مها عويس
جاء صيف هذا العام على أهالي قطاع غزة قاسياً بفعل حرب الاحتلال المتواصلة منذ أكثر من 8 أشهر والتي أجبرت الآلاف منهم على النزوح وترك بيوتهم والبقاء في الخيام التي تفتقر لأقل القليل من الإمكانيات لمواجهة الحر الشديد وحماية النساء والأطفال منها.
النازحة رشا إسحاق غباين المتواجدة في خيام مواصي رفح منذ شهر ديسمبر العام الماضي حتى اليوم، سردت خلال حديثها لـ بالغراف قساوة الصيف على النازحين في الخيام وكيف يبدأون صباحهم المرهق بفعل الصيف وحره من جانب وعدوان الاحتلال وجرائمه من جانب آخر فقالت في البداية “إننا مجبرون أن نبدأ صباحنا في الساعة السادسة والنصف يوميًا، فهذا موعد دخول الذباب للخيمة مع أول خيط دفء ترسله أشعة الشمس، ووفودٌ من الذباب تبدأ بالحركة المتواصلة فوق رؤوسنا، تحطّ على كل الأجزاء الظاهرة من أجسامنا، فنحاول تغطية أنفسنا كاملًا فنجدنا نتصبب عرقًا ثم تبدأ الخيمة بالاشتعال حرًا بوقتٍ مبكر، هواء ساخن ثقيل يبدأ بالانتشار ليحل مكان كل هواء قابل للتنفس.. نهربُ للخارج أملًا بالحصول على بعض الهواء البارد”.
وتابعت حديثها المؤلم بأنهم يقضون جل وقتهم خارج الخيمة في مساحةٍ بسيطة استطاعوا الحصول عليها أمام خيمتهم، ووضعوا غطاءً أبيض فوق أعمدة خشبية للحصول على بعض الظل الذي قد يحمي رؤوسهم من شدة الحرّ وفي مساحة ضيفة تأوي 22 فرداً.
وتكمل رشا بأن الجلوس على الكراسي خارج الخيمة منذ الصباح حتى الساعة السادسة مساءً قد أرهقهم وأتعبهم، فهم لا يمكنهم الجلوس بالخيمة فهي “جحيمٌ مشتعل” كما وصفته خلال حديثها، بالإضافة إلى أن الماء لا يروي عطشهم بسبب سخونته وعدم توفر المياه الباردة.
وأردفت ” زجاجات الماء توشكُ على الغليان، نضطر لتخبئنها تحت عدد من الأغطية حتى تصبح قابلة للشرب نوعًا ما، ونضطر أوقاتًا كثيرة أن نخرج لشراء الماء البارد من دكان بعيدة وبثمن مرتفع في أيام الحر الشديد، حيث تصل الحرارة لما يزيد عن 35 درجة، لا ظلَّ يجدي نفعًا ولا هواء بارد في الخارج، ونقوم بوضع الماء في علب فارغة لنستمر برش الماء بشكل متواصل على أنفسنا”.
“تغيرت ألوان وجوهنا وأيادينا بشكل كبير، حصلنا على سُمرةٍ مضاعفة لم نطلبها ولم نرغب بها” هكذا وصفت رشا حروق الشمس التي أصابتهم وأصابت النازحين في غزة نتيجة تعرضهم المستمر لأشعة الشمس لساعاتٍ طويلة في الخيام ما كان لها أُثرٌ على أجسادهم ووجوههم.
فقالت” بدأت آثار حروق الشمس تظهر على بشرتنا، بقعٌ أراها لأول مرة على جبهتي، وبقع بنية تظهر في وجه طفلي الصغير وتنتشر، شيءٌ أجهل ما هيته ولكنه يستمر بالانتشار في وجهه ورأسه”.
تُضاعف أشعة الشمس وحرها من صعوبة كل عملٍ يقوم به أهالي القطاع وتكسبه قساوةً إضافية كصنع الطعام والشراء والتنقل من مكان لأخر فتروي رشا ما تواجهه من تعبٍ عند طبخها للطعام يُطعم عائلتها النازحة وتقول ” طهي الطعام على الحطب في ظل هذا الحر منهكٌ جدًا، أكاد أفقد وعيي أحيانًا من شدة الحر وأنا أقف أمام الموقد، أتصبب عرقًا شديدًا أفقد بها كل سوائل جسدي، لا ماء يصلح للشرب لتعويض النقص كله”
كما أنه ظهرت مؤخراً تحذيرات أممية من انتشارغير مسبوق للأمراض والأوبئة في غزة مثل الكوليرا والزحار والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي قد وصلت لـ 38 درجة مئوية في الآونة الأخيرة وانتشار النفايات الصلبة بشكل كبير.