حلا خلاية
يقول محمد درويش:
بكوب الشراب المرصع باللازورد انتظرها
بصبر الحصان المعد لمنحدرات الجبال انتظرها
بذوق الأمير الرفيع البديع انتظرها
ولا تتعجل فإن أقبلت بعد موعدها فانتظرها
وإن أقبلت قبل موعدها فانتظرها
لم تقبل في موعِدها، أجلت حفلة حنائها كرامةً للشهداء فانتظرها، ذهبت للصالون لوحدها بسبب إغلاقات الاحتلال وانتظرها، غاب عن جلسة التصوير بسبب الحصار فانتظرها، بقيت على الحاجز لمنتصف الليل فانتظرها ولم يؤجل مراسيم الفرح، راسم خطاطبة وعروسه عايدة الخياط، حاول الاحتلال تنغيص فرحتهم بحواجزه وحصاره، فأصروا على إتمامه.
استيقظت صباحاً مبتهجة فرحة ليومها المنتظر، تجهزت وترجلت إلى الصالون لتجهيز نفسها، والساعة الثالثة عصراً انتهت وهاتفت خطيبها لتخبره بأنها جاهزة من أجل جلسة تصوير العروسين، لم تكن تعلم عايدة الخياط من مدينة نابلس أن حواجز الاحتلال ستنغص فرحتها، وأنها ستكون العروس الأولى التي تقوم بجلسة تصوير لوحدها دون العريس لأن حصار الاحتلال وإغلاقه لمدينة نابلس حال دون وصول العروسين واجتماعهما سوياً.
عقب عملية اطلاق النار في حوارة جنوب مدينة نابلس يوم أمس أغلق الاحتلال كافة الحواجز المؤدية لنابلس وقراها وفرض تضييقاً على الأهالي، واحتجز عشرات المركبات لساعات طويلة حتى منتصف الليل.
وكتبت العروس على صفحتها على الفيسبوك اليوم:
اليوم صحيت فرحانة ..مثلي مثل أي عروس بيوم عرسها ..جهزت حالي وطلعت عالصالون رنلي راسم يتطمن علي وحكيتلو كل اشي تمامكان المفروض عال٣ يكون عندنا جلسة تصوير ..وبسبب الأحداث ما قدر راسم يطلع من بيت فوريك عنابلس رنلي وحكالي اتصوري وانبسطتي وما تنكدي ولا تزعلييمكن رن علي اكثر من الف مرة يطمن عن وضعي وحكالي كمان شوي بفتح الحاجز وقبل ما نوصل القاعة بنعيد التصوير عنا بالبلد كنا متأملين انو الحاجز يفتح قبل موعد العرس على ٦ والحاجز ما فتحرجعت عبيتنا ..استقبلت قرايبي .وقررنا نروح عالقاعة انا وامي وخواتي بسس الكل حكالنا رح يفتح الحاجز عال٦وال٦ صارت ٧وضلينا لل١١ عالحاجز بالمناسبة هاي المرة التانية الي بتتأجل مناسبتي .لأن يوم الأربعاء كمان اتجهزت بالصالون وكان المفروض عندي يوم الحنا بقاعة بنابلس وبعد ما صارت الأحداث ..وبعد ما كنت جاهزة ..رفضنا نعمل الحنا احتراما للش.هداءوقررنا نأجلو للسبت … والحمد لله السبت انبسطنا كثير من بعد كل هالأحداث …ومع كل يلي صار ..الشغلة الوحيدة يلي بعرفها اختيار الشخص الصح واحنا بخير وكله بتعوض ان شاء الله
العريس راسم خطاطبة من قرية بيت فوريك في نابلس يروي في حديث لموقع “بالغراف” تفاصيل عرسهم المنتظر:” أغلق الاحتلال الحواجز عقب العملية فأنا بقيت في بلدتي بيت فوريك ولم أستطع الخروج بسبب اغلاق الحاجز، والعروس كذلك بقيت في نابلس ولم تستطع المرور بسبب الإغلاق، وكنت متأمل أن يفتح الحاجز بعد دقائق أو ساعة وهاتفت العروس وأخبرتها بأنني إذا لم أستطع الوصول فسأقوم بجلسة تصوير في البلدة معها”.
بعد انتهاء جلسة التصوير عادت عايدة إلى منزل عائلتها لتخرج منه كما العادات الفلسطينية القديمة، واتفق خطاطبة مع عروسه أن يأتي أهلها وعائلتها إلى منزلهم ليودعوها وأن تأتي برفقة شقيقاتها ووالدتها ووالدها إلى بيت فوريك لإتمام مراسم الزفاف بسبب الإغلاقات الحاصلة.
تنازلات كثيرة قدمها العروسين، أولهما كانت جلسة تصوير بدون عريس كونه كان عالقاً في بلدته لإغلاق الحاجز، والتنازل الآخر كان أن يأتي للعرس عائلتها من الدرجة الأولى، وأصبحت الساعة السادسة ونصف وهم على أمل أن يفتح الحاجز ولكن سياسات الاحتلال كانت اقوى من آمالهم، فشاء القدر أن يكون ابن عم خطاطبة متواجد في نابلس بسبب الحصار فهو أيضاً لم يستطع العودة لبلدته بسبب الحصار، فذهب كما هو كونه كان عائداً من عمله وأخذ العروس بمركبته على أساس أن تدخل العروس فهم لم يكونوا متوقعين بأن تتوقف العروس لساعات طويلة على الحاجز.
ويكمل خطاطبة:” أصبحت السابعة والنصف مساء ولم يفتح الحاجز بعد، فطلبت من القاعة أن تشعل أضويتها وأن تشغل الموسيقى من أجل مواساة المعازيم وإكمال الفرح المنتظر، فكان أملهم الوحيد كلمة “ممكن” عل الاحتلال يفتح الحاجز وتستمر المراسم المنتظرة، أو علها تحصل معجزة ليبدأ اليوم المخطط له”.
وعلى الرغم من حصولهم على استثناء لدخول العروس الساعة التاسعة والنصف مساء بعد عناء وانتظار، إلا أن احتجاز الاحتلال لمئات المركبات على حاجز ببت فوريك حال دون وصول العروس للحاجز بفعل الأزمة الخانقة الحاصلة بفعل الحصار، فالمركبات لا تستطيع التقدم ولا العودة للوراء.
“ولدتُ على عجلة من أمري، تقدمت في الرشد سريعاً، التهمت سنين دراستي مثل جائع قديم، فاتني اغلب الفرح عشت خمسة عجاف بعد رحيل امي .. عجافا بما تحويه الكلمة من معنى .. والآن أحبك بسرعة خيالية، دائماً كنت أخاف أن يفوتني شيء ماوالآن أخاف أن تفوتني الأشياء كلها معك.”شاء الله أن يبارك زواجنا الكل الفلسطيني ..في انتظار فتح الحاجز ..ورح اجي اجيبك لتنوري البيت يا قمري الساعة الواحدة بعد منتصف الليل … الا لعنة الله على الاحتلال
منشور العريس على صفحته على الفيسبوك
ويكمل خطاطبة:” أصبحت الساعة العاشرة والنصف مساء وهاتفت عايدة وأخبرتها بالعودة للمنزل ولكنها رفضت لأننا كنا قد أجلنا حفل الحنة من يوم الأربعاء إلى يوم السبت بسبب أحداث نابلس وتضامناً مع أهالي الشهداء، وعادت العروس للمنزل بعد انتظار ساعات طويلة على الحاجز، الساعة الواحدة ونصف بعد منتصف الليل فتح حاجز بيت فوريك، وذهب خطاطبة لأخذ عروسته لإتمام الزفاف الذي أعاقته مراسم الاحتلال، فكانت لا زالت عايدة ترتدي بدلتها البيضاء وتنتظر، وكانت عايدة صامدة ولم تتأثر نفسيتها فهذا احتلال وكل شيء متوقع”.
لم يكن هذا التأجيل هو الأول، والسبب واحد الاحتلال، فيوم الأربعاء كان من المقرر أن تكون حفل حناء العروس عايدة ولكن بعد قيام الاحتلال بمجزرة وسقوط أحد عشر شهيداً، فتقرر الغاء حفل الحناء ونقله ليوم آخر، وعن ذلك تقول خبيرة التجميل بانا زلابية في حديث لموقع “بالغراف” :” كنت قد انتهيت من مكياج العروس في الصالون وبعد ذلك جاء خبر المجزرة، فبدأت بلبس ثوب الحناء، وما أن انتهت إلا جاءها اتصال تم الغاء الحفل وذلك تضامناً مع أهالي الشهداء، والتغت كافة الحفلات يومها في نابلس، وأخبروها أنهم سيقيمون حفلة صغيرة في المنزل، وأحضروا لها فستاناً عادياً وخلعت ثوب الحنة، وبكت كثيراً يومها، ووعدتها أن أعوضها يوم العرس، ولم نكن نعلم ماذا سيحصل”.
وتكمل زلابية:” جاء يوم العرس الأحد وكانت العروس موجودة، ما أنهيت اللواتي قبلها وحين جاء دورها جاء خبر العملية، خافت العروس وتوترت وكانت تخاف من اغلاق الطرق، كون العريس من بلدة بيت فوريك وهي من نابلس، وأنها هي وعائلتها ستذهب لبيت فوريك، قلت لها سأبدأ ولكن اخبرتها بأن تبكي وبكت كثيراً وأجهشت في البكاء، واثناء عملي جاءها اتصال من العريس يخبرها أنه لا يستطيع القدوم لجلسة التصوير، أخبرتني أن حلمها كان أن تنزل عن الدرج في الفيلا في الصالون وأن يأتي العريس يستلمها، ولكن شاءت الاقدار أن والدها يستلمها.
مشهد مؤثر للمرة الأولى في الصالون أن القادم لأخذ العروس ورؤيتها أولاً هو والدها وليس عريسها، تقول بانا دهشة وصدمة ومشهد صعب جداً وكنا كل الطاقم في الصالون نبكي.
ويبين خطاطبة أن العرس اكتمل ولكن بطريقة أخرى فشقيقاته وأقاربه جاؤوا إلى منزله في منتصف الليل واستيقظوا من نومهم وأقاموا زفة صغيرة واستمروا رغم تنغيص الاحتلال، فالفلسطينيين يغزلون الفرح من رحم الألم والمعاناة، ويقول سنبقى صابرين وفدا الوطن ما حصل.
ياجماعة احنا مصيبتنا كانت أقل بكثير من مصائب غيرنا ..في ناس انحرقت دورهم… وبنات جامعة لل٢ لحتى قدرو يدخلو بيوتهم ومرضى لولا شوي توفو على الحواجز ..وكثير كثير قصص بتشكر كل حد اتواصل معنا وعرض علينا عرس أو قاعة أو وأو الخيلي صار فينا بسبب الاحتلال .. صدقوني لو بدنا نأجل العرس قادرين نأجلو والشغلة مش كسب ياجماعة شكرا الكم كثير …الحمد لله ..ربنا هدى بالنا .. وأي حد اتواصل معي ليعرض علي عرض ..في منازل بحوارة ..أصحاب سيارات … ناس معتازين العرض عنجد اولى فيه …وطبعا انا رح اعوض العروس بجلسة تصوير ما صارت ..وبشهر عسل ويسعدكم كلكم …
منشور العريس بعد وصول العروس وعدم تأجيل العرس