loading

مجزرة المخيم: بداية دامية لعامٍ مجهول

هيئة التحرير

ارتكبت اسرائيل مجزرة صباحاً في مخيم جنين، لا ردود على قدر الجريمة، اسرائيليا يترجم الاحتلال نهج حكومته الجديدة، وفلسطينيا طحن ماءٍ مستمر دون نتيجة.

ثلاثون شهيدًا فقط في ٢٦ يوم منذ بداية هذا العام، بينهم ١٩ شهيدًا من جنين بمدينتها ومخيمها وقراها، ١٩ شهيدًا لكل واحد منهم قصته وحلمه وطموحه الذي قتلته رصاصات الاحتلال، في أعلى إحصائية للشهداء تشهدها مدينة جنين منذ اجتياح المدينة عام ٢٠٠٢.

وصعدت قوات الاحتلال من اقتحامها للمدن الفلسطينية موقعة في كل اقتحام لها عددًا من الشهداء والجرحى، ويأتي هذا الاقتحام الكبير لجنين في ظل حكومة الاحتلال الجديدة التي تعتمد في سياساتها على القتل وسفك الدم الفلسطيني، وهو ما بدا واضحاً وجليًا خلال الاقتحام لمخيم جنين صباح اليوم والذي أدى لاستشهاد تسعة مواطنين بينهم سيدة مسنة، إضافة إلى عشرين إصابة.

وحول هذا الاقتحام الكبير لمخيم جنين يقول المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور في حديث ل” بالغراف” أنه لا يمكن فصل هذا الاجتياح وبهذا العمق داخل مخيم جنين وفي وضح النهار عن التغييرات التي تحدث في ” إسرائيل”، مضيفاً أنه لا نراد أن يُفهم وكأنه لم يكن هناك عدوانية ولا وحشية، ولكن كان هناك سقف ونمط والآن من الواضح أن هناك قفزة للأمام وارتفاع في وتيرة التصعيد والهجوم على المقاومة والنية في توجيه ضربات لها”.

وأضاف أن هناك رئيس أركان جديد ووزير دفاع جديد وهناك حكومة جديدة، وكلهم يتبنون أجندة فاشية متطرفة ولذلك يريدون أن يعمقوا من عدوانيتهم وأن يختبروا الحالة الفلسطينية وجهوزيتها والوضع الأمني وحالة غزة وكيف سترد إن كانت سترد فكيف سيكون ردها، إضافة إلى أنهم يريدون أن يمهدوا الأرضية لمشروعهم السياسي المتعلق بالضم الصامت لمناطق ” ج” وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وذلك من خلال إضعاف بؤر المقاومة وتوجيه ضربات شديدة لها.

بدوره يقول الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي في حديث ل” بالغراف” أن الاحتلال يتحدث أن هذا الاقتحام جاء لمنع عملية كان المستهدفون بالهجوم يخططون لها في الداخل، فتم اعتبار هذه الخلية والتي تسمى في  المصطلحات الإسرائيلية ” قنبلة موقوتة” يجب سحب فتيلها، مضيفاً أنه تمت هذه العملية بالطريقة الوحشية والتي قد لا يكون هناك حدث مثلها منذ اجتياح جنين عام ٢٠٠٢، مضيفاً أن هذه العملية مؤشر وقد تستخدم في السياق الإسرائيلي لقياس جس نبض المقاومة في الضفة وغزة، وذلك لتقييم الأمور وارتكاب جريمة مشابهة في نابلس مثلاً طالما أن الأمور لم تتدحرج.

واضاف أن الاحتلال أعلن حالة التأهب في محيط قطاع غزة مع توقع إمكانية إطلاق صواريخ كرد على الجريمة، ولكن في المجمل فالاحتلال قد يستفيد فضلًا عن إيقاعه لعدد من الخسائر في صفوف المقاومين لمنع عملية حسب ما يدعي، فقد يستخدمها لجس نبض توجهات المقاومة في الأراضي المحتلة.

عدد الشهداء المرتفع

وأرجع خلدون البرغوثي عدد الشهداء المرتفع إلى أن هناك حكومة إسرائيلية مستقرة، ففي السابق وتحديداً نتنياهو كون حكوماته غير مستقرة وجرت بها عدة جولات انتخابية فكان يحاول الابتعاد عن التصعيد العسكري سواء بغزة أو الضفة، وذلك لتجنب تأثير ذلك سلبياً على الناخبين والأصوات التي يمكن الحصول عليها، ولكن لديه الآن حكومة مستقرة كون لديها الأغلبية المطلقة بحكم ٦٤ عضو في الكنيست، وفي هذه الحكومة هناك وزراء شديدي التطرف والإرهاب، ورأينا الصهيونية الدينية لم تحصل على وزارة الجيش ولكن حصلت على صلاحيات في وزارة الجيش، وايتمار بن غفير حصل على منصب وزير الأمن القومي وحصل على صلاحيات تتعلق بالأراضي والاستيطان.

وأضاف أن الصهيونية الدينية لديها مشروع استيطاني ضخم وفي نفس الوقت لديها عقلية إجرامية، فايتمار بن غفير معروف بتقديسه مثلاً لمنفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي وهو كان محامي من قتلوا أسرة دوابشة وكان محامي من قتل عائشة الرابي، وهو قادم من حركة “كاخ” المصنفة في “إسرائيل” نفسها على أنها إرهابية، وأسس قوة يهودية لتكون حركة “كاخ” الثانية، فمثل هذا يتعطش للدماء، وفي حملته الانتخابية كان أبرز شعاراته العمل على تغير سياسية إطلاق النار تجاه ملقي الحجارة.

 وشدد البرغوثي على أن هذه الحكومة قد تكون دموية في توجهاتها، وشاهدنا الصدام بين وزارة المالية برئاسة سموتريتش ومعه صلاحيات للتحكم بالإدارة المدنية وما يسمى بالمنسق، واصطدامه مع وزير الجيش غالانت عندما طالب بإزالة البؤرة الاستيطانية قرب نابلس وحينها سموتريتش أصدر تعليماته للإدارة المدنية بعدم إزالتها وحصل صدام بينهما،  فرغبتهم بالصهيونية الدينية بالدموية ورغبتهم بالانتقام من الفلسطينيين قد تكون مؤشر إلى تصعيد ضد الفلسطينيين بشكل كبير، على كافة المستويات سواء تصعيد أمني أو عسكري أو استيطاني وهدم المنازل في المنطقة ” ج”.

فيما يرى منصور  أن عدد الشهداء الكبير هو دلالة على أن هذا الاحتلال وسياسته قائمة على القتل، وأصبح القتل هدفاً بحد ذاته، مضيفاً أن الاستهداف بهدف القتل هو أداة أساسية لإخضاع المقاومة وكسر شوكتها، ونشر حالة من الرعب والخوف لدى الفلسطينيين وتحقيق حالة ردع وهذا هو ما يريده الاحتلال، إضافة إلى إنه من الواضح أن عدم وجود رد وعدم تدفيع الاحتلال هدف سياسي على الأقل، وذلك من خلال خطوات وتحديد العلاقة معه أو التلويح بخطوات معينة يجعله يتمادى، وبات يشعر أن مسألة القتل أصبحت عادية ومنظر مألوف ويمكن المرور عليه دون رد وعقاب.

الإعلام العبري والاقتحام

وحول ما دار في الإعلام العبري فيما يخص هذا الاقتحام أشار عصمت منصور إلى أن الإعلام يكرر بشكل أعمى ما يقوله الجيش، حيث إنهم قالوا إنهم منعوا عملية واستهدفوا خلية خطيرة كانت تريد أن تنفذ عملية في الداخل، وبالتالي هم يبررون في هذه الرواية الأُحادية التي لا يستطيع أحد التحقق منها كونها قائمة على الاستخبارات وعلى معلومات استخباراتية لا يمكن التحقق منها، فهم يسوقونها للعالم ويبررون بها هذه الجريمة.

فيما لفت خلدون البرغوثي أن الإعلام العبري كان يحاول أن يستقي المعلومات من مصادر رسمية اسرائيلية وخاصة العسكرية، إضافة لمتابعته للاعلام الفلسطيني وما يكتب، حيث كثير مما نشره الإعلاميين الإسرائيليين المختصين بالشأن الفلسطيني كان نقلًا عن مصادر فلسطينية،  وخاصة فيما يتعلق بأعداد الشهداء والصور والفيديوهات فكانوا ينقلونها من الإعلام الفلسطيني، مضيفاً أن التغطية كانت لحدث كبير وعملية غير مسبوقة، إضافة إلى توقعات أنه بمثل هذه العملية  إذا سقط عدد كبير من الشهداء فإنه قد تتدحرج إلى تصعيد مع قطاع غزة.

ردة الفعل المحتملة

يرى خلدون البرغوثي أنه من الصعب توقع ردود الأفعال لأنه وبالأخير هذا قرار المقاومة وطريقة ردها فهي تبحث خياراتها، فيصعب توقع ذلك بحيث هل سيذهبوا للتصعيد ومواجهة قد تؤدي إلى تصعيد شامل، أم هل سيكون الرد محدود فمن الصعب تقدير ذلك خاصة وأن الحديث هو عن حكومة جديدة لم تخض تجربة مشابهة في التصعيد سواء في قطاع غزة أو إذا حصل تصعيد في العمليات في الضفة الغربية

فيما أشار عصمت منصور إلى أن لا يمكن تحديد ردة الفعل كون وضع غزة صعب وظروفها صعبة وكذلك وضع الضفة أيضاً، إضافة إلى حالة الانقسام والأجواء الدولية والمناخ العام فكلها عوامل لا تخدم الفلسطينيين، وبالتالي لا أحد يسعه التنبؤ، ولكن ما يحدث يقرب من المواجهة وانفجار الأمور فهناك انسداد في الأفق السياسي، وأيضا هناك مشاريع ضخمة للاستيطان وللهدم في مناطق ” ج”، وأيضاً يوجد استهداف للأقصى وهناك قتل بالجملة فكلها عوامل تقرب من المواجهة، مضيفاً أن ردة الفعل الحالية يصعب التنبؤ بها، ولكن من الواضح أن إسرائيل تتحسب من إمكانية أن يكون هناك تصعيد من غزة ولكنه لا يستطيع الجزم بتحقق ذلك.

توقعات باستمرار التصعيد

وحول استمرار التصعيد من عدمه يؤكد عصمت منصور أنه قائم ومستمر وهو آخذ بالازدياد والاتساع، ويُنتظر أن نشهد مزيد من الاقتحام والقتل، فهذه الحكومة لا تملك سياسة أخرى، فهي لا تتكلم بالسياسة ولا بالتنسيق ولا عن أي أفق، فهي تتحدث بلغه القوة والدم والقتل.

فيما توقع خلدون البرغوثي استمرار التصعيد مشيراً أن هذا ليس فقط لديهم كمحللين ومراقبين فلسطينين، ولكن حتى لدى الخبراء الأمنيين المتقاعدين أو بعض الوزراء في حكومة الاحتلال السابقة الذين حذروا نتنياهو من أن سياسة بن غفير وسموتريتش ومنحهم كل هذه الصلاحيات الأمنية هي تشكل تهديداً خطيراً لأمن إسرائيل، فوزراء في حكومة لابيد السابقة حذروا من أن هذه الأمور،  ففي داخل إسرائيل نفسها هناك قلق كبير من أثر هذه الصلاحيات التي حصلت عليها الصهيونية الدينية على أمن اسرائيل.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة