loading

“بين النحال وغزة وترامب: عدالة انتقائية أم انتقام مبرر؟”

محمود حريبات

كنت في إحدى المجموعات الخاصة بالصحفيين على واتساب عندما تُرجم تهديد ترامب لغزة بالتصعيد والدمار إذا لم يكن هناك حل قريب. وفي ذلك الوقت، ومع إغلاق قناة الجزيرة، لجأت للبحث عن قنوات أخرى عبر التلفزيون التفاعلي، وهي خدمة موجودة في فلسطين بشكل قانوني ولكنها في الواقع انتهاك لحقوق النشر العالمية، حيث تُبث قنوات إعلامية دون اشتراكات مدفوعة. إلا أن الفلسطيني قد يبرر استخدامها بسبب الغلاء الفاحش والظروف الصعبة.

ملاحظة قبل أن نبدأ في هذا المقال هي أن ترامب، ظهر في عدة أفلام وبرامج تلفزيونية كضيف شرف، أشهرها دوره في فيلم “Home Alone 2: Lost in New York” عام 1992، حيث ظهر في مشهد قصير داخل فندق بلازا الذي كان يملكه حينها. كما شارك في أفلام أخرى مثل “Zoolander” عام 2001 و**”The Little Rascals”** عام 1994 و

**”Ghosts Can’t Do It”** عام 1989، وجميعها أدوار قصيرة جسد فيها نفسه. إلى جانب ظهوره السينمائي، حقق شهرة واسعة في التلفزيون من خلال برنامج الواقع “The Apprentice” الذي كان يستضيفه ويقدم فيه نصائح تجارية للمشاركين، مما عزز من صورته الإعلامية. “عنده خبرة”

وأثناء تصفحي لوسائل التواصل الاجتماعي، ظهر أمامي على شبكة تيك توك مقطع من فيلم “النحال” (The Beekeeper) الذي هو من بطولة وإنتاج جيسون ستاثام. تجدر الإشارة إلى أن تيك توك في فلسطين ليس محظورًا، لكنه قد يتم حظره مستقبلاً كما حدث في بعض الدول الأخرى. وبالعودة للفيلم فهو يروي قصة جندي أمريكي سابق يعمل كناحل، وكان يعيش حياة هادئة قبل أن تتسبب شبكة احتيال في انتحار جارته، المرأة ذات البشرة السوداء التي كانت تهتم به وتدعمه. دفعه حزنه الكبير للانتقام بشكل وحشي من الجهة المسؤولة عن النصب، باستخدام مهاراته القتالية والعسكرية السابقة.

تبدأ الأحداث عندما تتعرض الجارة الطيبة المتقاعدة للاحتيال من قبل شبكة تلاعب مالي تدعي تقديم مساعدات عبر الإنترنت، مما يؤدي بها إلى خسارة جميع أموالها. بعد انتحارها المأساوي، يقرر النحال البحث عن المسؤولين والانتقام منهم بطريقة عنيفة وغير مبررة، وبأسلوب بالغ الوحشية، رغم أن القانون لم يكن في صفها. الفيلم يتناول كيف يمكن أن يصبح الانتقام دافعًا للعنف المفرط بعيدًا عن العدالة الحقيقية.

تتطور الأحداث عندما يتم اعتقال النحال على يد ابنة جارته التي تعمل كشرطية، دون إثبات أي دليل واضح ضده، وهو مشهد يعكس ازدواجية العدالة عندما يتم التغاضي عن الحقائق أو تجاهلها لأسباب سياسية أو إعلامية.

هذا المشهد دفعني للتفكير في الموقف الإعلامي الأمريكي والغربي أثناء أحداث السابع من أكتوبر، حين تبنى الإعلام الإسرائيلي والغرب روايات عن اغتصاب النساء وقطع رؤوس الأطفال في إسرائيل، والتي تم نفيها لاحقاً من قبل الإعلام الإسرائيلي نفسه. ومع ذلك، لم يصدر أي اعتذار أو تصحيح من الإعلام الأمريكي أو الرئيس الأمريكي بايدن، مما يكشف عن ازدواجية واضحة في المعايير الإعلامية ليس إلا…. 

يستمر الفيلم بعرض الانتقام الوحشي من النحال ضد الجهة المسؤولة عن الاحتيال، والتي تبين أنها  تعود لابن سياسية بارزة استخدم أموال النصب لتمويل حملتها الانتخابية. ورغم علمها بذلك، تسترت عليه.

في المشهد الأخير، يظهر النحال وهو يهرب نحو البحر دون أن يواجه أي مساءلة قانونية، رغم كل الجرائم التي ارتكبها، مما يثير تساؤلات حول العدالة الانتقائية في المجتمع الأمريكي، حيث قد تمر الوحشية والانتقام دون عقاب، بل وبموافقة ممثلة القانون التي تمثلت في الشرطية ابنة الضحية.

 النحال  ذو البشرة الشقراء  يقتحم الحصون والحشود العسكرية  والتحصنيات والدفاعات الجوية ويصل إلى قصر المسؤولة ويقاوم الجنود النظاميين والمررزتقة، حيث قام ابن المسؤولة بالاستعان في مرتزقة من أجل قتل البطل النحال. فكرة المرتزقة ظهرت في غزة حيث تم استخدام العديد من المرتزقة الجنود في قتل أهل غزة ولكن لم يُعرف للآن عندما يُقتل أحدهم في المعارك كيف يتم الإعلان عنه  أو بأي إطار يتم احتسابه، الأيام القادمة ربما توضح هذا الاستفسار.

هذه النهاية ذكرتني بما يحدث في غزة، حيث يُمارس القتل والتدمير ضد الأطفال والنساء والشيوخ بأسلحة أمريكية دون أي محاسبة للجندي الإسرائيلي. مشاهد العنف في الفيلم لا ينصح الأطفال بمشاهدتها، ومع ذلك فهي لا تقارن بما يعيشه أطفال غزة الذين يعانون من القتل والتدمير والتمزيق بفعل القصف اليومي هم وذويهم. 

وفي تلك المجموعة الصحفية نفسها، وصل خبر هروب جندي من البرازيل بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه، ورغم ذلك تمكن من الوصول للمطار دون مساءلة. فهل سيظل هؤلاء الجناة يفلتون من العقاب مثل بطل الفيلم؟ أم أن لعنة أطفال غزة ستلاحقهم أينما حلوا؟

——

“تمت الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي في إعداد جزء من هذا المقال، مع الالتزام بالمعايير المهنية وأخلاقيات العمل الصحفي.”

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة