هيئة التحرير
أن ترى الحياة اليومية في فلسطين بطريقة مختلفة، أن تراها بأعين فتاة فلسطينية وبطريقة فنية جديدة، أرادت بها توثيق تلك الحياة اليومية التي يعيشها المواطن الفلسطيني، في المدن والقرى وكل مكان تخطه قدميها .
هبة طنوس ابنة مدينة رام الله والمهندسة المعمارية والحاصلة على الماجستير في التصميم وتخطيط المدن أرادت أن توظف دراستها هذه في توثيق الحياة اليومية في فلسطين عن طريق ” السكتشات الفنية”، فتقول في حديث ل” بالغراف” إن ما تفعله هو قريب جداً من دراستها ومن الفن المعماري وتخطيط المدن، فتستعين بدراستها بالأعمال التي تعملها وتعتبرها تكملة لها، حيث إنها تقدم العمارة وتخطيط المدن بطريقة مختلفة، فكان هذا مبدأها حينما بدأت هذا المشروع.
إعادة تصوير المدينة بطريقة مختلفة هكذا بدأت الفكرة لدى طنوس بهدف توثيق الحياة اليومية، حيث إن التوثيق بالمعتاد يكون للمدينة القديمة وشجر الزيتون، إلا أنها أرادت توثيق المدن كما هي، فقامت بتوثيق منطقة ” الحسبة، إضافة إلى الشوارع العادية في المدينة التي تمشي بها يومياً، ومناشر الغسيل، والأزمة”، ومن هنا بدأت فكرة المشروع وتطورت هذه الفكرة بحسب دراستها لتصبح للطرقات والمدينة من فوق، وفق ما تقوله طنوس.
تهوى طنوس الرسم منذ صِغرها فهي كانت ترسم منذ ذلك الوقت، وعندما درست العمارة تعززت لديها هذه الموهبة، وأصبح لديها خلفية مختلفة، مبينة أنها في وقت الكورونا بدأت بالرسم بشكل جدي وبشكل يومي.
وحول تبلور فكرة التوثيق لديها أكدت أنها عندما كانت تقطن في قطر وتزور فلسطين وتقوم بالرسم وتشاركها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، قالت لها إحدى صديقاتها أنها لأول مرة ترى فلسطين هكذا ولم تتخيل أن فلسطين هكذا تبدو، فكانت تعتبر صفحتها هي توثيق لليوميات الفلسطينية، مبينة أنها اعتبرت أن هناك نقص في توثيق الحياة اليومية، فكانت هذه بدايتها في التوثيق عن طريق السكتشات.
بعض الرسومات لدى طنوس من الممكن أن تتنهي بعشرة دقائق وآخرى بحاجة لعشرة أسابيع لِتُصبح جاهزة، وبعض الرسومات الأخرى من الممكن أن تستغرق أربعة أشهر مثل منطقة الحسبة، مبينة أن ذلك يعتمد على كمية التفاصيل الموجودة، مبينة أن إلهامها بالرسم يأتي من الطرقات فهي تخرج وترى ما بها من تفاصيل وحياة يومية، حيث تأخذ فيديوهات وسيكتشات بسيطة من الموقع والأصوات لأنها مهمة، ومن ثم تتبلور الفكرة لديها وتبدأ بهذه السيكتشات عن طريق الرسم بالحبر والألوان المائية، مبينة أنها واجهت بعض الصعوبات في الحصول على المواد المستخدمة للرسم حيث ليست كلها متوفرة في فلسطين ففي كثير من المرات اضطرت للتعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة.
وبينت أنها تشعر بالسعادة عند إنجازها وتتعلم من كل رسمة تفعلها، إضافة إلى اقتناء الأشخاص لأعمالها يُشعرها بالسعادة، مبينة أن هذا يعنيها بشكل كبير.
لم تخلو رسومات طنوس من حواجز الاحتلال فهذا شيء واقعي وموجود بحياة الفلسطيني اليومي، وعند مرورها من حاجز قلنديا قررت رسمه وتوثيقه .
حظيت طنوس بردود فعل فوق ما تخيلت حيث تحظى رسوماتها بإعجاب كبير من الجميع، وخصوصاً من الطلبة الذين يعتبرون ما تفعله مصدر إلهام لهم، إضافة إلى تأثر الناس بهذه الرسومات لأن الناس تحب رؤية مدن فلسطين حتى لو برسمة، حيث ردود الفعل الجميلة ساعدتها على المُضي قُدماً، خاصة أنها تحظى بدعم عائلتها وأصدقاءها أيضاً، وتطمح طنوس بإكمال أعمالها ومشاريعها التي لديها، كما أنها الآن في طريق تحقيقها لحلم امتلاك مرسم خاص بها، داعية كل شخص لديه موهبة بالبدء بممارسة موهبته .
فوضى منظمة
” فوضى منظمة” ذلك الاسم الذي اختارته هبة لمعرضها والذي عرضت فيه رسوماتها وإنجازاتها التي عملت عليها لمدة أربع أشهر، ضمن الإقامة الفنية التي حصلت عليها من مؤسسة عبد المُحسن القطان.
وعن هذا المعرض تقول طنوس أن الفكرة منه كانت توثيق الحياة الفلسطينية بالفوضى الموجودة به، ولكن بنفس الوقت استطاع الناس إيجاد نظام حيث نظمت هذه الفوضى.
مؤكدة أنه يأتي في ظل منحة مؤسسة القطان للفنون البصرية، والتي استطاعت خلال الأربع الأشهر الماضية إنجاز فيها عشرة أعمال، لها علاقة بالموضوع ومع الوقت تبلورت الفكرة بتناول المدينة من الأعلى بأكثر من مكان مثل مخيم الدهيشة والحسبة وغيرها من الأماكن.
من جانبه يقول أحد رواد المعرض زين أبو دقة في حديث ل” بالغراف” أن فكرة المعرض جميلة جداً لأنها تستخدم التصميم العمراني الذي هو بالعادة شيء وظيفي، إلا أنها هي استخدمته كفن، مبينًا أن الشيء الإيجابي به هو توثيق المدينة من فوق، حيث هناك رسمة لمدينة بيت لحم ومخيم الدهيشة وتستطيع رؤية الفرق العمراني والفرق من ناحية التطور والثروة، حيث هناك أمور نراها فقط حينما ننظر للمدينة من فوق، وهذا شيء جميل تم رؤيته بالمعرض .
بدورها تقول ليزا عايش في حديث ل ” بالغراف” أن المعرض جدًا جميل وبه تفاصيل جميلة، وينبع بالبساطة التي لا نراها بشكل دائم، مثل رسمة الحسبة فهي جميلة جداً، وهناك أمور لا ننتبه لها تُعطي طابع فني جميل.