loading

اجتماع المجلس المركزي.. اتجاه محدد سلفًا لتعيين حسين الشيخ نائبًا للرئيس

محمد عبد الله

بصورة غير مفاجئة، مضى اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية باستحداث منصب نائب للرئيس، تبعته مصادقة اللجنة التنفيذية للمنظمة على ترشيح الرئيس عباس بتعيين حسين الشيخ نائبًا له، ما أثار جدلًا واسعًا حول شرعية انعقاد المجلس وتوقيته بعد غياب طويل، وما نتج عنه من مخرجات، يقول الخبراء إنها كانت استجابة لضغوطات عربية ودولية، وليست بإرادة فلسطينية.

وكانت اللجنة التنفيذية قد صادقت في جلستها المنعقدة يوم السبت على الترشيح المقدم من الرئيس عباس لتعيين حسين الشيخ، نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائب رئيس دولة فلسطين.

والخميس الماضي، قرر المجلس المركزي الفلسطيني، في ختام اجتماعات استمرت يومين ضمن دورته الـ32، استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نائب رئيس دولة فلسطين، وأن يعين من بين أعضاء اللجنة التنفيذية، بترشيح من رئيس اللجنة ومصادقة أعضائها، وله أن يكلفه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته.

ورغم عدم تمثيل حركتي حماس والجهاد الإسلامي في منظمة التحرير، ومقاطعة الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية، وما تبعه من انسحاب وتحفظ الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، إلا أن اجتماع المجلس المركزي مضى بصورة طبيعية، وقرر في بيانه الختامي توجيه اللجنة التنفيذية لإطلاق حوار وطني جامع مع كل القوى الفلسطينية للوصول إلى وفاق وطني.

وفيما يشكك خبراء وقيادات فصائلية بنوايا انعقاد المجلس، مؤكدين أن الهدف كان استحداث منصب نائب الرئيس المحدد سلفاً لحسين الشيخ، بعيدًا عن العناوين العريضة المعلنة لانعقاد المجلس بشأن وقف حرب الإبادة ومواجهة مخططات التهجير، يؤكد المتحدث باسم حركة فتح، منذر الحايك، على أهمية انعقاد المجلس المركزي في هذه المرحلة الحساسة، قائلاً إن “له أهمية قصوى”.

وفي حوار خاص مع “بالغراف”، قال الحايك إن هناك قرارات واضحة صدرت عن المجلس المركزي تتعلق باستحداث نائب للرئيس، حيث تحدث الرئيس أبو مازن عن أهمية استمرار القيادة في عملها في حال حدوث أي طارئ، إضافة إلى أهمية وقف الحرب على قطاع غزة، والبحث عن مخرج، والذي للأسف الشديد حتى اللحظة غير موجود.

تغييرات غير نظامية وتفاقم الانقسامات

في المقابل، يقول المحلل السياسي وعضو المجلس الوطني السابق، نهاد أبو غوش، إن المجلس المركزي انعقد في ظل خلافات جدية ومقاطعة وتشكيك بالأسباب الحقيقية لاستدعائه بعد هذه الفترة الطويلة، خصوصًا بعد غيابه منذ ثلاث سنوات وطوال الحرب على غزة المستمرة منذ عام ونصف، حيث كان غائبًا تمامًا هو والسلطة والمنظمة عن التأثير في مجرى الأحداث.

وأضاف أبو غوش أن هناك شكوكًا في أن استدعاء المجلس يهدف فقط إلى الاستجابة لضغوط خارجية، أبرزها استحداث منصب نائب للرئيس. 

وكشف أن اجتماع المجلس شهد تغييرات غير نظامية شملت إضافة عدد كبير من الأعضاء، واستبدال بعضهم، وعدم استدعاء آخرين، بالإضافة إلى شطب عضوية بعض الأعضاء بسبب مشاركتهم في مؤتمر الدوحة الأخير، وهو قرار لم يصدر عن محكمة ولا عن هيئات منظمة التحرير.

وأضاف أن ما زاد الطين بلة هو اللهجة الحادة وغير المنفتحة على الآخر الفلسطيني، والتي تمثلت في تركيز النقد على حركة حماس، مما بدا إعفاءً وتبرئة لإسرائيل، ومنحها مزيدًا من الذرائع لهجومها الوحشي على قطاع غزة، وكأن المسؤول الأول عن حرب الإبادة هو حماس، رغم أن الجميع يدرك أن إسرائيل هي من تتوحش وتشن العدوان على غزة والضفة الغربية.

وأشار أبو غوش إلى أن النتائج كانت سلبية لاجتماع المجلس، حيث عمقت الشرخ بين مكونات الشعب الفلسطيني، وأضعفت الهيئة الشرعية لمنظمة التحرير وقراراتها، وبدل أن تكون فرصة لتعزيز المنظمة، أضعفتها بهذا الأداء غير النظامي وغير المنسجم مع مشاعر الناس ووعيها وحرصها على الوحدة الوطنية.

وقال أبو غوش إن مقاطعة المجلس شملت فصائل عديدة ومهمة، بينها حماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية، وانسحاب الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، وبالتالي فإن النتائج خدمت الغاية التي انعقد المجلس من أجلها، وهي تعيين نائب للرئيس، وسارت الأمور باتجاه محدد سلفًا، ومنحت الرئيس سلطة مطلقة في هذا الموضوع.

فتح تدافع عن قرارات المجلس

ورداً على غياب المجلس طوال هذه المدة، قال الحايك إن المجلس المركزي هو الوسيط بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، وإن اجتماعات اللجنة التنفيذية بشكل أسبوعي كانت تحمل رسالة واضحة بأن قيادة المنظمة نشطة ومستمرة.

وتابع الحايك أن الأهم الآن هو السعي لتحقيق الوحدة الوطنية التي تعتبر الضمانة لمواجهة المشاريع التصفوية التي تعصف بالقضية الوطنية، مشيرًا إلى أن عدم الوصول إلى الوحدة يعود إلى غياب مبادرات جادة من حركة حماس منذ 17 عامًا، بينما كانت المبادرات تأتي من حركة فتح أو عبر وساطات الدول.

وأضاف الحايك: “إلى متى سيبقى قرار السلم والحرب بيد فصيل دون علم ومشاركة الشعب الفلسطيني وبقية الفصائل؟”، مشيرًا إلى أن ذلك أدى إلى نتائج عكسية وسلبية.

ورد الحايك على أبو غوش بالقول إن البيان الختامي كلف الرئيس واللجنة التنفيذية ومركزية فتح باستمرار الحوار الوطني، أملاً بتحقيق الوحدة في المستقبل القريب.

أما حول كلمة الرئيس وتحميله حركة حماس المسؤولية ومطالبته لها بتسليم الأسرى والسلاح، قال الحايك إن خطاب الرئيس جاء بعنوان “بلغ السيل الزبى”، مشددًا على أن حماس مطالبة بالخروج من المشهد الحكومي في غزة وسحب الذرائع من أيدي إسرائيل، التي تستغل الوضع لمواصلة حربها.

واستدرك الحايك بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لا يكترث لقضية الأسرى، بل يسعى لقتل الفلسطينيين وفرض مشروع الهجرة من قطاع غزة. وأضاف: “نحن في حركة فتح لا نطالب بتسليم الأسرى دون مقابل، ولم يقل الرئيس ذلك، ولكن علينا اقتناص الفرص لوقف المقتلة، رغم تعنت نتنياهو”.

وبخصوص الاتهامات لحركة فتح بالتفرد والاستجابة لضغوط خارجية في قضية نائب الرئيس، قال الحايك إن فتح لم تتعرض لضغوط، بل كانت تسمع نصائح الدول العربية، وعندما بادرت بترتيب البيت الفلسطيني واستحداث منصب نائب الرئيس لضمان استمرارية القيادة، خرجت بعض الفصائل للمعارضة، وهذا ما تعتبرته فتح ديمقراطية فلسطينية.

وقال الحايك: “نحن ماضون في تمكين القيادة الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني، لأننا لا نريد ترك الأمر للمفاجآت”.

حزب الشعب: الأولوية لمواجهة الإبادة لا التعيينات

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، نافذ عزام، إن الحزب نصح بتأجيل قضية انتخاب نائب للرئيس وإعطاء الأولوية لوضع خطة لمواجهة التحديات السياسية القائمة.

وأضاف في حوار مع “بالغراف” أن الحزب يرى أن أي تعديلات في النظام السياسي الفلسطيني يجب أن ترتبط بالحاجة الوطنية وليس بضغوط خارجية، مشيرًا إلى تقديم الحزب عدة مقترحات لتطوير النظام السياسي الفلسطيني.

وحول انسحاب الحزب من جلسات المجلس، قال عزام إن الحزب طالب بتعليق الجلسات إلى حين استكمال الحوار الوطني والتوافق على خطة وطنية لوقف الإبادة والتهجير في غزة، لكن المجلس مضى في انعقاده حتى جلسته النهائية.

وختم عزام بالقول: “لم نشارك في الجلسات النهائية، ولم نقدم تحفظات على البيان الختامي، لكننا نأمل أن يكون هناك حوار وطني جاد للخروج من هذه الأزمة”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة