الصورة الحقيقية لمعاناة الفلسطينيين جراء الاحتلال الذي تمجده و تنحاز له!

و بما أن المسلسل حاول أن ينقل واقع الفلسطيني اللاجئ لأمريكا من خلال قصة (مو)،بالتأكيد  هدفه أن يشكل صورة  في وعي المشاهد، لكن من الجانب الثقافي كان العمل تكوين فاشل جداً، والسبب الرئيسي انه شوه أهم جزء في الثقافة وهي اللغة؛ منصة مثل نتفليكس توفر ترجمة لكل المسلسلات لكن لماذا المسلسل الفلسطيني لغته انجليزية غير متقنة من قبل الممثلين، فمثلاً عندما نشاهد عملاً كورياً نشاهده باللغة الكورية ،والاسباني باللغة الاسبانية لكن الفلسطيني بلغة انجليزية بالغالب!

وعندما حاول العمل أن يركز على تمسك الفلسطيني بثقافته باستخدام زيت الزيتون كان الأمر مبالغاً به وغير منطقي، فنحنُ كفلسطينيين لا نقوم بحمل علبة زيت زيتون بالشنطة أينما ذهبنا ، كما أن زيت الزيتون ليس مرتبطاً بالفلسطيني وحده فجميع الدول تنتج زيت الزيتون! حتى عند إظهار طريقة عصر الزيتون لاستخراج الزيت لم تكن هذه الطريقة التقليدية الفلسطينية لاستخراجه!

أما في الجانب الأخلاقي والتربوي: الشاب الفلسطيني حسب المسلسل يعمل في تجارة ممنوعة، او في مكان سيء السمعة (ملهى ليلي)، كما أنه غشاش يخدع الناس في البيع والشراء، وأغلب كلامه شتائم جنسية الأمر الغير منتشر تماما بين الشباب الفلسطيني، حتى الحركات والكلام الجنسي في المسلسل كان يمر بطريقة سلسلة وكأن الشعب الفلسطيني بستسيغ هذا النوع من الحوار في حياته الطبيعية. 

ومن خلال شخصية الأم والأخ أظهر المسلسل للمشاهد أننا شعب مستهزئ بالضيف ونشتمه بلغتنا دام أنه أجنبي لا يفهم ما نقوله، وذلك خلال مشهد زيارة المحامية اليهودية للعائلة! الأمر الذي جعل من المسلسل كله عبارة عن انشاء تصور سلبي حول الفلسطيني اللاجئ.”

كما أن المسلسل أظهر استهتار كبير بالدين الاسلامي و تعاليمه لدرجة أظهر أنه من الممكن للمسلم ان يصلي في ملهى ليلي على محرمة! او أنه بإمكان الشخص العيش مع حبيبته خارج اطار الزواج ! و الأدهى من ذلك أن الأمر عادي و طبيعي لدى الأم الفلسطينية ،لكن الغير طبيعي أن يتزوج ابنها فتاة  مسيحية وغير عربية!!

بالإضافة أن الوشم بصبح حلال اذا كتبت اسم شخص عزيز عليك مثل والدك مثلاً !

جانب آخر مستفز بالمسلسل هو انتقال ” مو ” من محامية عربية الى محامية ” يهودية ” لاستلام قضيته للحصول على اوراق الهجرة لكفاءة المحامية اليهودية الأمر الذي ظهر بصورة تُمجد اليهود ” كعادة نتفلكس “.

وهنا لا أُنكر هذه الحقيقة للأسف فالمتعارف عليه في أمريكا أن المحاميين اليهود أكثر كفاءة من غيرهم ،ولكن استخدام هذه الحقيقة في العمل ما هي إلا صورة جديدة للتأكيد على انحياز نتفلكس للكيان الصهيوني و لليهود و تمجيدها لهم.

جانب ايجابي قيم في العمل:

هناك بعض الامور الايجابية في العمل مثل التأكيد على وضع فلسطين على الخارطة العالمية و تذكير العالم بها وبالقضية الفلسطينية، ففي بعض المشاهد أظهر المسلسل انها كانت منسية من قبل العالم و مهمشة من خلال اعتقاد البعض الغربي ان ” فلسطين هي باكستان” بسبب  طريقة النطق بالانجليزية  فكان مو يُصحح لهم ذلك و يضع فلسطين ع الخارطة و يذكرهم بها بكل فرصة تتاح له!

أما ما أثار اعجابي في العمل هو ادخال (الزفة الفلسطينية ) في العمل ، حيث أضافت لمسة انتماء للوطن و نقل لموروث ثقافي الى العالم الغربي في حفل زفاف أحد الأصدقاء.

في أحد المشاهد يُظهر مو جوهر العمل وهو عدم قدرة اللاجئ الفلسطيني على التنقل والسفر  فنجده حانقاً على كلب بوليسي معلق جواز سفره الذي يحمل أصوله على عنقه بينما لا يملك هو هذا الحق أو هذه الرفاهية.

العمل كقيمة فنية:

للأداء التمثيلي دور كبير في نجاح أي عمل تلفزيوني او سينمائي ، وفي مسلسل مو أظهر جميع الأبطال أداءاً تمثيلياً جيد جداً باستثناء على الرغم من أن بعضهم ليسوا ممثلين بالأصل فبطل العمل هو فنان ستاند أب كوميدي وليس ممثلاً لكنه تمكن بقوة من نقل مشاعره المتضاربة للجمهور، أما الفننانة فرح بسيسو لم تنل إعجابي خلال العمل فكان أداءها بارداً خالياً من المشاعر والاحترافية ، ففي المشهد الذي تشرح فيه عن زوجها وتعرضه للتعذيب ثم الموت لم تستطع بسيسو تحريك مشاعري فكان مشهداً عادياً كأي مشهد آخر.

لكن ما لا يُمكن انكاره أنه كان لكل ممثل في هذا العمل دور كبير في دفع القصة و حبكتها للأمام فتمكنوا جميعاً رسم صورة كاملة متكاملة للعمل.

أخيراً تمكن كاتبا المسلسل من كتابة عمل كوميديا سوداء من خلال تجاربهم السابقة في عروض الستاند أب كوميدي ، فعندما تشاهد العمل ستعتقد أنك تشاهد أحد هذه العروض باختلاف وجود بعض المفارقات بالتمثيل والتصوير و طريقة سرد الأحداث، فخرج لنا مسلسلاً بأحداث كوميدية سوداوية يعيشها كل لاجئ فلسطيني وعربي بواقعه اليومي، كما استطاع المسلسل رسم صورة العربي المشوهة في الإعلام الغربي وإبراز مواطن العنصرية التي تقع عليهم بهدوء و دقة وهذا ما جعل من العمل ناجحاً عالمياً وحصوله على تقييمات عالية.

  • الاراء الواردة في المقال أعلاه تعبر عن وجهة نظر صاحبها.
فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة