حلوة عاروري
“ما بطيق الثلاجة، بشوفها زي العمى” بهذه الكلمات عبرت والدة الشهيد عمر أبو ليلى عن شعورها وهي تعلم باحتجاز جثمان فلذة كبدها في ثلاجات الموتى منذ العام ٢٠١٩ عقب استشهاده، شعور صعب يتملكها ووالده منذ استشهاده، حيث لا قبر يضمه يذهبون لزيارته كلما اشتاقوا إليه، ولا وداع وقبلة وعِناق حظوا به ليطفئوا نار قلوبهم المشتعلة بالأسى والفقدان والاشتياق.
تقول غدير عبد الجابر والدة الشهيد عمر في حديث لـ ” بالغراف” إن الشعور صعب وإنها تشعر بالغَلبة اليومية، حيث لا حياة بعد استشهاد عمر عام ٢٠١٩ فكل شيء انطفئ، مضيفة أن تفكيرها دائمًا مشغول رغم عملها بالبيت إلا أن فكرها دائم الانشغال.
لا تُطيق غدير رؤية الثلاجة فتراها وكأنها عمى، وخاصة في فصل الشهداء بحسب ما تقوله، مؤكدة أن الشهداء صحيح لا يشعرون ولكن قلب الأم والأب شيء آخر.
فيما أكد أمين أبو ليلى أنهم أُبلغوا باحتجاز جثمان ابنهم في ثلاجات الموتى، وتعرفوا عليه من الصور التي نُشرت فيما لم يتم استدعائهم للتعرف عليه،مشيراً إلى أن هذا عقاب لهم، فالشهداء لا يشعرون ويبقى العقاب للأهالي.
ويصف أمين ابنه عمر بأنه شخص هادئ بعيد عن المشاكل ولكنه يأخذ حقه بيديه، وكان محبوباً من الجميع ومن قِبل زملاءه في الجامعة وذلك قبل استشهاده حتى، مؤكداً أنهم يشتاقون إليه كثيراً، حيث كان عمر الكل بالكل في البيت وفقدانه شيء صعب جدًا، مضيفاً أن علاقته به لم تكن علاقة والد بابنه بل كانت علاقة صداقة، وكان قريباً جداً منه ويقضي وقتًا كبيراً معه.
بينما تصفه والدته غدير بأنه ذاك الشخص الخلوق الطيب الحنون البعيد عن المشاكل، والذي لا يحب الاختلاط الكبير، فالكثير من سكان بلدته لا يعرفونه، فهو كان لا يحب الخروج من المنزل ويحب مجالسة عائلته في المنزل، وكان مُطيعًا لوالده ووالدته، مشيرة إلى أن حالة البيت من بعده صعبة عليهم عليها وعلى والدته وشقيقته وأشقاءه، مؤكدة أن عمر كان قريباً منها كثيراً وكان أقرب أولادها إليا، فكانت تخاف من أن يذهب منها، مشيرة إلى أنها تفاجأت مما قام به ولم تتوقع، حيث لم يكن يبدو عليه شيء، ومضيفة أنه قبل استشهاده بالليل كان يدرس لجامعته.
كان عمر يحب طبختي الكبة والمندي ويطلبهما من والدته، مؤكدة أنها بعد استشهاده أصبح شعورها صعبًا وهي تقوم بإعدادها، مضيفة أنها أصبحت تعدها وتوزعها عن روحه كونها أكلته المفضلة.
لا تتمنى عبد الجابر الشيء الكثير فجل ما تتمناه أن تحظى بوداع وبحضن لابنها، فهي تتمنى لو يعيدوه لها لتحتضنه، ووفق ما تقوله فإنها تعرفت عليه بعد استشهاده من الصورتين اللتين نُشرتا فتعرفت عليه، فيما يتمنى والده أمين أن يسلم جثمان ابنهم إليهم ليستطيعوا توديعه ودفنه، وحتى يستطيعون الذهاب الى قبره.
وناشدت والدته الشعب وكافة المؤسسات بالوقوف معها ومع أهالي الشهداء في وقفاتهم المطالبة باسترداد جثامين أبناءهم، حتى تشعر بأن هناك من هو معهم ويقف مع وبأنهم ليسوا وحدهم، لأن وقوف الناس ومساندتهم في وقفاتهم يساعدهم ويشجعهم، مؤكدة أنها تصحو كل يوم على أمل أن يسلم جثمان ابنها لها.
وكان عمر أبو ليلى ارتقى بعد تنفيذه عملية طعن وإطلاق نار قرب مستوطنة ” أرئيل” المقامة على أراضي مدينة سلفيت، عقب استيلاءه على سلاح وسيارة أحد المستوطنين بعد طعنه، ثم قيامه بإطلاق النار على مجموعة من الجنود والمستوطنين، ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة ثالث منهم، قبل أن ينسحب من المكان، وييدأ الاحتلال بالبحث عنه، لحين العثور عليه في بلدة عبوين في منزل قديم ليستشهد بعد اشتباك معهم.
واحتجز الاحتلال جثمان الشهيد عمر أبو ليلى منذ تاريخ استشهاده ١٩/٣/٢٠١٩ لغاية الآن في ثلاجات الموتى، حيث يحتجز الاحتلال ١١٤جثمان شهيد في ثلاجات الموتى و٢٦٥ جثمان شهيد في مقابر الأرقام.