هيئة التحرير
قالت وكالة أنباء كولومبيا إن وزير الخارجية الفارو ليفا دعا السفير الإسرائيلي إلى مغادرة البلاد بسبب الحرب في غزة.
بداية الأزمة
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو شبّه الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة باضطهاد النازيين لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
فيما كان من السفير الإسرائيلي في كولومبيا غالي داغان أن رد على تصريحات الرئيس الكولومبي بطريقة لم تعجب الكولومبيين.
بدوره، وزير الخارجية الكولومبي ألفارو ليفا رد على السفير الإسرائيلي بالقول هذه “وقاحة مجنونة”، وطالبه بالاعتذار ومغادرة البلاد.
تصاعد الأزمة
“إسرائيل” التي تعتبر نفسها من أكبر مزوّدي الجيش الكولومبي بالأسلحة، قررت وقف تصدير المستلزمات الأمنية للدولة الواقعة في أميركا اللاتينية.
في المقابل قرر الرئيس الكولومبي تعليق العلاقات الخارجية مع “إسرائيل”، وإرسال مساعدات إنسانية إلى سكان قطاع غزة، وأفاد بأن حكومته ستتواصل مع نظيرتها المصرية من أجل الحصول على دعم القاهرة في إيصال المساعدات.
بيترو دعا إلى عقد اجتماع استثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا: “أخيرا، يُذكّر الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالقانون الدولي، فالهجمات الممنهجة ضد المدنيين محظورة والإبادة الجماعية محظورة أيضا، ويجب حماية العاملين في مجال الصحة والمستشفيات”.
ماذا قالت حماس؟
“نُثمّن موقف وزارة الخارجية الكولومبية بطلبها من السفير الصهيوني مغادرة البلاد على إثر انتقاده لموقف الرئيس الكولومبي المتعاطف مع شعبنا الفلسطيني ضد العدوان، وندعو كافة الدول حول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة رفضا لسياسات الاحتلال العدوانية ولحرب الإبادة التي يقودها ضد شعبنا الفلسطيني في غزة”.
العلاقات الفلسطينية الكولومبية
بدأت العلاقات الرسمية بين البلدين منذ عام 1988 وتربطهما علاقات جيدة، حيث تم خلال الشهر الماضي توقيع عدة اتفاقيات تعاون، كما تم إطلاق اسم “فلسطين” على أحد شوارع العاصمة الكولومبية بوغوتا، كما اعترفت كولومبيا بدولة فلسطين عام 2018.
انتخاب أول زعيم يساري في كولومبيا.. ماذا يعني ذلك للقضية الفلسطينية؟
أصبح غوستافو بيترو (63 عاماً) في يونيو / حزيران عام 2022 أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا بعد أن حصد 50,45% من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
ومع ما شهدته قارة أمريكا اللاتينية تغييرات جذرية في مشاهدها السياسية، ومع التحول نحو اليسار بشكل لافت، وآخرها كولومبيا، التي انتخبت أول زعيم يساري في تاريخها، فما علاقة تلك التحولات بفلسطين تحديداً؟
بشكل عام تُعتبر أمريكا اللاتينية موطناً لأكبر الجاليات العربية، ويبلغ تعداد الجالية الفلسطينية فيها نحو 700.000 شخص، يعيش منهم نحو 100.000 في السلفادور تحديداً.
ومع اختيار العديد من البلدان في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية التجديد السياسي، فتح الباب على مصراعيه لموجة من الحكومات اليسارية في هندوراس وتشيلي والمكسيك وبيرو وبوليفيا والأرجنتين، ومؤخراً لحقت كولومبيا أيضاً بركب التغيير السياسي.
التحول الكبير في كولومبيا
وفي ظل هذه التغييرات السياسية الكبرى، المدفوعة بعوامل أغلبها داخلي بطبيعة الحال، تشهد بلدان القارة الأمريكية تحولات في موقفها من القضية الفلسطينية، فكيف كان موقف كولومبيا من الصراع في فلسطين؟ وهل حدثت تحولات كبرى بذلك الموقف.
وبالنسبة للفلسطينيين في الشتات في كولومبيا- الذين يتراوح عددهم بين 100 و120 ألف شخص- يعتبر انتخاب بيترو تغييراً مرحباً به.
موقع Middle East Eye البريطاني تناول إجابة تلك التساؤلات في تقرير عنوانه “ما الذي يعنيه انتخاب أول قائد يساري في كولومبيا لفلسطين؟”، فعندما أدى غوستافو بيترو، المقاتل السابق في حرب العصابات، اليمين بصفته أول زعيم يساري في كولومبيا، كان ذلك حدثاً تاريخياً بالنسبة لبلد شهد حرباً أهلية استمرت عقوداً ولم تنته رسمياً إلا في عام 2016.
وأدار بيترو حملة ترشح طموحة مبنية على وعود بإحداث تغييرات هيكلية واسعة النطاق، وإجراء إصلاحات سياسية، ومعالجة عدم المساواة وقضايا العدالة الاجتماعية في البلاد.
وعلى مستوى السياسة الخارجية يعتبر الرئيس الكولومبي الجديد مؤيداً قوياً للقضية الفلسطينية، رغم أنَّ هذا لا يشكل جزءاً كبيراً من جدول أعماله الرئاسي.
لكن قبل توليه منصبه، في أغسطس/آب الماضي، أدلى بيترو بعدد من التصريحات العلنية دفاعاً عن فلسطين ومحنة شعبها، التي وصفها ذات مرة بأنها “كفاح شعب من أجل الحرية والاستقلال”.
وفي مايو/أيار 2018، ندّد بيترو بالهجمات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على سكان غزة خلال مسيرة العودة الكبرى، وغرّد عبر حسابه على تويتر: “أرفع صوتي ضد قتل الفلسطينيين، لا يجب ذبح الناس، يجب احترامهم ثقافتهم، وحقهم في الوجود تحت سماء الكوكب”.
قال المستشار السياسي في البعثة الدبلوماسية الفلسطينية لدى كولومبيا ألكسندر مونتيرو، لموقع Middle East Eye: “إنه شخص قريب جداً من القضية الفلسطينية”. وأضاف: “إنه رئيس دولة صديقة، لكن بعد ذلك يمكن أن يكون شخصاً متشابهاً في التفكير، يمكننا الوثوق به والسعي لحمل الرسالة الفلسطينية عند الضرورة”.
المؤلف والمحلل الكولومبي، فيكتور دي كورييا لوغو، الذي يركز عمله على الشرق الأوسط، يعتقد أنَّ انتخاب بيترو رئيساً لكولومبيا قد يمثل تحولاً في النهج والعلاقة الكولومبية مع فلسطين؛ بالنظر إلى أنَّ الحكومات السابقة كانت تربطها علاقات وثيقة بإسرائيل.