بعد أربعين عاما في السجون: ماهر يونس حُر

عانق ماهر يونس ابن بلدة عارة المحتلة الحرية بعد أربعين عاماً من الاعتقال، أربعين عامًا قضاها خلف قضبان الاحتلال، عانى فيها الظلم والانتهاكات ضده وضد رفاقه الأسرى، حتى يومه الأخير فيها.

عميد الأسير هكذا يلقب ماهر يونس قال في رسالته الأخيرة من داخل السجن “تحية لكل من قال أنا فلسطيني وحر، أتطلع إلى لقائكم بكل حب ووفاء، وأنتظر تلك اللحظة التي أكون فيها حرا بينكم، بعد أن ملت الأيام والسنوات من وجودي خلف القضبان”.

متحمسًا وتواقًا لرؤية أبناء شعبه وجيل الشباب المليء بقيم الوعي والمعرفة، ومتشوقًا للحرية كما قال في رسالته من داخل غرفته في سجن النقب رغم كل منغصات الاحتلال والتي استمرت حتى قبل يوم من تحرره، خرج للحرية اليوم وتنفسها وأصبح في بلدته التي ترعرع بها.

و سعى الاحتلال لتنغيص فرحة يونس بتحرره، من خلال العديد من الإجراءات فقام بنقله من سجن النقب إلى سجن ” أوهالي كيدار” في بئر السبع، حتى لا يستطيع توديع رفاق دربه ولا حتى مصافحتهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد قام الاحتلال بالتحقيق مع يونس لمدة خمسة ساعات ومنع محاميته من لقاءه إلا بعد عدة محاولات، كما أن هذا الاستجواب تكرر لأكثر من مرة خلال الشهر.

لم يتوقف الاحتلال عند هذا الحد فاستمر في تهديداته لعائلة الأسير لمنعهم من القيام بأي مظاهر احتفالية، فاقتحم منزل عائلته لأكثر من مرة وقام بتفتيشه، ومنعهم من نصب خيمة لاستقبال ماهر أو حتى التجهيز لأي احتفال، إضافة إلى إعطاء وزير أمن الاحتلال إيتمار بن غفير أوامره بانتشار قوات الاحتلال في واحدة عارة لمنع القيام بأي مظاهر احتفالية.

من هو ماهر يونس

ولد  القائد ماهر يونس في السادس من كانون الثاني / يناير ١٩٥٨، في قرية عارة في الداخل المحتل عام ١٩٤٨.

ودرس يونس المدرسة الابتدائية والثانوية في قرية عارة، وأيضاً في المدرسة الصناعية بالخضيرة قبل أن يُعتقل، ويقوم بدراسة البكالوريوس في السجن بتخصص العلوم السياسية.

وللأسير يونس خمس شقيقات، وشقيق، وخلال سنوات سجنه فقد والده عام عام ٢٠٠٨، وحرمه الاحتلال من وداعه رغم تقدمه بطلب للقاء والده وهو على فِراش الموت ولكن طلبه قُوبِل بالرفض، علمًا أن والده أسير سابق أمضى ٨ سنوات في الأسر، وكان أول ما فعله عقب تحرره هو زيارة قبره، فيما استمرت والدته الحاجة وداد يونس “٨٨ عامًا” بزيارته في سجون الاحتلال سنوات طويلة قبل أن تتوقف عن زيارته عند نقله لسجن النقب بسبب مشقة الوصول وبعد المسافة، فيما منع الاحتلال يونس من لقاء عائلته من الدرجة الثانية طيلة فترة اعتقاله.

المناضل ماهر

اُعتقل ماهر يونس في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير ١٩٨٣، ووجهت له تهم الانتماء لحركة فتح وقتل جندي إسرائيلي من قبل محكمة الاحتلال، وذلك بعد فترة وجيزة من اعتقال ابن عمه القائد كريم يونس، بالإضافة إلى رفيقهم سامي يونس، الذي أفرج عنه في صفقة “وفاء الأحرار” عام ٢٠١١، وكان في حينه أكبر الأسرى سنّا، وتوفي بعد أربع سنوات من تحرره.

تعرض يونس عقب اعتقاله لتحقيقٍ قاسٍ في حينه، وحكم عليه الاحتلال بالإعدام، وبعد شهر من الحكم عليه، أصدر الاحتلال حُكمًا بالسّجن المؤبد مدى الحياة، وفي عام وبعد استئناف تقدم به محامي يونس عام ٢٠١٢، تم تحديد المؤبد له بـ ٤٠ عامًا.

وعلى مدار سنوات اعتقاله الـ ٤٠، شكّل ماهر بصموده، وفعاليته نموذجًا للعطاء المستمر، وشارك في كافة معارك الحركة الأسيرة، حيث خاض إضراباً عن الطعام عام ٢٠١٣ وهو في سجن جلبوع وذلك في محاولة منه لإثارة قضية الأسرى القدامى وللمطالبة بالإفراج عنهم، واستمر إضرابه لمدة عشرة أيام.

ويعتبر يونس هو أقدم أسير معتقل منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو، بعد أنّ أُفرج عن القائد كريم يونس يوم الخامس من يناير الجاري، حيث رفض الاحتلال الإفراج عنه في كافة صفقات التبادل، والإفراجات التي جرت منذ أن اُعتقل، وكان آخرها عام ٢٠١٤، حيث رفض الاحتلال الإفراج عنه إلى جانب “٣٠ أسيرًا”، كان من المفترض أن ينالوا حريتهم ضمن ما عرفت في حينه (بالدفعة الرابعة)، إلا أن سلطات الاحتلال تنكرت للاتفاق الذي تم في حينه.

 واليوم بعد الإفراج عن الأسيرين كريم وماهر يونس تبقى منهم “٢٤ أسيرًا”، “٢٠ أسيرًا” منهم أمضوا أكثر من ٣٠ عامًا وإضافة لهم، هناك مجموعة من الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم عام ٢٠١٤، وهم من محرري صفقة “وفاء الأحرار”، وأبرزهم نائل البرغوثي الذي دخل عامه الـ٤٣ في سجون الاحتلال، وعلاء البازيان، وسامر المحروم، ونضال زلوم، وآخرون.

 الرسالة الأخيرة

: “تحية لكل من قال أنا فلسطيني وحر، أتطلع إلى لقائكم بكل حب ووفاء، وأنتظر تلك اللحظة التي أكون فيها حرا بينكم، بعد أن ملت الأيام والسنوات من وجودي خلف القضبان، متشوق لمشاهدة الجماهير العظيمة التي تهتف باسم فلسطين، ومتحمس لرؤية جيل الشباب المليء بقيم الوعي والمعرفة لنلتف سويا حول قضايانا ومستقبلنا، فأنا قدمت لوطني وضحيت لأجل شعبي ها أنا لا زلت حياً، وقادراً أن أعيش، وبعد يومين سأولد من جديد”.

وأضاف: “أنتظر حريتي بكل حزن وألم، لأنني سأترك خلفي إخوتي ورفاقي الذين عشت معهم كل الصعاب والأفراح والأحزان، أغادرهم وقلبي وروحي عندهم، على أمل أن نلتقي قريبا جميعا أحرارا…”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة
الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعة