loading

محمد البو: أخرج كنافة الأسرى إلى الحرية

على رصيف في بلدة حلحول شمال مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، ينصبُ محمد البو كشكاً يبيع فيه كنافة الحرية، حرفةً تعلمها من والده الأسير في سجن النقب ونقلها حرةً إلى الطرقات.

اعتقل محمد وأدخل سجون الاحتلال والتقى بوالده المحكوم عشرين عاماً هناك، تعلم منه كيف يصنع كنافة الأسرى، وبعد خروجه من السجن نقلها إلى الخارج ليفتتح بسطة يبيع فيها الكنافة على الحطب.

الاعتقال المتكرر..

لم تكن هذه مرته الأولى في السجن، فقد أمضى ما يقارب ست سنوات مجموعة في سجون الاحتلال، وفي حديث لموقع “بالغراف” يقول البو:” قوات الاحتلال اعتقلتني المرة الأولى عندما كنت طفلاً وأمضيت عامين ونصف ثم تحررت، وأعيد اعتقالي مرة أخرى وأمضيت عام ونصف وتحررت في شهر حزيران عام ٢٠١٩، ورافقت والدي في اعتقالي الثاني أيضاً لأكثر من عام في سجن النقب، وأعيد اعتقالي مرة ثالثة العام الماضي وأمضيت عاماً في الاعتقال الإداري وتحررت في شهر تشرين الثاني من العام الماضي.

ويذكر أن والد الشاب الأسير المحرر البو معتقل في سجون الاحتلال منذ عام ٢٠١١ وصدر بحقه حكماً بالسجن لمدة عشرين عاماً، وقد أمضى ١١ عاماً حتى الآن في سجون الاحتلال، ودخل في شهر أكتوبر الماضي عامه الثاني عشر على التوالي.

كنافة الحرية..

كان لقاءً مفعما بالشوق بعد الزيارة الأولى له حينما كان طفلاً في الثانية عشر من عمره، يقول البو:” زرت والدي مرتين فقط حين كنت طفلاً، وبعدها كان لقاؤنا بسبب الاعتقالات، فلم يكتف البو بلقاء والده بل قرر أن يتعلم منه شيئاً”.

كان والد البو يصنع الكنافة للأسرى داخل السجون، تارة يأكلونها حينما بكون هناك خبراً مفرح أو في شهر رمضان، فلم تكن تلك الكنافة تشبه التي في الخارج، فهي بطرق بدائية محكومة بالأدوات التي تتوفر فقط في سجن الاحتلال.

تبقى الخيارات داخل السجن محدودة ما دفع الأسرى لابتكار طرق وأساليب من أجل صنع الكنافة، فلم يكن طعمها كالكنافة النابلسية المعتادة بسبب النقص الحاد في المواد الموجودة.

طرق بدائية ومذاق آخر بطعم الحرية، يروي البو عن تعلمه لهذه الحلوى من والده:” حينما كنت برفقة والدي في السجن أعد للأسرى معه الكنافة وكنت بجانبه لكنها لم تكن كتلك التي أعرفها، كانت من الخبز بدلاً من السميد، والزبدة بدلاً من السمن، ولكننا لم نيأس حتى مع شح المواد”.

ويكمل البو:” صناعة الكنافة في السجن لها لذة أخرى لفقدان أي نوع آخر من الحلويات بسبب القوانين، فمذاقها أجمل من الخارج لعدم وجود بديل، فطريقة صنعها تكون بتجفيف لب الخبز ووضعه في صحون تحت الشمس حتى تنشف، وبعد ذلك نضع الجبنة الصفراء ومن ثم في الصينة ويشوونها في فرن مطبخ السجن”.

أطلق عليها “كنافة الحرية”، بعد تحرره من سجون الاحتلال ورؤية والده مبتهجاً عند صناعة الكنافة النابلسية على طريقة الأسرى، قرر الشاب البو أن يفتح بسطته الخاصة بصنع الكنافة والتي سيقدمها لوالده بعد التحرر، ” أسميتها كنافة الحرية لإني تعلمت صنعها من والدي في السجن ولتكون كهدية له، ومصدر دخل ورأيت البهجة والاستعداد لها في سجون الاحتلال، فرغبت بأن تكون لي تلك البسطة لما تعلمته من والدي ولكن بمواد أخرى بسبب توافرها خارج السجن”.

ويبين البو أن الاعتقالات المتكررة له أثرت على عمله وحياته الخاصة، ما دفعه لهذا المشروع، وأكد أن اعتقاله الأخير أثر على بسطته الخاصة بالكنافة، فتوقفت عن العمل لمدة أسبوعين، إلا أنه كان قد علم أخوته طريقتها ليعملوا بها في لحظة اعتقاله.

واليوم أصبحت هذه البسطة أشهر من النار على العلم في الشارع الرئيسي لبلدة حلحول، فكل من يمر من هناك لا ينس أن يتذوق طعم الحرية، لعل الحرية قريبة لكافة الأسرى في سجون الاحتلال.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة