هيئة التحرير
في عملية عسكرية في مخيم جنين استمرت ساعات طويلة، اقتحمت قوات الاحتلال المخيم للاعتقال، إلا أنه كان هناك ردة فعل مختلفة من الشبان حيث قاموا بتفجير عبوة ناسفة في مركبة تسمى ” الفهد” وهي مركبة عسكرية مصفحة وأدى هذا الحدث إلى استخدام الاحتلال للطائرات لتخليص جنوده، كما أسفر العدوان عن ارتقاء خمسة شهداء وأكثر من تسعين إصابة.
وحول ذلك يقول الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان أن ما جرى في مخيم جنين هو شيء مختلف عن كافة المرات السابقة، وذلك بسبب أن جيش الاحتلال اقتحم لتنفيذ عملية اعتقال، وخلال عملية انسحابه كانت ردة فعل المقاومة قوية حيث قاموا باستخدام عبوة ناسفة قُدِرَ حجمها بحسب المصادر العسكرية الإسرائيلية ب٤٠ كغم، إضافة إلى إطلاق نار كثيف ما أدى إلى تعطل خمس مركبات إسرائيلية من بينها مركبة تدعى ” النمر” وهي مركبة عسكرية جديدة، مضيفاً أن هذا الأمر يمكن اعتباره أنه شكّل نقلة نوعية في قُدرات المقاومة في مخيم جنين في مواجهة الاحتلال.
وأضاف أبو علان أن الاحتلال أدرك أن عمليات اقتحام مخيم جنين وعمليات الاقتحام بالضفة المحتلة لم تعد “نزهة” وعملية قصيرة، وذلك بأن يقوم بما يشاء من اغتيال واعتقال ويخرج منها، فما جرى في مخيم جنين اليوم أتى ما يُثبت للاحتلال أن المقاومة تزداد قوة وشراسة وأضحى لديها تطور في نوعية عملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، مبينًا أن ذلك ليس فقط الشواهد التي تُشير لهذا بالموضوع، إنما أيضاً باعتراف إسرائيلي رسمي بتغير الأمور في مخيم جنين، حيث مصدر عسكري اسرائيلي في قيادة المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال قال ” تغيرت قواعد اللعبة من الآن وصاعدًا في مخيم جنين”.
من جانبه يقول المختص بالشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب في حديث ل” بالغراف” أن جيش الاحتلال لديه استراتيجية ثابتة تَكمُن في تنفيذ عمليات بوتيرة دائمة تستهدف النشطاء داخل المخيم، حيث في الآونة الأخيرة هناك تكثيف للهجمات التي تهدف إلى اعتقال واغتيال النشطاء الفلسطينيين، الذين يتهمهم الاحتلال بالتخطيط لتنفيذ هجمات تستهدف جنود الاحتلال ومستوطنيه.
وأكد أبو عرقوب أن ما حدث أنه كان هناك عملية اعتقال نفذتها وحدة من المستعربين وأثناء الانسحاب تعرضت هذه الوحدة والقوات المرافقة لها لكمين مُحكم نفذه الشبان استخدموا خلاله تفجير عدة عبوات ناسفة، إحداها فتكت في دبابة إسرائيلية من طراز ” الفهد” وألحقت أضرارًا جسيمة بها، إضافة إلى إصابة الجنود الذين كانت تَقِلُهم بجراح طفيفة وأحدهم خطيرة، وبلغ إجمالي الدبابات التي نجح الشبان بعِطبِها سبع دبابات وهذا رقم كبير نسبيًا.
النمر صارت أرنبا
ومركبة النمر أو الفهد التي جرى استهدافها اليوم في مخيم جنين هي مركبة عسكرية مصفحة داخلياً وخارجياً، وهي حديثة الاستخدام في جيش الاحتلال، صُممِت لضمان النقل الآمن لجنود الاحتلال، وهي مضادة للحجارة والمولتوف والرصاص والقذائف، وبها خمسة مخارج طوارئ.
ويقول أبو علان حول ذلك أن اللافت للنظر أنه تم تفجير العبوة في أسفل المركبة بمعنى أن المتفجرات لم تُلقى على المركبة وإنما كانت موضوعة سلفًا وتم تفجيرها بأسفل المركبة، وهذا يعني أنه من ضمن تطور قدرات المقاومة أنها باتت على مقدرة لمعرفة نقاط ضَعف المركبات العسكرية المصفحة والمحمية بشكل كبير التي تدخل لمخيم جنين وغيرها من المخيمات، مبينًا أن هذا كان بالنسبة للاحتلال ضوء أحمر أمام كل المستوى العسكري الإسرائيلي.
وأشار أبو علان إلى أن مصادر عسكرية قالت إن استخدام مثل هذه العبوة في مخيم جنين أمر خطير ومتطرف جدًا حسب تعبيرهم، وأن هذه العبوات كان يستخدمها حزب الله في جنوب لبنان، لافتاً إلى أن كافة هذه الشواهد مجتمعة والمعطيات على الأرض وتصريحات الاحتلال التي كان من ضمنها دعوة سموتريتش لاجتماع الكابينت وتنفيذ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة فكل هذا يؤشر إلى مرحلة جديدة برزت في مخيم جنين.
وشدد أبو علان أن هناك شيء يمكن تسميته بالفشل العملياتي الاستخباري لجيش الاحتلال لأنه لم يعد قادر على تقدير ومعرفة مستوى وتطور قوة المقاومة المحاصرة أصلاً في مخيمات جنين وطولكرم والبلدة القديمة في نابلس، فهو لم يعد قادر حتى على تقدير مدى تطور قدرات هذه الكتائب المسلحة في جنين ونابلس والمخيمات، فهذا يضاف للفشل العملياتي والفشل الاستخباراتي لجيش الاحتلال الشاباك .
وحول استخدام الطائرات في هذه العملية العسكرية أكد أبو عرقوب أن الاحتلال استخدم طائرات الآباتشي لتقديم الغِطاء الناري للقوات المحاصرة أثناء إخلاء الجرحى من جنود الاحتلال، مبينًا أن هذه الاحتلال فهمها بأن المقاومة في مخيم جنين رفعت كفاءتها النارية وقدراتها على تصنيع عبوات فتاكة، إلى جانب أن المقاومة بات لديها القدرة على إدارة النيران وضرب حصار ناري على القوة التي تعطلت وإدامة هذا الحصار الناري، والذي اضطر الاحتلال لكسره من خلال لجوئه لاستخدام الطيران، وهذه خطوة لم يلجأ إليها الاحتلال منذ سنوات طويلة جدًا في الضفة الغربية .
بدوره يؤكد أبو علان أن جيش الاحتلال استخدم المروحية التي قامت بإطلاق النار على المسلحين وذلك لإبعادهم عن المعركة وقامت بإطلاق ما يسمى ب ” الشعلات الحرارية” لتجنب احتمال إطلاق صواريخ على المروحية، مُضيفًا أنه كان هناك حديث عند بعض وسائل الإعلام عن حركة لطائرات ال اف 16 في شمال الضفة، مبينًا أنه يعتقد أن هذه الحركة كانت من أجل تدريب عسكري بدأ في شمال فلسطين ويستمر للأربعاء.
وبين أبو علان أن هذه الحركة للطائرات باعتقاده مرتبط بهذا التدريب، مستبعدًا استخدام الاحتلال لمثل هذه الطائرات في جنين اليوم، ولكن تم استخدام المروحية من أجل إبعاد المسلحين عن منطقة الاشتباك، إضافة إلى أن الاحتلال أراد أن يوفر دعم جوي لعمليته العسكرية وتخليص جنوده وإخراجهم، فهي كانت من أجل خدمة الجنود وتخليصهم من الحصار الذي ربما كانوا يخضعون له، موضحًا أن آخر مرة استخدم فيها الطائرات المروحية كانت في الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٢، حيث من عشرين عامًا لم يتم استخدام المروحيات في عمليات القصف في الضفة الغربية.
وحول نتائج هذه العملية لفت أبو علان إلى أن ما جرى اليوم في جنين لربما سيجعل الاحتلال يفكر مليًا قبل اقتحامه للمخيمات الفلسطينية، إضافة إلى أن ما جرى اليوم قد يساهم في يعجل في تنفيذ عملية لربما أكبر في شمال الضفة
من جانبه يرى أبو عرقوب أن نتائج هذه العملية يجري استثمارها لدى الاحتلال في السجال الداخلي في اسرائيل للتحريض على عملية وعدوان موسع يهدف لمسك الأرض لساعات طويلة، تشارك به قوات كبيرة ومشتركة من سلاح الطيران والاستخبارات وقوات النخبة الميدانية وذلك بهدف ضرب قدرات الفصائل الفلسطينية في منطقة جنين وإعادتها لمرحلة الصفر، مبينًا أن هذا خيار مطروح وجيش الاحتلال يستعد له منذ فترة وبانتظار تعليمات المستوى السياسي الإسرائيلي.